عدن في الأعوام 1942-1944م

> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:

>
عدن في الأعوام 1942-1944م
عدن في الأعوام 1942-1944م
هذه عودة أخرى للتاريخ الاجتماعي لعدن في فترة الحرب العالمية الثانية «1939-1945» نتعرف على جوانب جديدة من العلاقات بين الناس وأهمية الحالة الاقتصادية في ذلك الزمن. وهذا الجانب من تاريخ عدن يساعدنا في قراءة هوية هذه المدينة التي تعددت فيها الاجناس وتعاقبت عليها الأحداث وغير هذا يأتي البعد النفسي عند الأفراد الذي جعل منهم أقرب إلى الأسرة الواحدة، وتلك صفة لا توجد في مجتمع إلا وكانت فيه السكينة الروحية المرتكز الأول في قيام مثل تلك الصِلات. وهذه المادة الصحفية القائمة على المعلومات التاريخية هي قراءة لتلك الحقبة ومحاولة لمعرفة عدن في زمن لم يبق منه غير كلمات على الورق.

ميزانية حكومة عدن
في هذه الفترة كان حاكم عدن هو السير هاتورن هول «1940-1944»، وعدن ما بين الحرب العالمية الأولى «1914-1918» والثانية مازال الكثير من أحداثها غير معروفة عند القارئ وفي سنوات الحرب العالمية الثانية كانت صحيفة «فتاة الجزيرة» هي المصدر العربي الذي دوّن لأحداث عدن وحفظ لنا من المعارف ما يعد ذاكرة عدن لتلك الحقبة، وفي تاريخ 9 أغسطس عام 1942م الموافق 26 رجب 1361هـ العدد 133 السنة الثالثة، نشر في الصفحة الأولى مادة عن ميزانية حكومة عدن وهي تدخل في إطار القراءة الاقتصادية والاجتماعية لوضع مستعمرة عدن وحركة التطور فيها، وقد جاء في المادة: «لا بد أن يكون القراء قد اطلعوا على ما نشرناه في العدد السابق من أرقام مالية عدن ولا بد أن يكونوا قد أدركوا أنها أرقام تقديرية ولا بد أن يكونوا قد تساءلوا عما تنوي الحكومة أن تعمله بالفائض الضخم وهو كما يبدو لأول وهلة مبلغ يقرب من المليون روبية. ونحن قد اتصلنا بمدير المالية وأطلعنا على المصروفات الكبيرة التي على الحكومة أن تقوم بتسديدها من هذا الفائض المشار إليه على فرض أن لا ينقص هذا التقدير لهذا العام، وقد وجدنا أن الحرب التي تبيد الزرع وتهلك الضرع تتطلب قيام الحكومة بصرف مبالغ طائلة للاحتياطات من الغارات الجوية ولمشترى أسلحة عدة للحرس الوطني، وقد صرفت مائة ألف روبية على مطرح الفيوش وخصصت من ميزانية هذا العام مبلغ 43334 روبية لعمارة الطريق الجديدة إلى الشيخ عثمان.

وليس بخاف ما توجبه الظروف من المصاريف لتأمين إعادة الأوراق المالية القديمة إلى الهند مثلاً، وقد أصبحت أجرة التأمين 10% بسبب الحرب وليس بخاف اهتمام الحكومة في جمع كمية احتياطية من الفحم هذا إذا ما أجبرت حكومة عدن على دفعه ويقدر بمأتي ألف روبية لنقل اللاجئين من عدن إلى الهند في عام 1940م، وهي لم تسترجع سوى 10 ألف روبية فقط من كل ماقد صرفته في هذا السبيل.

وبعد أن تدفع هذه المبالغ الجسيمة ومنها 75.000 روبية كانت حكومة عدن طلبتها من حكومة لندن كمساعدة لتجنيد عدد كبير من رجال البوليس، ثم تنازلت عن طلبها هذا فإن الفائض وقد يكون مئتي ألف روبية سيضاف إلى مبلغ 600.000 روبية. قبل صاحب السعادة حاكم عدن العام السير هاتورن هول في السنة الماضية أن يخصص لبناء مستشفى واسع يضم مرضى الأهالي والاوروبيين من عدن والتواهي وبقية أجزاء عدن على السواء مزود بأحدث الوسائل الطبية وأدوات الجراحة والتطبيب وإنه قد قدر لبناء هذا المستشفى العظيم ما لا يقل عن مليون وثلاثمائة ألف روبية، وقد رحبنا بهذه الفكرة وحبذنا هذا القرار وإنا لنشكر صاحب السعادة السر هاتورن هول على اعتنائه بخير البلاد وصالح أهلها.

وهذا بعد أن دفعت إدارة المالية مبلغ 666.666 روبية مقابل ما اقترضته لمد أسلاك التلفون الاوتوماتيكي، وجميل كل هذه التحسينات كبيرها وصغيرها حتى تعيين معلمة براتب قدره 300-200 روبية شهرياً لتدريب المعلمات، فإن فيه دليلاً على بر صاحب السعادة الحاكم العام بوعده في رفع شأن تعليم البنات يوم افتتاح مدرسة الشيخ عثمان».

إسهامات المرأة العدنية
لم تكن المرأة العدنية بعيدة عن أحداث مجتمعها في ذلك الوقت، بل أسهمت في بعض المجالات ومن مستوى مساحة الحرية التي كانت تقف عليها ودرجة التفاعل مع الحياة والناس في هذا الجانب، ففي تاريخ 15 فبراير 1942 الموافق 29 محرم 1361هأ العدد 108 من «فتاة الجزيرة»، يكتب الطبيب العام في عدن عن الوظائف الشاغرة لتدريب نساء في مجال التمريض ورعاية الطفل والتوليد، وكانت فترة التدريب أربع سنوات تتسلم خلالها المتعلمات رواتب 25 روبية شهرياً مع زيادة خمس روبيات سنوياً إلى 45 روبية، وتقدم لهن منازل مستوردة مجاناً مع الكهرباء والماء وعلاوة شهرية مع خدمات طباخة خاصة، وكان من المقرر تعيين الناجحات من أعضاء طاقم العمل في المستشفى الأهلي ومستشفى التوليد أو عيادة سعادة الأطفال براتب 50 روبية وزيادة خمس روبيات سنوياً، وكانت من شروط التقدم في هذا العمل للبنات أن يكن قد تعلمن حتى الصف الرابع وأن تكون أعمارهن بين 16 و20 سنة.

في تاريخ 11 ديسمبر عام 1941م أسست في عدن جمعية الصليب الأحمر لنساء عدن المصونات، وكانت تحت إشراف السيدة انجرامس وقد وصل عدد العضوات فيها حتى عام 1942م (30) امرأة يجتمعن في مدرسة البنات الحكومية لخياطة الاربطة وغيرها من الضروريات لجرحى الحرب، وكان ترأس هذه الجمعية عام 1942م عقيلة المستر عناية الله شاه والسكرتيرة السيدة ريني وبمساعدة السيدة انجرامس، جمعن قطعا كثيرة من القماش والنقود من أجل القيام بمشروعهن الخيري وكان قد تبرع عدد من الناس ببعض ما يلزم للجمعية من القماش وهم :

1- عقيلة الشيخ علي محمد بازرعة 45 طاقة قماش وماكنة خياطة.

2- الشيخ خالد عبداللطيف 32 طاقة قماش.

3- الشيخ عبدالرحمن بازرعة 23 طاقة قماش.

وكانت في تلك الأيام تستخدم بين الناس في عدن كلمة «بز» بدلاً عن قماش.

كما تبرع آخرون بعدد من طاقات البز وبعض النقود، كذلك تبرع الشيخ عبدالواحد محمد الحاج بمبلغ وقدره 100 روبية ، وتبرع الحاج زكريا محمد بمبلغ وقدره 50 روبية، أما اليهود لم تصل منهم أية تبرعات تذكر سوى 10 طاقات بز وهي من التاجر مناحم يعقوب شبتاي وبعد ذلك شارك عدد آخر من سكان عدن في التبرعات لجمعية نساء عدن لمساعدة الصليب الأحمر، وقد انتخبت رئيسة لهذه الجمعية في تاريخ 22 فبراير 1942م، كما ذكرت صحيفة فتاة الجزيرة في عددها 109 السيدة زهرة عنايات، وقد تبرع لها كل من : محمود فكري طاقة مريكان، باعبيد اليمني طاقة مريكان، السيد محسن الصافي طاقة شاش أبيض، السيد عبدالله بن احمد الصافي 2 طاقة شاش، واسنجي لالجي طاقة شاش، وجعفر مرزا طاقة شاش، سعيد عمر باعقيل 10 طاقات شاش مع 2 كنابل، الشيخ سعيد بازرعة 2 طاقة شاش، محمد عمر جرجرة 2 طاقة محمودي، السيد حسين الصافي 2 طاقة مريكان، أحمد سعيد عمودي وعبودي عبدالرحمن عمودي 10 طاقات مريكان مع 6 كنابل ، أحمد باسويد وعبدالله باحكيم ومحمد باجنيد 4 طاقات مريكان مع 3 طاقات شاش، سالم محمد باشنفر 3 طاقات شاش وعمر وعبدالله باشنفر 5 طاقات شاش.

وكان هناك بعض من تبرع بتقديم المال لهذه الجمعية وهم : مسز هليري 5 روبيات، بربمجي 5 روبيات، الشيخ صالح بارحيم 20 روبية، عبدالله البدوي 5 روبيات، صالح علي حاجب 5 روبيات، الشيخ مكرد محمد 5 روبيات، محمد عبدالقوي روبيتان، والسيدة عقيلة المستر حق 20 روبية، كما تبرع يهود عدن ووصلت تبرعاتهم بواسطة شوعة بنين بلغت 210 ياردة ونصف اليادرة من القماش.

حسابات بلدية عدن
في العدد 119 من فتاة الجزيرة الصادر بتاريخ 2 مايو 1942م الموافق 17 ربيع ثاني 1361هـ تقول الصحيفة إن بلدية عدن انهت حساباتها السنوية لعام 1940-1941م وذهب مندوبها لفحصها ودراستها وقد وجد ما يلي من خلاصة لهذه الحسابات: (انظر الجدول)

إصلاح الطرقات
في العدد 108 من «فتاة الجزيرة» نشرت هذه المادة الصحفية التي جاء فيها : «منعا للاصطدامات التي تحدث أحيانا في عدن نلفت أنظار إدارة البوليس الى فكرة نعرضها عليها وهي أن تجعل الجسر الذي بجانب السجن للسيارات الداخلة الى عدن من التواهي (IN)والجسر الذي بجانب البوسطة للسيارات الخارجة الى التواهي من عدن (OUT) ونستلفت انظار بلدية عدن وإدارة البوليس الى كثرة الباعة الذين قد احتلوا احتلالا دائما الطرقات الجانبية Foothahts في مدينة عدن ومنعوا السير عليها وأجبروا الناس على السير فوق الطريق والتعرض للاصطدام بالسيارات ونرجو أن تمنع النوم على هذه الطرق الجانبية».

الهنود في عدن
تقدم لنا صحيفة «فتاة الجزيرة» العدد 210 الصادر بتاريخ 27 فبراير 1944م الموافق 2 ربيع ثاني 1363هـ مادة تاريخية موجزة عن الجالية الهندية المسلمة في عدن، والتي وصل عدد أفرادها إلى 6000 شخص وكان لهم في عدن والتواهي مدرستان لتعليم اللغة الاوردية وكان قد أدرك رجال هذه الجالية وجوب العمل بهمة لمجاراة الزمن، وكانت قد عقدت هيئة المدرسة الاسلامية والتي كانت اقامتها في الميدان وراء محطة سيارات البس المرحومة شيرين باي من آل لالجي احتفالاً وجهت الدعوة فيه لأعيان الهنود وفيهم البهرة والكشوش وغيرهم وكان قد ترأس الحفل الشيخ محمد عبدالله المحامي وبعد افتتاح الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم، قال الشيخ عبدالله المحامي :«إن حالة تعليم الاردو في عدن متأخرة كثيراً وأهاب بإخوانه أن ينشطوا لرفع منار العلم والمعرفة والتكاتف على تحقيق هذه الغاية النبيلة».

وكان السيد سليمان غازي، سكرتير المدرسة قد قرأ تقريراً ذكر فيه أن الجمعية قد تمكنت من جمع 6000 روبية في الأيام الأخيرة من تلك الفترة الزمنية لرفع مستوى تعليم الأردو ولإدخال اللغة الانجليزية ايضا في برامج التعليم. وكان الاعضاء قد تداولوا الحديث حول التعليم في هذه المدارس وتقرر جلب معلمين أحدهما يحمل شهادة البكالوريا والثاني من حملة شهادة السنة الاولى الجامعية لتدريس اللغة الانجليزية، وأن يكتب السكرتير الى الاستاذ عطا حسين والذي جاء الى عدن عام 1921م ليشغل منصب ناظر للمعارف لينتخب متعلمين يليقان بهذا العمل، وكانت مدار البحث خطة لتعليم اللغة الانجليزية وضعها الاستاذان احمد علي سلطان علي ومحمد نزير تضمن تخرج الطلاب من المدرسة الثالثة ثانوي والالتحاق بالمدرسة الحكومية، بعد ذلك على أن يكون التعليم بطريقة المنهج المباشر وبعد إتمام تلك القرارات تبرع المدعوون بمبلغ من المال قدره 4000 روبية و120 روبية شهرياً.

أخبار محلية
تحت هذا العنوان نشرت صحيفة «فتاة الجزيرة» السنة الثالثة العدد 104 بتاريخ 18 يناير 1942م الموافق أول محرم 1361هـ عدة مواضيع تقدم لنا صورة من الجانب الاجتماعي للحياة في عدن، وهي وإن قدمت بصيغة الخبر في زمانها فهي في الوقت الحاضر تعد مرجعية لتلك الأيام من تاريخ عدن.كتبت لنا إدارة الأمن العام بعدن تقول إنه في 6 يناير 1942هـ فتشت الزعيمة السهالة ناخوذة نصيب جمعان وكانت على أهبة السفر إلى عصب، فوجد على ظهرها 7 طرود بز مجنس مخفية تحت بضائع أخرى منوعة فحوكم المتهم نصيب جمعان تحت قانون مراقبة التموينات المدنية وغرمته المحكمة 200 روبية أو شهرين حبس مع الأشغال الشاقة وصودرت الطرود بأمر حاكم محكمة قسم التواهي. وكان قبل ذلك يوم 1/1/1942م أن فتش مدير بوليس المعلا السمبوقين فتح الخير وعطية الرحمن، فوجد على ظهريهما 77 صفيحة سيجارة 36 على ظهر الأولى و41 على الثانية مخفية للتهريب، فحاكمت المحكمة الناخوذة علي بن علي والناخوذة قاسم خمجان تحت القانون المشار إليه وغرمتهما 200 روبية كل واحد وصادرت السيجارة. أقامت مدرسة القديس يوسف في عدن تحت رئاسة القسيس دومنيك المحترم حفلتها السنوية ودعت الأستاذ لقمان ليرأس هذه الحفلة، فأجاب وكانت حفلة طيبة وفي المدرسة 200 طالب من أبناء العدنيين عرب وهنود وصومال وغيرهم.

طلبت هيئة إدارة المعهد البريطاني بعدن من الأستاذ لقمان أن يلقي محاضرة عن حياة المستر شرشل فقام الأستاذ وألقى المحاضرة التي استغرقت ساعة و20 دقيقة، شرح فيها حياة هذا السياسي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى