وداعاً..شيخ المعلقين الرياضيين

> «الأيام الرياضي» محمد الشحيري:

> يولد الإنسان العظيم مرتين، الأولى حين يولد من رحم أمه، والثانية بعد أن يموت، فيولد على الفور من رحم أعماله العظمى، والآن يولد سالم بن شعيب ولادته الثانية.. الولادة الكبرى.. بعد أن أكمل مشواره، وأنجز الرسالة التي نذر عمره لها.. أجل فالرسالة تحتاج من حاملها أن يحتجب بشخصه، لكي تبدأ هي في الظهور وفي التجسد والانتشار.

هكذا لمح بن شعيب قدره على مدرجات الملاعب آلة المذياع حتى قبل أن يعرف واستشعر لذة الابداع قبل أن يعيها.. كان يحس بهاراتها طفلاً، فلما أدركها وعى الطريق إلى فن المذياع، ولم يرض عنه بديلاً، حتى لو امتص العمر وعمر العمر، وكانت قسوة جمراته تفوق الثمرات.. طريق التعليق كما عرفه (بن شعيب) لحظة اشتباك مستمرة وحركة دائمة ليعرف أكثر ويحس أعمق ويفض غشاء المجهول، وهذه ومضات من نظام المبدع والكروان عبر مشوار بن شعيب.

رياضة القلوب جمعتنا، ولياقة الأذهان ستحمل اسمك في الوجدان، لأنك أسعدت أكثر الجماهير والشبان بصوتك الشجي في أغلب الأحيان.. لن ينساك من أخذت بيدهم، فأصبحوا أعلاما في فن التعليق.. لن ننسى صوتك وقهقهة ضحكاتك في ملعب الحبيشي، ولم أنس يوم لقاك في ملعب الشهداء حين قلت إن أهل أبين أهلي.

وداعاً شيخ المعلقين الرياضيين سالم أحمد سالم بن شعيب .. نم قرير العين فإذا لم يذكرك ويهتم بك أحد في حياتك، وتركوك تعاني قسوة جمرات الإبداع، فثق بأن ثمراتك وأجيالك ستواصل المشوار ليذكروا على الأقل أولادك.. ومضات تركتها بصوتك كبصمات لا يمكن أن تتطابق مع قادم البصمات في المذياع، وإن كانت بكامل الإبداع.. لقد أسست مع زملائك مدرسة ذات فصول وألوان مختلفة في التعليق.. سيظل صوتك يدوي، وحنجرة محمد سعيد سالم تشجي ونبرات البرعي وعوضين والعمودي من بعدك تؤسس وتؤسس ليظل صوتك في الذكرى والوجدان. كل الحروف تطايرت من العقل لتعطيك أجمل الكلمات في رثاك، وكل الكلمات تبعثرت في أسطر الإطراء لأودعك وأنت في ثراك.. لكن الإطراء والرثاء لا يعطي ولا يفي شيئاً غير الدعاء.

هذه هي منزلة الإنسان في الحياة الدنيا والآخرة.. أن يفتكرك الله سبحانه وتعالى في يوم أو أيام غالية وعزيزة بوجودك عند أولادك وأهلك وذويك في أيام مباركة، ومعايدة وسعادة وفرح ومرح، لكن الله عز وجل هو العزيز، فهذا يدل على طيبتك ونقاوة قلبك، وقدرته لا تأخذ الا الغالي والعزيز.. اللهم لا اعتراض.. هو العالم العليم بعملك، وإيمانك، هو الرحيم بلقاك، فيوم موتك بإذنه كان مباركاً عليك، فنسأل الله أن يتقبل ويستجيب دعاءنا أن يغفر لك، ويرحمك ويوسع مدخلك، وأن يسكنك فسيح جناته وأن يحشرك مع الصالحين.. يا معين يا غفار يا رحيم .. آمين، وأن يلهم أهلك وذويك الصبر والسلوان .. إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى