خبراء: موقف الولايات المتحدة من التعذيب لا يزال غامضا

> واشنطن «الأيام» د.ب.أ :

> لم ينج حتى الخبراء والمحللين من الشعور بالحيرة في أعقاب الجولة التي قامت بها وزيرة الخارجية الامريكية كوندليزا رايس في أوروبا مؤخرا حيث ظل هؤلاء أسرى سؤال لم يجدوا له جوابا شافيا ألا وهو: هل أوضحت رايس موقف الادارة الامريكية من مسألة تعذيب المحتجزين أم أنها لم تقم بذلك؟.

فمن الوجهة الظاهرية تبدو إجابات الوزيرة الامريكية على الاسئلة المتكررة التي وجهت إليها في هذا الشأن واضحة : الولايات المتحدة لا تمارس التعذيب. وعندما يؤخذ مشتبه به ليستجوب بعيدا عن نطاق صلاحيات السلطة القضائية الامريكية وهو ذلك المسلك الذي دافعت عنه رايس بشدة فإن واشنطن تسعى للحصول على ضمانات تكفل عدم تعرضه للتعذيب.

ولكن إذا نظرنا بشكل أوسع إلى النمط الذي تتخذه تصريحات مسئولي إدارة الرئيس جورج بوش في هذا الصدد وعدم وضوح المفهوم الذي تتبناه الولايات المتحدة للتعذيب فسنجد أنه من غير المرجح أن تكون وزيرة الخارجية الامريكية قد نجحت في تغيير المفهوم المترسخ في أذهان الكثيرين حول موقف بلادها من التعذيب على الاقل بين الرأي العام الاوروبي.

وقال إيفو دالدير المحلل المتخصص في الشئون الاوروبية في معهد بروكنجز ذي التوجه اليساري في مقابلة إذاعية: "إن ما يسبب هذه المشكلة هو التكتم الذي نتعامل به مع ذلك الامر وكذلك عجزنا عن الحديث عنه بشكل يؤدي إلى حل الازمة الناشبة بشأنه".

وترجع الشكوك التي تراود الكثيرين حيال السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة في التعامل مع المشتبه في كونهم "إرهابيون" إلى عام 2001 عندما تغاضى ألبرتو جونزاليز الذي كان وقتذاك محاميا للبيت الابيض عن مذكرة رسمية تقول إنه بوسع المستجوبين الامريكيين استخدام أي أسلوب في التحقيق شريطة ألا يؤدي ذلك إلى وفاة المستجوب أو الاضرار بأحد أعضاء جسده,وقد صار جونزاليز الان وزيرا للعدل.

وخلال توقفها يوم الاربعاء الماضي في أوكرانيا شنت رايس هجوما مضادا على منتقدي سياسة بلادها في مسالة التعذيب قائلة إن الالتزامات الملقاة على عاتق الولايات المتحدة بموجب المعاهدة الدولية لمناهضة التعذيب التي أبرمت عام 1994 تمتد إلى " كل المواطنين الامريكيين أينما كانوا".

واعتبرت هذه التصريحات بمثابة تراجع عن التأكيدات الرسمية التي كانت ترد على ألسنة المسئولين الامريكيين بشأن كون قواعد الامم المتحدة ضد التعذيب لا تنطبق على العمليات التي تقوم بها الولايات المتحدة في الخارج بما في ذلك ما يدور في معتقل جوانتانامو في كوبا.

غير أن البيت الابيض من ناحيته عاد ليثير الغموض مجددا بشأن هذه القضية,فحينما أعلن سكوت ماكليلان المتحدث باسم بوش أن بلاده ترفض التعذيب أكد في الوقت نفسه أنه ليس هناك "أي التزام" على واشنطن فيما يتعلق باستجواب "المقاتلين الاعداء" لانتزاع معلومات استخباراتية بشأن أي هجمات محتملة.

وتعتبر الادارة الامريكية أن المقاتلين الاعداء لا يخضعون لاحكام اتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية السجناء.في الوقت نفسه تطلب أحدث قواعد الاستجواب الخاصة بالبنتاجون أن يتم التعامل مع المستجوبين بشكل "إنساني" وهو معيار غامض.

ورفض ماكليلان أن يشرح أيضا الدافع الذي يحدو بالولايات المتحدة إلى إرسال مشتبه فيهم من بين المحتجزين إلى دول أخرى لاستجوابهم فيها.

وأثار هذا المسلك المعروف باسم "التسليم" موجة عارمة من الغضب من الحكومات الاوروبية بعد التقارير التي تناقلتها وسائل الاعلام خلال الشهر الماضي بشأن السجون السرية التي تديرها وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي.آي.أيه) في شرق أوروبا وأيضا عبور الطائرات التي تعمل لحساب الوكالة وتقل أشخاصا مشتبه في كونهم إرهابيون عبر المجال الجوي لبلدان أوروبية.

وخلال جولتها التي زارت فيها أربع بلدان أوروبية أكدت وزيرة الخارجية الامريكية أن التعذيب محظور بموجب القانون الامريكي ولكنها تجاهلت الاسئلة المتعلقة بما يتردد حول وجود مراكز احتجاز في دول أوروبية.

وفي تصريحات تعبر عن موقف دفاعي اتخذته عقب اجتماعها مع نظرائها في حلف شمال الاطلسي في بروكسل قالت رايس: "إذا اكتشفنا وجود انتهاكات فإننا سنجري تحقيقا شاملا بشأنها" ونعاقب المسئولين عنها.

وعلى الرغم من هذه التصريحات تبدو عملية إعادة ترميم سمعة الولايات المتحدة المتدهورة في أوروبا حاليا معركة مضنية.

وفي هذا الشأن قال نيل جاردنر المحلل في مؤسسة /هرتيدج فاونديشين/ذات التوجه المحافظ: "ربما تغيرت اللهجة بعض الشيء ولكنني أعتقد أن الموقف الامريكي لا يزال كما هو .. قوي للغاية ويتبنى توجها عدوانيا على صعيد شن الحرب ضد الارهاب".

وقال جاردنر في تصريحاً له إن" هذه القضية ستظل تطارد إدارة الرئيس بوش في أوروبا".

ولا يقتصر الامر على خارج الولايات المتحدة فحسب بل أن الرئيس الامريكي يواجه ضغوطا داخلية تطالبه بالالتزام بتعهداته المتكررة بشأن كون الولايات المتحدة لا تمارس التعذيب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى