أكتب برجلي وفمي وألعب الكرة وأدرس 20 طالباً في المسجد

> «الأيام» عسكر صالح ناجي:

>
الشاب المعاق يكتب مستخدماً إحدى رجليه
الشاب المعاق يكتب مستخدماً إحدى رجليه
طالب جامعي معاق في العشرين من عمره .. شاب خلوق متواضع لا تفارق الابتسامة شفتيه، يبتدئ معظم حديثه بالنكتة اللطيفة التي جعلته محل احترام كل من عرفوه، رغم ما يعانيه هذا الشاب من اعاقة خلقية، فقد أرادت مشيئة الله أن يخرج إلى الوجود عديم اليدين باستثناء ثلاث أصابع في كل طرف، تتصل هذه الأصابع بالكتف بواسطة ساق قصيرة وضعيفة جداً طولها حوالي 6 سم، ومع ذلك تحدى الواقع وقسوة الظروف وكسر حاجز الصمت، وراح يصول ويجول دون ان تثنيه لحظة وفاة أبيه ولا نظرات الآخرين الساخرة، ليعتمد على ذاته ويمارس جميع اعماله اليومية وهواياته بكلتا رجليه مضيفاً الى ذلك ممارسته الكتابة بواسطة رجله اليسرى وفمه وبخط جميل ابهر الناظرين ونال اعجابهم، ليعلن للآخرين ان الارادة لا تعرف المستحيل وأن المعاناة تخلق الابداع، انه الشاب خليل عبدالله صالح (الشهيد) من محافظة الضالع مديرية الازارق .. لمعرفة تفاصيل أكثر عن هذا الشاب شدت «الأيام» الرحال إليه وزارته في بيته وأجرت معه لقاء نترك للقارئ الكريم أن يبحر بين فقراته.

< كيف كانت بداية تعلمك القراءة والكتابة وأنت بلا يدين؟

- في البداية اشكر صحيفة «الأيام» فهي الصحيفة الوحيدة التي بذلت الجهد وزارتني في بيتي لتلتمس همومي ومعاناتي: اما بالنسبة للبداية فكانت صعبة فعند بلوغي سن السابعة طلبت من والدي رحمه الله ان يسمح لي بالذهاب الى المدرسة، ولكن والدي شعر بالخجل ووقع في حيرة وخاطبني: بماذا تكتب يا ولدي؟ فأجبته برجلي، فضحك والدي وفي اليوم التالي احضر لي دفترا وقلما وقمت بمحاولة الكتابة وبعد عناء شديد ومدة تجاوزت الاشهر استطعت الامساك بالقلم بين اصابع رجلي اليسرى ومن ثم الكتابة حينها قررت الذهاب الى المدرسة، وأنا الآن والحمد لله استطيع الكتابة برجلي وكذلك بفمي.

الطلاب سخروا مني ومدرس الفصل اوصى بعدم ذهابي الى المدرسة
< كيف كانت نظرة الطلاب والمدرسين لك في اول يوم دراسي؟

- كانت نظرة سخرية واستهزاء، كما أن مدرس الفصل كان يهملني كثيراً وحاول اقناع اسرتي بعدم جدوى ذهابي الى المدرسة. لكن والدي أصر على بقائي وبعد ايام تغيرت معاملة مدرس الفصل نحوي وكان اول ما يقوم به عند دخوله الفصل الاطلاع على كتاباتي، وهذا شجعني كثيراً.

< هل حدث أن التحقت بمعهد للتعليم أو أن هناك جهة تبنت دعمك وتعليمك؟

- لم التحق بمعهد للتعليم ولم أتلق الدعم من أي جهة ولكن قبل أحداث 86م الدموية قابل والدي المهندس حيدر ابوبكر العطاس عند زيارته لمديرية الازارق فأوصى بضرورة ذهابي الى الكويت للتعليم، ولكن بعد ذلك حدثت الحرب ولم يستطع والدي الذهاب بي للخارج.

المسؤولون وعدوني بالتوظيف ولكن وعودهم ذهبت ادراج الرياح
< هل تقدمت بطلب توظيف الى مكتب الخدمة المدنية بالضالع؟

- بعد تخرجي من الثانوية العامة تقدمت الى مكتب الخدمة المدنية بطلب توظيفي من نسبة الوظائف المعتمدة للمعاقين فوعدني المسؤولون في المحافظة بتوظيفي ولكن هذه الوعود ذهبت ادراج الرياح وعندما فقدت الامل قررت الالتحاق بالجامعة، ومن الامور التي اتعبتني كثيراً الرسوم الدراسية، فقد طلبت من مسؤول جمعية المعاقين اعفائي من الرسوم فوافق ولكن عميد كلية التربية م/الضالع قابل طلبي بالرفض.

اكتب برجلي وبفمي والعب كرة القدم واقوم بتدريس 20 طالباً في المسجد
< ما هي الأعمال التي تستطيع القيام بها وهل لديك هوايات ؟

- عندي هوايات كثيرة كلعب كرة القدم كما اقوم بتدريس حلقة لتحفيظ القرآن الكريم في المسجد ولدي عشرون طالباً ولانشغالي بالدراسة الجامعية اسندت المهمة لطالب آخر لكوني لا اعود إلى البيت إلا يوما واحدا في الاسبوع ولبعد المسافة بين الكلية والبيت، ولعدم توفر السكن اضطررت الى السكن في مسجد صغير في منطقة المطار بالمحافظة كما اقوم بإصلاح بعض الاجهزة الالكترونية وغير ذلك.

< موقف احزنك كثيراً؟

- احزنني كثيراً وفاة والدي فقد توفي وهو لا يملك حتى راتباً بسيطاً حينها شعرت بأن علي ان اقوم بتدبير نفقة دراستي وأمر اعالة اسرة تتكون من عشرة افراد لهذا أدرس صباحاً واعمل مساءً للتوفيق بين الاثنين.

المجتمع لا يرحم وفتاة اليوم مادية اكثر من اللازم
< هل ترغب في الزواج؟ وماهي صفات الفتاة التي ترغب ان تكون شركة حياتك؟

- يا أخي المجتمع الذي نعيش فيه لا يرحم، الغلبة فيه للاقوى، والفتاة اليوم اصبحت مادية اكثر من اللازم اما الفتاة التي اتمنى ان اجدها فأتمنى ان تكون رقيقة القلب من اسرة فقيرة بغض النظر عن الجمال فالجمال جمال الروح.

< كلمة اخيرة تود ان تقولها؟

- أشكر صحيفة «الأيام» واتمنى ان تتكرم بالسماح لي بكتابة هذه الرسالة بخط رجلي لأقول فيها لكل المسؤولين ورجال الخير الآتي:

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى