أخر تحديث للموقع
الخميس, 19 يونيو 2025 - 01:17 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • فقيد الوطن والصحافة الوطنية هشام باشراحيل..تبوأ مقامات المعاناة النبيلة والسامية

    عصام خليدي




    متعدد وافر الخصال والشمائل المحتشد فـي رونق شخصك الواحد المتجلي في اسمك هشـام بـاشراحـيل، رجل مـن سلالة الرعيل الصحفي (الذهبي) بـالمعنى الـتاريـخي والقيمي للتوصيف ، مخلص لقضايا ومـعـاناة بـسطاء النـاس يـدافع عــنهم ويـحق (حقوقهم)، حتى تخاله إنما خـلق ليـشقى وينعم بالنضال فـي سبيل (نصرة المظلومين).

    لقد كـُتب (بضم الكاف) عن الفقيد الكبير بسـجاياه ووطنيته وطـيبته وتضحياته وتواضعه وإيثاره ..

    هشام باشراحيل كما كتب عن سائر أمثاله مـن الناس الرموز النخبة / الهيام والموت حبًّا في الوطن وبـالتالي (تبوأ مقامات المعاناة النبيلة والسامية)، يتمتع الفقيد بحساسية مـهنـية وإنسانية شديدة الرهافة ومـن آياتها تفتح وعيه الصحفي الـشريف الحـر والنزيه ..

    كان رحمه الله يـتمتع (بكاريزما) خاصة جدًّا، تتقـدُ عيناه بـبريق وذكـاء وفير، ولديه مزيج من عناصر قـوة الشخصية القادرة على التأثـير والإقناع ، شجاعة، جسارة، حكمة، وإقدام على اتخاذ المواقـف الصعبة في الأوقات الحرجة، نباهة وفطنة وحسن تــصرف، كـان (للكاريزما الباشراحيلية) - إن جاز التعبير الأثر البالغ في مكوناته (الجينية) فتبلور كـل ذلـك بصورة جـلـيلة في تعزيز وتقوية دور ومكانة (صحيفة الأيام) وذاع صيتها مدويًّا في محراب بلاط صاحبة الـجلالة ..

    كان فقيدنا منازلًا ضاريًّا عنـيدًا لأكـثر التحديات شـراسة وأبلغ التعقيدات ضراوة ..

    لم يجبن أو يخشى في الله لومة لائم ، رجلاً خُــلق وجُـبل عـلى امـتطاء صـهوة الأنواء والخطوب الجسام والمواقـف الصعبة ، بل ويـمكنني القول أنه أستطاع أن يجمع بدواخلـه (رجالًا).

    عرفـتـه منـذ فـترة تجاوزت (30عامًا) قدمني إليــه المناضل والأديـب القـامة السياسية السامقة / عـمر الجاوي وتوطـدت علاقـتي بـه حتى وفـاه الأجل ..

    عـرفـته مـنـتـصراً ومـرجعاً وأبـاً رؤوفاً عطوفاً حنوناً ورباناً محنكًا (قاد) سـفـيـنة صحيفة "الأيام" بـمـعيـة شـقـيـقـه الأعز (تمام ) في أصعب وأحلك وأدق الظروف والمراحل والمنعطفات السياسية الــتي مرت بها البلد منذ إعادة إصدار (الصحيفة الباشراحيلية)، صوت الحقيقة والمـصداقـية والـشـفافـية مـن أجـل (نصرة) حـقوق وهـموم وقضايا (الإنسان المغيبة المهدرة)..

    نـعـم لـقـد دفـع الثمـن باهـظاً غـالياً ومكلفًا مـن صحته وحياته الـتي وهـبها عـن طيب خاطر وقـناعة قـرباناً وفـداءً لـترسيخ مـداميك حـرية وحقوق وكرامة الإنسان ، جـسدها بشموخ وكبرياء ورفـعـة في أنصع وأبهى تجـلـيـاتها في ( التشبث ) بالـقـيم والـمبادئ والأخلاقيات تـلـك المعايــير المهنية التي تخللت مشواره الصحفي ، الأسلـحة الفـتاكة الضـاربة التي أزعجـت وأقـضت مـضاجع الجـبناء والخونة الـرعـاديـد حلفاء الشـيطان تجار الـحروب مـصاصي دمـاء الـشعب الـمنكوب الـمسحوق والـمغلوب على أمـره الـمقـيم تحت الـوصاية الـجبرية والـقسرية (المــكبل بعـقوبات الإبادة الجماعية) ..

    المستغيث الصـــارخ المصطلي المشوي والمحروق بــنيران جحيم انقطاع التيار الكهربائي (القاتل والمميت) بسبب ارتفاع وشــدة درجـة حرارة لهـيب الصيف القائـظ في (عـدن) وعدم توفير الـمياه وأبسط وسـائل ومتطلبات سـبل العــيش بما يــكفل تــلبـية الاحــتياجات الأدمــية الــضرورية والهامة لــديمومة واســتمرارية الحياة ..

    تــصوروا فــي (عصر العولمة والفضاء الكونـي المفـتوح والإنترنت) تـتساقط قـوافـل (شهداء الكهرباء) من المصابين بأمراض ضغط الدم والسكري والفشل الكلوي وكبار السن في (عدن) مدينة العلم والمعرفة الريادة والتنوير والفن ..

    (يُـعـاقــب) الأهالي والسكان ويحرمـون مـــن (راحــة النــوم والسكينة والأمــان والطـمأنيــنة والإستــقــرار) .. ولاحـيـاة لــمن تـــنادي ..؟!!

    ستظل مواقف ومبادئ ومهنية وحرفية ربان الصحافة العدنية والعربية / هشام باشراحيل وشــقيــقه وأبــنائه الــكرام (النموذج – الاستثناء)..

    الذين تــصدوا وقاوموا النظام السياسي القبلي العسكري الهمجي القمعي المتخلف (بأحرف من ضياء ونور) ، وفي ذات اللحظة كـانت تضحياتهم ونضالاتهم المـؤشر الواضـح والصـريح الراصد والموثق فــي ضمير وذاكـرة الـوطن بالـكلمة والصوت والــــــــصورة (وانتصار الحق) والـخـزي والـعـار لـدعاة الفتنة والدمار والحروب والاقتــتال الــذين لفظتهم صفحات التاريخ أصحاب الدرك الأسفل المتغطرسين المتجبرين من أراقوا دماء الشهداء وأزهقوا النفوس والأرواح الطاهرة والبريـئة العابثين الناهبين المغتصبين لثروات وخيرات ومقدرات الجنوب الثائر الصامد والأبي ..

    كان صوت صحيفة (الأيام) مزمجرًا هادرًا مهيبًا ومجلجلًا إلى عنان السماء، برغم المكايدات والمؤامرات والدسائـس التي أحيكت ضدها للنـيـل من رجالها وشيوخها وأبنائها الأبطال الذين لم يرضخوا ويستكينوا ويستسلموا للباطل والقهر والإذلال والعبودية ، فرساناً أشهروا أقلامهم في وجوه الطغاة المجرمين المستبدين الفاسدين .

    أنقضت ما يقارب (13) عامًا منذ أن فارقنا فـقـيد الوطن المناضل الجسور / هشام باشراحيل في تاريخ 16 / يونيو /2012 م - ( افتقدناه) وفي الليلة الظـلماء يفتقد البدر..

    ما أصعب صباحاتنا وأمسياتنا في ظل احتياجنا إليه بعد رحيله مؤازراً ومعينًا مساندًا ومنتصرًا لما نتجرع من عذابات ويلات ومرارة وقسوة المعاناة اليومية الطاحنة وفداحة الكوارث والمصائب الأخلاقية والسلوكية وتردي الأحوال الاقتصادية والمعيشية وغياب الأمن والأمان وانعدام الشفافية والمصداقية ..

    برغم تـعـدد المنابر الإعلامية وتباين الخطابات والشعارات التي لا تصب لخدمة ومصلحة قضايا الجماهير الغفيرة .. تصوروا سكان وأهالي مدينة عدن يسبحون في ظلام قاتم دامس منذ سنوات ولم تستطع الحكومات المتعاقبة القيام بما يستحق الذكر .. ؟!

    أننا نحذر ونتوجه برسالة (اسـتغاثة) إلى كل القائمين على أحوال وشؤون (مدينة عدن) وما يمارس ضد ناسها وأهلها من تعذيب وتنكيل وانقطاعات الماء والكهرباء وتردي الخدمات وانهيار العملة المحلية والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية ومتطلبات الحياة الضرورية وعدم صرف المرتبات والقائمة تطول بما يتجرعه ويكابده المواطن في (مدينة عدن المنكوبة المنهوبة).

    مما أدى إلى حالة تذمر وغضب وإحباط عارم أوصل الشارع العدني الى حالة (غليان) سيؤدي حتمًا إلى (ثورة الجياع).

    اللهم إني بلغت اللهم فأشهد.

    الغائب الحاضر هشام باشراحيل عن ماذا أحدثك من أخبار بعد رحيلك وتضحياتك وبطولاتك بما لا يسر خاطرك.

    هل أبلغك أننا رغم المناشدات - والاستجداءات - والوعود العرقوبية لازلنا تحت وطأة من لا يخافون الله من أبناء جلدتنا من يتفننون في تعذيب وتنكيل وإذلال وتركيع وتجويع أبناء مدينة عدن وشعب الجنوب عامة.

    أعلم يقيناً أن ما حدث ويحدث لن يرضيك وأنت الواهب حياته قرباناً وفداءً لنصرة قدسية وسمو عدالة حقوق المظلومين والبسطاء .

    نم قرير العين فقيد الوطن المبجل والجليل (أبا باشا) فـمن على شاكلتك (صناع الحياة) يسكنون ويقيمون بين تلابيب القلوب والأفئدة ويستوطنون في ذاكرة وضمائر شعوبهم خالدين على مر الأزمنة والعصور .

    ولا يسعني في نهاية المطاف إلا التذكير بما قاله المناضل والأديب والتربوي والشاعر والفنان والرسام لطفي جعفر أمان في نماذج مختارة من قصيدته الشهيرة:

    (لي الموت.. ولكم الخلود)

    يا إخوتي/ يا كل ما اتركه بعد الرحيل/ هذي حروفي.. لن تموت.. لن تموت مستحيل!/لأنها أنتم.. تواكب الزمان .. لم تزل / توزع الغلال للأجيال جيل بعد جيل / وتفرش الطريــق بالأمل / وتزرع النجوم في ليل السراة التائهين / وتصنع السطور جسراً للحيارى المتعبين / لأن أيامي التي حرثتها .. / وما حصدت في مواسم السنين/ لكم .. لكم يا إخوتي .. / على مناكب الشموس صاعـدين .! / يا شمعتي اليتيمة التي ترفُ في الضلوع / في رعشة من انطفاء / مازال حرفي نابضاً .. يفيض بالضياء / ويشعل المرافئ القريبة الرجاء / لإخوتي في كبرياء / فاحتضري .. / وشيعي بقيتي إلى الفناء / فإن أيامي عــلى أرضـي لم تذهب هباء / وإن إخواني لهم في أرضهم فرض البقاء .!

المزيد من مقالات (عصام خليدي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال