كتاب..عن الضحايا والجلادين والمقابر الجماعية والندم الذي لم يظهر بعد

> بيروت «الأيام» جورج جحا :

> ترى هل الصدفة هي التي قضت الا يمضي وقت قصير على نزول الترجمة العربية لكتاب جوزف سعادة الذي وصف بانه "بطل" مجزرة "السبت الاسود" خلال الحرب اللبنانية الى الاسواق حتى تندلع موجة كلام عن "المقابر الجماعية" اثر اكتشاف واحدة لا تبعد كثيرا عن المقر السابق للاستخبارت السورية في لبنان؟

يبدو من خلال مجمل التعليقات على موضوع المقابر الجماعية المشار اليها ومما احتواه كتاب سعادة وعنوانه "انا الضحية والجلاد انا" ان عقلية بعض الجماعات اللبنانية التي اشتركت في الحرب الاهلية تقوم على مواقف تشبه مواقف كثير من شخصيات الروايات اللبنانية التي كتبت عن الحرب والتي يمكن ان تختصر بمعادلة بسيطة فيها كثير من تبرئة الذات هي" ظلمونا فظلمناهم وفي النهاية ندمنا."

لكن من المؤلم جدا ان الحديث عن "الندم" هنا كان حكرا على عدد من هذه الروايات.. اما في الحياة اي في الواقع فبدا ان الجماعات اللبنانية على رغم حديثها الدائم عن التعايش والوحدة الوطنية وعن ان الماضي القبيح لن يعود.. لم تتخل كليا عن نواحي من تراثها وشعاراتها التي شكلت جزءا من القوة المعنوية الدافعة التي جرت الناس الى الحرب.

احد الصحافيين اللبنانيين ينعي على اطراف الحرب او الحروب الاهلية انها لم تعمل على مصالحة حقيقية تبدأ بمحاكمة الذات والاعتذار الى الاخرين في سعي الى "الشفاء النفسي" على غرار ما جرى في جنوب افريقيا مثلا,يستحضر هذا الصحافي في حديثه عن "عودة" الفئات اللبنانية الى حياة السلام قولا عن الملكيين الفرنسيين بعد عودتهم الى فرنسا بعد ضرب الثورة يجد انه ينطبق عليه هذه الفئات وهو" مساكين..فهم لم ينسوا شيئا..ولم يتعلموا شيئا."

وبقيت لعبة الانقسامات السياسية تعمل فبينما اتهم سياسيون ووسائل اعلام القوات السورية بالمسؤولية عن المقبرة الجماعية التي اكتشفت قرب منطقة عنجر حيث كان يقع مقر الاستخبارت العسكرية السورية قال سياسيون ووسائل اعلام اخرى انها واحدة من مقابر عديدة في انحاء من لبنان كانت تخضع لسيطرة قوى مختلفة لبنانية وغير لبنانية,ودعا سياسيون ورجال دين الى التروي وانتظار نتائج اختبارات الحمض النووي وغيرها قبل توجيه الاتهامات.

وجاء في انباء صحافية لم تؤكد ان هناك ما يزيد على 400 مقبرة جماعية في المناطق اللبنانية وانها من مخلفات قوى لبنانية وفلسطينية والقوات السورية التي انسحبت من لبنان في ابريل نيسان الماضي في ما عرف باسم "الاستقلال اللبناني الثاني" اثر جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري.

اما الكتاب الذي وصف بانه "سيرة جوزف سعادة برواية فريدريك برونكيل وفريدريك كوديرك" فقد نقله الى العربية باسكال فغالي وسعيد الجن وصدر عن "دار الجديد" في بيروت وجاء في 303 صفحات متوسطة القطع. وجاء في تقديم الكتاب ان طبعته الفرنسية الاولى صدرت عام 1989 وصدر في ترجمة باللغة الهولندية سنة 1990 ثم كان صدوره في طبعة جيب باللغة الفرنسية "وعلى الرغم من هذا جميعا ومن مرور كل هذه الاعوام لم يخرج من اللبنانيين -مضرب المثل في السياحة في اللغات- من يتبرع بنقل هذا الكتاب على نية من يعنيهم الامر)قبل سواهم؟("

وفي اشارة الى التهرب من النقد الذاتي والى نوع من تبرئة الذات اضافت دار الجديد تقول في المقدمة "هل ان ارسال الحرب على معنى التجاوز عن ايامها ووقائعها وتجريدها من تفاصيلها وحيثياتها هو شرط اجماع اللبنانيين على ادانتها... سؤال برسم اللبنانيين قراء وامييين."

حمل الكتاب اهداءين بليغين في مدلولاتهما. الاول من جوزف سعادة "الى ابنيّ رولان وايلي". وكان الشابان قد قتلا في مكانين مختلفين وضرب احدهما بالبلطات. وادى ذلك الى "انتقام" الوالد الذي سمي "سفاح السبت الاسود". اما الاهداء الاخر الاكثر "قولا" وبلاغة فكان من الكاتبين الفرنسيين وقد اهدياه الى لورا زوجة جوزف وام الشابين على الشكل التالي "الى لورا.. الى المكلومين والمكلومات الذين اوتوا من البأس ان عفّوا عن الثأر والانتقام."

حملت كل دفة من غلاف الكتاب صورة للصفحة الاولى من جريدتين لبنانيتين رئيسيتين عن ذلك السبت الذي اطلق عليه اسم السبت الاسود. الدفة الاولى تشكلت من الصفحة الاولى لجريدة "النهار" اليومية وفيها ما كان يومها معلومات اولى. كانت العناوين الرئيسية كما يلي "56 جثة و300 مخطوف وانتشار المسلحين في كل مكان. هستيريا القتل تجتاح بيروت..." اما الدفة الثانية فكان من صحيفة "السفير" اليومية التي قالت عناوينها العريضة "هستيريا الحقد الكتائبي. 70 قتيلا و300 مخطوف." رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى