مع القرآن

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> يقول الله جل في علاه: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيراً منهن} الآية 11 من سورة الحجرات.

يحرص الإسلام أشد الحرص على ربط المؤمنين بقيم دينهم وضبط سلوكهم بمبادئ عقيدتهم السمحة الرشيدة كما يحرص على تماسك المجتمع وتآلف القلوب ونبذ كل السلوكيات السيئة مثل: الغيبة، النميمة، الاحتقار، الزور والحقد والبغضاء لما لكل هذه الموبقات من أثر مدمر هدام على تقارب المؤمنين وتآلفهم وتعاطفهم وتراحمهم وتلاحمهم.

إن هذا الجزء من هذه الآية يتضمن نهياً قاطعاً مانعاً حازماً جازماً عن السخرية بالمسلم أو المسلمة، لأن هذه السخرية تدل على التحقير والاستصغار والازدراء والتهوين من مكانة المسلم الذي هو أعظم وأكرم من الكعبة نفسها كما جاء في تفسير هذه الأية وأخواتها عند ابن كثير رحمه الله في تفسيره.

والسخرية من المسلم بكل مظاهرها وأصنافها تحمل نفسية الاستعلاء التافه، والاستعداء الآثم، لأن الذين يسخرون من الذين آمنوا هم صنف حاقد حقير يبحث عن نقائص وعيوب غير ناظر إلى المحاسن والفضائل لدى الآخرين، وهذا هو الشر كله لقول النبي المربي صلى الله عليه وآله وسلم «بحسب امرئ من الشر أنْ يـُحقـِّر أخاه المسلم» رواه المسلم لان من يتعود هذا المسلك الشائن يعبر عن زهو فارغ وغرور مريض، وكبر متعال يودي بصاحبه إلى عذاب جهنم والعياذ بالله. فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر » رواه مسلم.

والقرآن يُعلمنا بأن نعامل الناس كلهم بكل قول طيب جيد فيقول {وقولوا للناس حُسنا} البقرة 83 ويقول: {ولا تصعّر خدك للناس} لقمان 18 .

ولوأننا تتبعنا بقية آيات سورة الحجرات وما فيها من توجيهات سديدة رشيدة تنهى عن اللمز وهو والسخرية بالقول والإشارة وتنهى عن (التنابز بالالقاب) القبيحة والكلمات النابية البذيئة، والعبارات السوقية المستهجنة، وتحذر من سوء الظن بالمسلمين وتحرم التجسس على عورات المؤمنين.. وتوضح شناعة وبشاعة الغيبة.. إلى آخر ما هنالك من توجيهات قرآنية تدفعنا للتخلق بأخلاق الله من الستر والحلم والمغفرة والعفو والرحمة بصاحب الذنب والعيب والنقيصة والإثم من خلال نصحه لا فضحه، لان الله لا يحب أن ينال أحد من الموحدين بأذى أو وهم أو نصب أو وصب أو وهم أو غم حتى يكتب له بذلك خيراً وبركة. اللهم إنا نسألك أن تجمع كلمة المسلمين على التوحيد والحق والهدى والدين، وأن توفقهم للالتزام بالقرآن المبين - آمين..

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى