أيها الجهل.. أما لهذه الديمقراطية من آخر!؟

> أحمد محمد جبران:

> لم يكن الرئيس الأمريكي السادس جيفرسون مخطئاً عندما قال بأنه يجب على قوانين الدولة أن تسير يداً بيد مع تطور عقول الناس، أو كما قال الزعيم الروحي المهاتما غاندي بأن الحرية والديمقراطية تصبحان غير طاهرتين عندما تتلطخان بدماء الأبرياء.

فالتاريخ لا يرحم لأنه أصدق حقيقة للأجيال القادمة، فمن بين حقائق التاريخ والتجارب الإنسانية أن الكراهية لات توقف بالكراهية وإنما بالقوانين المحبة للحياة وأن الشيطان يسعى دائماً لهدم فضائل الناس، وأن النعيم الحقيقي للجهل هو التواري والنسيان بينما تظل الثقافة هي خط الدفاع الأول للشعوب.

وعندما نتكلم عن الجهل، فإنني أخص بالذكر الجهل الصحافي لبعض الكتابات المسطحة لأناس تصحرت عقولهم وتخشبت آراؤهم وتحنطت أفكارهم، أدمنوا وحتى الثمالة ثقافة اغتيال الحياة وقوانينها وتعاطوا مع ثقافة تقطيع أوصال الوطن اليمني الكبير وكأنما منحناهم حق كره النهار وعشق الظلام والتفاخر بثقافة السجون والمعتقلات والمقابر الجماعية وإحلال المصائب والكوارث على رؤوسنا.

أقلام تكتب بأصابع الديناميت التي تصنع صناديق الموت ليس لها من هم سوى نشر الولاءات والانتماءات الضيقة وفي وطن وحدوي كبير تداخلت فيه مصالح الناس حتى أصبح مصيرهم موحداً.

فأين أنت أيها الجهل الصحافي النائم من تعاليم هذا الوطن ووحدته المباركة والتقاليد السياسية الجديدة التي أرساها وطن الثاني والعشرين من مايو 1990م ومن لحظة تاريخية نادرة ومتفردة والرئيس البطل علي عبدالله صالح يرفع علم الجمهورية اليمنية الواحدة وفي مدينة عدن التاريخية التي لا أشك لحظة واحدة بأنها تعز على أبنائها الشجعان بعد أن عاشوا واستقطعوا لأنفسهم وبالإكراه 23 عاماً من زمن أطول نكتة في التاريخ اسمها الماركسية اللينينية ووقفت عجلة التطور فيها حتى تجمد الزمن معها.

أين أنت أيها الجهل الصحافي النائم على فراش المكابرة ووسائد المناكفات حتى أصبحت كالأعمى الذي يبحث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة، متناسياً أنك مواطن واحد فقط لا يحق لك الكتابة والتعبير عن الجمع إلا بالثوابت التي لا يمكن تجاوزها، فنحن جميعاً تحت سقف القانون وهيبة القضاء ولا أحد له حق في إقلاق طمأنينة الناس أو أن يلغي أحلامهم المشروعة.

أين أنت أيها الجهل الصحافي مما قدم هذا الوطن من آلاف الشهداء حتى احترمك التاريخ اليمني المعاصر بقيام دولة الوحدة، أم أن قراءتك للتاريخ تعني في مفهومك طي أحداثه ومعطيات حقائقه؟ وكيف يمكن لي كمواطن أن أستجمع هذه التناقضات التي تفننت أنت بالكتابات الصحفية لها، فمرة تكتب عن حوادث المرور، وأخرى عن الاستثمار وثالثة الأثافي أراك مصلحاً اجتماعياً وفيلسوفاً لنظرية (توحيد التسامح) وفي مناسبة تم أصلاً دفنها وإلى الأبد عندما رفع علم الوحدة اليمنية المباركة، بل ولم يكتف حينها الرئيس علي عبدالله صالح بإعلانه التاريخي بأن الوحدة اليمنية قد جبت ما قبلها، بل وأحرق ملفات الماضي ودك بالجرافات تلك المعتقلات في مدينة عدن لتتحول إلى مدارس ورياض أطفال وحدائق خضراء غناء بعد أن كانت مدافن سرية للموت الجماعي.. أم أنك أيها الجهل الصحافي كنت غائباً عن شاشة التلفزيون نظراً لتواجدك في الخارج!

أين أنت أيها الجهل الصحافي من دفاعاتكم عن فقراء عدن بينما كل كتاباتك لم تستجمع مالاً لبناء مدرسة لفقراء عدن.. أو كما يفعل النبلاء بعظيم عطاءاتهم الإنسانية لمدينة لم يكن أهلها يشمون إلا رائحة البارود ويتحولون كسكان آمنين إلى متاريس بشرية في الصراعات الحزبية وتحت شعار «تجديد دورة الدم الحزبية كل خمس سنوات».

أين كان قلمك أيها الجهل الصحافي من تاريخ لأناس تفننوا بإحلال المصائب والكوارث ضد أبناء مدينة عدن الشرفاء ومثقفيها بدءاً بالمظاريف ورسائل التهديد ومروراً بدس المبالغ في أدراج القضاة بتهمة الرشوة وانتهاءً برمي حبات القات في الأيام الممنوعة وعلى منازل الآمنين والمطلوبين.

ونراك اليوم أيها الجهل الصحافي تتجاهل وعن عمد ما جاءت به الوحدة المباركة من مفاهيم ربما لا يفهمها إلا من يفهم وهي أن القيادة السياسية الحكيمة ممثلة بالرئيس الحكيم المتزن علي عبدالله صالح قد ألغت وإلى الأبد أسلوب سلب الإرادة الحرة لتطلعات الناس وفي مختلف أنشطة مناحي الحياة وفي حق المشاركة الديمقراطية في العملية السياسية وعبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع ووصولاً إلى فردوس السياسة التي تتمنى الوصول إليها أيها القلم، ولكنها تبدو صعبة المنال عليك فلجأت أيها القلم إلى أسلوب تلوين كتاباتك علها تحقق لك الحد الأدنى من تطلعاتك المدفونة المبنية على نظرية شق الصفوف وتعميق المناطقية.

أين كان قلمك أيها الجهل الصحافي والوطن والتراب والعلم يتعرضون ومن قبل أكثر من شهرين من جماعات قبلية مسلحة ومتمردة في صعدة والجوف ولايزال الشهداء من أفراد قواتنا اليمنية الوحدوية الباسلة يتساقطون وكانت أجسامهم أشبه بقرابين العيد المبارك من أجل أن تنام في منزلك آمناً وبين أطفالك عز عليك كتابة سطر واحد لهؤلاء الجنود الشرفاء تشيد بقتالهم الضاري أو تترحم على من وافاه الله الأجل.

وكان من أكثر ما أدهشنا وبعد عيد الأضحى المبارك أن قلمك أيها الجهل الصحافي قد أغمزته في محبرة التداخلات بين الرسالة الصحفية وبين إصرارك على إشراك ما ليس لك من قدرة قانونية على فهم الأمور وقلمك يشن ودون دراية العقلاء هجوماً على مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل وبقرارها رقم (1) الصادر في عام 2006م بتجميد نشاط وأموال جمعية ردفان الخيرية كون هذه الجمعية قد مارست عملاً واضحاً وذا طابع سياسي ما يتعارض مع أهداف هذه الجمعية وهو ما يعطي للقانون الذي بموجبه أنشئت هذه الجمعية الحق في تجميدها وبموجب نص قانوني صريح ربما تداخل عليك فهمه كمكابر أو كصحفي مشهود له بالجهل.

وأين كان ما يجب تقديمه من نصح أيها الجهل الصحافي بأن مثل هذه الأنشطة يجب ممارستها في إطار أحزابها السياسية وليس في الدهاليز السرية للجمعيات وكنت أتمنى أن يكون هذا التجميد دافعاً لقلمك إلى حث أعضاء هذه الجمعية بطلب إشهار حزب لهم من قبل وزارة الشؤون القانونية والأحزاب سعياً إلى توسيع العمل الديمقراطي الذي توفر كهبة من اللـه فـي ظـل قوانين الوحدة اليمنية المباركة وبرئيسنا القائد علي عبدالله صالح يحفظه الله.

ولكن غلبت المكابرة جهلك الصحافي وفضلت أن يكون جهلك صغيراً أمام خبرات العمل الصحافي الكبير وهذا ليس غريباً لأنك ترى كل الوطن اليمني الرائع من طرف أنفك وليس من خلال سيرك، وليس أيضاً من خلال الاغتسال بترابه لتتعلم معاني طهارة الأوطان وقدسيتها.

ولا أريد لك أيها الجهل الصحافي أن يكون هذا الاجتماع في هذه الجمعية وتحت مسمى المصالحة أن تتحول إلى ضحكات أبنائنا قبل سخرية الآباء لأن الهدف كان واضحاً والوطن الوحدوي هو أكثر وضوحاً وسنبقى هكذا إلى ما شاء الله وليس إلى ما يريده جهلك الصحافي وكأنك تجعل من مدينة عدن ملعباً لقتال قادم ربما حينها ينكشف وبجلاء قلمك الديناميتي لتتحول إلى تاجر حروب وأسلحة وهذا أيضاً بعيد عليك تحقيقه.. وهذه هي مدينة عدن.. وهذا هو الفهم الوحدوي الجديد لمدينة عدن وهو أنه من لا يريد لمدينة عدن أن تكون آمنة مطمئنة فهو لا ينتمي لليمن.

أيها الجهل الصحافي.. عندما ترى أبناء مدينة عدن يستعيدون حياتهم ويبتسمون ويتسامرون، وعندما ترى نساء وأطفال مدينة عدن يخرجون للتنزه في المساء الآمن، وعندما ترى بيوت الله عامرة بالمصلين في عدن وعندما ترى الحدائق والمتنفسات الخضراء والشوارع النظيفة فاعلم أنها دلالات واضحة بأن هذه المدينة التاريخية الساحرة لقادرة على تضميد جراحاتها بنفسها دون أن يكون هناك نصح من لم يعش مراراتها.. لأن هذا هو تاريخ هذه المدينة العظيمة ودع الوحدة اليمنية تكون بلمسها الشافي لأن كل الموجوعين بآلام دورات الدم هم كثيرون من أبنائها وخذ أيها الجهل الصحافي مكاناً يرتاح فيه جهلك وتدفن فيه غيرتك على المنجز الوحدوي فعندنا في عدن التاريخية مواقع عديدة لغسل الذنوب والخطايا وبأسلوب إنساني رائع لا بالصورة التي يريدها جهلك الصحافي الممزق والذي لا يجيد حتى اختيار عناوين مقالاته.

فليس عيباً أن نتعلم من التجارب الإنسانية ما معنى الخطأ ولكن العيب هو أن نتلذذ بتكرار هذا الخطأ، ومن أرضية الدفاع عن محافظة عدن ربما ومن حيث لا ندري أن الجهل الصحافي قد حولها إلى مستودع كبير لبراميل البارود.

فهل آن الأوان لأن نحترم تطلعات وأحلام أبنائنا المشروعة أم سنظل نحرث في البحر؟ فالأبواب كلها مفتوحة وللجميع نحو السير في طريق البناء والتنمية ومن الاستشعارات الوطنية لثوابت النظام والقانون والوحدة اليمنية المباركة وفي مرحلة ترسيخ النهج الديمقراطي، أما السير في الكتابات المسمومة لثقافة إعدام الحياة فهذا نرفضه من أساسه وليكن شعارنا في مرحلة ترسيخ هذه الديمقراطية هو:

«أيها الجهل.. أما لهذه الديمقراطية من آخر!؟».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى