تعقيب على مقال «يحيى عمر...»

> «الأيام» أديب قاسم:

> لست ممن يحرصون (كل الحرص) على مت ابعة الصحف.. وإن عزوفي عنها هو لكثرة الغث فيها ابتداء من مستوى اللغة الهشة، إلى العجلة في طرق موضوعات كان ينبغي أن تقف على استفراغ الجهد.. وكذا كثرة المتأدبين فيها، غير أهل الأدب.

ومن دواعي الأسف أن أقف مصادفة على موضوع نشرته صحيفة «الأيام» في العدد 4658 بتاريخ 11 ديسمبر 2005م على صدر صفحتها الأدبية، وكان قد عرض لشخصية (شاعر) له حظ يسير من التاريخ.. وإن بقي قيد الغموض قليل الضوء.. ذلكم هو المعروف بـ «يحيى عمر» محمولاً بتوصيف «قائد الشعراء إلى الحب» والموضوع بقلم الأديب والشاعر المعروف: عبدالرحمن ابراهيم.ما هالني في الحقيقة هو مجرد العرض المبتسر دون تحليل ما لأبعاد تلك الشخصية، أو البحث الدقيق في تضاعيف تلك المادة عن منهج من مناهج الأدب، أو ضوء يهدينا إلى الحقيقة المغيبة في المادة الشعرية بنسبها إلى شاعر -كما ورد في الموضوع - عاش منذ ثلاثة قرون، وإن كان بعض الباحثين يرجعون ظهوره إلى القرن الحادي عشر الميلادي. فلا بد إذن، من أن ينطبق هذا العرض على ما يدعوه كاتب المقال بـ «كتّاب البحث السفري» وإن اراد مجرد الالماع في تلك العجالة وفي غمرة من إبداء (احترامه) لصديقه الدكتور الخلاقي.. فإن كاتب المقال- وإن كان أديباً مشهوداً له- كان قد تحدث عن الحب ولم يقل شيئاً، سواء من نسجه أو وحياً واستلهاماً من نسج تلك القصيدة محط استشهاده! مثلما اراد أن يقتصر موضوعه بالوقوف عند تلك الابيات الشعرية، والاستدلال من خلالها(!) على زعامة شاعر.. فليس في يدنا غير ذلك العنوان المتعسف والموسوم بـ «قائد الشعراء إلى الحب». ومع هشاشة العنوان لست أدري أهذا ما يقرره الأدب؟

أبيات قليلة وعنوان كبير(!!)

وكيف عمي كاتب المقال - وأنا أكن له احتراماً لأسباب اخرى لا شيء منها يتوقف على مقالته العجلى وقد فرغت من كل معنى .. كيف عمي عن أن بعض مفردات هذه القصيدة التي لبست عنوان «قلبي تولاه الطمع» هي مما لا يتفق مع عصر الشاعر.. إذ أن اللغة العربية وفي أذيالها «العامية» لم تكن لتوقّع قبل مطلع القرن العشرين أو نحو ذلك، على ألفاظ استحدثتها مجامع اللغة العربية منذ عهد قريب، ومنها: «حياة المجتمع» فما كانت العرب حتى عهد قريب تعتبر لفظ «المجتمع» تعبيراً عن الشعب او الجماعة! وكان (في الاصل) قديماً يعني (مكان الاجتماع) ثم أصبح مجازاً في عصرنا يطلق على جماعة من الناس خاضعين لقوانين ونظم عامة، مثال ذلك «المجتمع القومي» و «المجتمع الانساني»، فمنذ ثلاثة قرون لم تكن العرب تصنف هذا اللفظ في جماعة من الخلق .. وما كان من حديث يجري عن «حياة المجتمع» ناهيك عن أن تكون هذه المفردة (أو هذا التركيب) قد دخل في اللهجات وهي اللغات العامية إلا في المعترك السياسي الحديث!والأمر نفسه في مفردات من شأنها التخاطب على هذا النحو من التحدي «أثبت وجودك»! وبعد كل شيء أما يرى الكاتب كيف توارد إلى عصرنا وبيئتنا اليمنية عن اللهجة المصرية المعاصرة شيء من غريب اللفظ مثل «دلع» وإن كانت ترد في المعاجم الحديثة على نحو «المدلّع» وهو المتربي في العز والنعمة وليس لها مصدر اشتقاقي من دلع والاسم انما هو (الدّلاعة). ونرى أن لفظ «دلع» إنما استعمل في العامية الحديثة.. كذلك «جدع» إن كانت للمديح، وهي من الفاظ الاساءة على الارجح في فصيح اللغة العربية.. فيقابلها (شاطر أو شاجع) حسب وضعها في سياق القصيدة بالمفهوم العامي الحديث.

غير هذا، ما كان من «يحيى عمر» أن استخدم في شعره الذي شاع ذكره وترديده، هذه اللازمة «يقول الفتى يحيى عمر» وذلك واضح في سائر شعره أو هي اقواله المنظومة وهي قريبة مما كان يسميه ابن رشد «الاقاويل الحكيمة ذات اللحن» ويريد بها الغناء.

خلاصة هذا الرأي: أن القصيدة منحولة (أي انها نسبت الى يحيى عمر وهي لغيره من شعراء العامية في يومنا هذا فادعاها عليه) إذ هي بألفاظها من مولدات عصرنا ولا شيء منها لشاعر عاش في القرن الثامن عشر الميلادي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى