ذكريات فنية نوفمبرية..أُحرقت خشبة مسرح الحزب الوطني الاتحادي فأعدت تجهيزه للاحتفاء بعيد الاستقلال..البلفقيه مفاجأة الحفل وبن سعد بقي في بيروت بعد أن تلقى انذاراً

> «الأيام» شكيب عوض:

> الثلاثون من نوفمبر وهو يوم استقلالنا الوطني له ذكريات عزيزة على قلبي ولا يمكن محوها من ذكرياتي فهو عالق في ذاكرتي تماماً وبحكم علاقاتي بالفنانين الوثيقة فقد كلفت بإعداد خشبة المسرح الذي ستقام عليه الحفلات الفنية الساهرة فرحة بهذا العيد وكان المسرح قد احرق معظم جوانبه المعمولة من الخشب وبالفعل كان الوقت امامي ضيقاً، وقد جاء التكليف قبل ثلاثة ايام من 30 نوفمبر 1968م وكان حرقه من قبل الجماهير الغاضبة وذلك في ظل المواجهة مع القوات البريطانية في اواخر نوفمبر ويقع في نادي التلال بكريتر وتحول بعد ذلك إلى صالة افراح بعد أن تملكه النادي في وقت لاحق ويقع امام مقر الهجرة والجوازات اليوم، وكان يتبع الحزب الوطني الاتحادي، وكان تحريض القوى السياسية من الثوار له دور كبير في دفع الجماهير والقوى الثورية لاحراق خشبة المسرح بل ومقر الحزب بالكامل وقد كلفت بتجهيز خشبة المسرح بأسرع ما يمكن للاحتفالات الفنية القادمة التي ستحضرها الوفود الشقيقة والصديقة التي أرادت مشاركة الشعب في هذه الأفراح، وفتح المسرح بالفعل للجمهور السعيد بحلول هذا اليوم الذي أحياه كبار فنانينا وحضرته قيادة الثورة وقتها، وكان الدخول إلى الحفل بالتذاكر التي كانت تباع امام بوابة المسرح، واستمرت الاحتفالات خمس ليال متواصلة، فأتيت أولا بخياط مع آلة الخياطة وبدأ العمل قبل اليوم الموعود بثلاثة أيام، وكانت التذاكر تنفذ بسرعة مما أضطر الجمهور إلى الوقوف في كثير من الأحيان دون مقاعد، فقد أعتبرت اليوم فارقا بين عهدين مرحلة الاستعمار، والعهد الوطني الجديد، وكلهم أمل في أن يكون اسعد من سابقة، وتستقر فيه الأحوال وتتحسن معيشة الشعب في الشطر الجنوبي إلى الأفضل وكان هذا أقرب إلى عشم ابليس بالجنة الموعودة فقد ساءت الاحوال إلى الأسوأ وحق للجمهور اعتبار بعد ذلك مرحلة الاستعمار أيام العز، المهم جهزت ستارة خشبة المسرح وكذا المسرح بمعجزة وفي آخر لحظة، وذهبت إلى المنزل الذي يسكن فيه الموسيقار احمد قاسم مؤقتاً، ورحب الموسيقار الكبير بالمشاركة في إحياء الحفلات إلى جانب بالطبع الفنانين الآخرين الذين أحضرهم طرف آخر وهم محمد عبده زيدي وعبدالرحمن باجنيد وعوض احمد إلى جانب الثلاثي الناجح وقتها المكون من رجاء باسودان وصباح منصر وأم الخير العجبي، وبالحماس الذي تميز به احمد قاسم قدم بعض الأغاني الحماسية مثل «مبروك علينا الجمهورية» وغيرها وكانت جميعها من تأليفه وتلحينه وأدائه إلى جانب بعض اغانيه العاطفية المشهورة «مستحيل أنسى عذابي في غرامك مستحيل» و«بصراحة».. الخ، وعمل البروفات في فندق التلال التابع للسيد طه مستر حمود ويقع بجوار دار سينمائه «هريكن» وكان مجهزاً بالأثات كاملاً وقد أجل افتتاحه إلى بعد استقرار الأوضاع السياسية في البلاد وقد استخدم الفندق من قبل القيادة السياسية في ذلك الوقت لإيواء ضيوف البلاد وبعض القيادات الآخرين ثم صودر بعد ذلك، وفوجئت بوصول الفنان الكبير ابوبكر سالم بلفقيه الى عدن لمشاركة الجماهير الشعبية باليوم السعيد، وقدم في الحفل اغنية وطنية يحيى فيها يوم 30 نوفمبر، إلى جانب بعض اغانيه العاطفية المشهورة ومنها كما أذكر «يا طائرة طيري على بندر عدن» و«يا رسولي» و«نار بعدك ياحبيبي» كما أحيا الفنان الكبير محمد محسن عطروش، إحدى ليالي عدن الفنية الساهرة أما الفنان الكبير محمد صالح عزاني فقدم أغنيته الوطنية المشهورة «بالنار والحديد» من الحانه وكلمات أحمد بومهدي، اضافة إلى اغانيه العاطفية الأخرى.

أنه يوم لا ينسى ولا يمكن أن تمحوه الذاكرة، أقصد 30 نوفمبر بالنسبة لي خاصة وأنا أرى المسرح المذكور قد عاد إلى الحياة من جديد بالتعاون مع الشباب المبادرين بمعجزة في أيام معدودة أما الفنان الكبير محمد سعد عبدالله فكان خارج عدن حيث استقر في بيروت ويمارس نشاطه الفني من هناك ويسجل الاسطوانات ويوزعها في عدن وبلدان الخليج بعد أن تلقى انذاراًَ من قبل بعض المزايدين المحسوبين على مناضلي الثورة، وأذكر انه أهدى بعض هذه الاعمال الى اذاعة عدن منها «لهيب الشوق» و«سلموا لي على خلي كثير».

إن 30 نوفمبر كما سبق أن قلت يوم لا ينسى، وسيظل محفوراً في ذاكرتي ما حييت للأسباب التي ذكرتها وهي وطنية اكثر منها سياسية وكثيرة هي الذكريات النوفمبرية وسأتناولها مفصلا إن شاء الله في وقت لاحق، وهي تعبر عن وجهة نظري الشخصية كما جرت وقائعها امامي او عشتها عن قرب. وكل نوفمبر وانتم بخير أعزائي القراء، لكن هناك اليوم من يحاول محوه من التاريخ تحت حجج واهية مع غيره من المناسبات الوطنية التي حققها الشعب اليمني في هذا الشطر الجنوبي من الوطن وتوجها بانتصار ثورة 14 اكتوبر وتحقيق الوحدة المباركة وكانت الشعار الوطني الذي رفعته الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر وتحتفي الدولة اليوم بهذا اليوم الخالد في عدن تنفيذاً للقرار السياسي الحكيم لفخامة رئيس الجمهورية اليمنية الأخ علي عبدالله صالح الذي عبر في كل مناسبة وطنية عن وحدة الثورة اليمنية ليسكت تخرص المتخرصين الذين يتربصون بثورثنا اليمنية سبتمبر واكتوبر ويحاولون القضاء على هذه الثورة وصولاً منهم إلى صياغة جديدة لهذه الثورة، تعود بشعبنا إلى ايام التفرقة والتشردم وإلى دويلات والعودة إلى أسوأ ما في الماضي السياسي لبلادنا اليمن من خلال إحياء المذاهب وكل ما هو سلبي في هذا الوطن قبل قيام الوحدة المباركة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى