> هذه الكلمة الإنجليزية، أصبحت تستخدم للدلالة على «النوع الاجتماعي» أو الجنوسة وتمييزاً له عن النوع البايولوجي، وقد دخل المجال التداولي لأول مرة على يد ج. روبن (1975) وكان الاختلاف على المصطلح الجديد قوياً في الثمانينات، ووظفته الحركة الأنثوية في ذلك الوقت ليكون تطويراً لمنطلقات الحركة، مقدمة بذلك تغييراً جوهرياً في نظرية النوع، فأصبح الآن تأكيداً على التركيب النوعي المختلف، والوظيفة البايولوجية للجهاز العضوي بأسره، أي في المستويات الكرومسومية، والكيماوية (الهرمونات) وبنية الهيئة التشريحية عند المرأة والرجل، الذي يرتبط في المقام الأول بالأنماط الثقافية، أكثر من ارتباطه بالقوانين الطبيعية البايولوجية تاه بالأنماط الجندرية، النوعية وتوصيفها القيمي في وسط اجتماعي معين، وفي مرحلة تاريخية معينة. وهذه الأنماط الثقافية ليست إلا وعياً بالدور الاجتماعي - الجنسي، الذي يعبر عنه بمفهومات الرجولة، أو العضلية، والأنوثة، أو الأنثوية. وتندرج الأنماط الجندرية في الوعي منذ الطفولة، في مسار إضفاء الطابع الاجتماعي على القيم السائدة في الوسط الثقافي، عن السلوك القويم، وتوزيع الكفايات، والالتزامات.. الخ. إن التربية التقليدية وفقاً لهذا التصور جنسية، تتخذ لها من التراتب الأساسي للأدوار الجنسية في المجتمع دليلاً على مقام هذا الطرف أو ذاك، وتدمج الفرد في فئة اجتماعية محددة، فتكون عندئذ جندرية (نوعية) حكماً. وينشأ لذلك 1) تصور جوهري للاختلاف بين النوعين، يكون فيه الدور الاجتماعي في علاقة هوية (أي تطابق كلي) مع النوع البايولوجي، 2- تصور بنائي، يهتدى بالهوية الجندرية، حيث يحدد الفرد نفسه امرأة أو رجلاً، بما في ذلك الواجبات والالتزامات. إن تحقيق هذه الأدوار ليس مناطاً بالبايولوجيا، بل بالرمزية، وباللغة، وبالعوامل الثقافية. إن أحدث تصورات الحركة الجندرية تستند إلى التحليل النفسي عند جاك لاكان، حيث يتعذر الحديث عن هوية واحدة ثابتة، وذات دلالة ثابتة. إن الشخصية عند لاكان، تدرك في البداية باعتبارها تشظياً أو انقساماً، ورغبة لامتناهية، والأساس الثابت والفاعل فيها ليس الواقع، كما في التحليل النفسي الكلاسيكي عند فرويد، بل جوهر أو ماهية رمزية متخيلة. بيد أن الاستنتاجات التي ترتبت على هذا التصور الأساسي جاءت مختلفة. فجوديت باتلر تفهم الجندر عملاً تكوينياً يتم في إطار أنماط ثقافية معينة، تقوم بدور رمزي. أما جروس التي تعارضها فتفهم الجندر على أنه مجاز للتشويه الجنسي، ولا يمكن تعريفه أو التدليل عليه بهوية قارة. أما تيريزا دي لاروبتس فإنها تستند في تحليلاتها إلى م. فوكو، ففي كتابها «تكنولوجيا الجندر» الذي اعتبر نقطة تحول في الدراسات الجندرية، ترى أن الجندر بنية اجتماعية تمثيلية أو مكون تمثيلي في الخطاب السائد، وهو نتاج مؤسسات اجتماعية كثيرة، وليس فقط الأسرة، ونظام التعليم، ووسائل الإعلام العامة، والطب، والقانون، بل وأيضاً اللغة، والفن، والأدب، والسينما، والنظريات العلمية، وهذه أقل ظهوراً في المجال الإدراكي للظاهرة الجندرية.

إن الدراسات الجندرية، التي تنظر إلى الجنس بما هو ظاهرة ثقافية، تشمل في سياق تحديد إطارها كل الدراسات الإنسانية: التاريخ، والاقتصاد، وعلم النفس، وعلم الاجتماع.. الخ، وتتميز بالدراسات البينية، والتأليف بين مناهج عدة، والتركيز على الفرد وتوجهاته. إن علاقة الحركة الأنتوية بالجندرية بما هي مفهوم متعدد، فهناك من يرى أن الجندرية تحجب الأنظار عن مشكلة المرأة ويشككون في عدالة الدعوة إلى إفراد خصائص نوعية «للأنثى». للدراسات الجندرية في الولايات المتحدة مقام رسمي، في التعليم، وفي البحوث العلمية، ملزم لكل المؤسسات الإدارية - الاجتماعية. الجندرية بحث جريء مقتحم عن المساواة، بدءاً من منظور جديد، يدخل قضية المرأة بما هي إنسان في أفق علمي باتساع العلوم كلها، وذلك لتحرير المرأة والرجل معاً.