حسن باعوم ضمير الحزب الاشتراكي

> فريد صحبي:

>
فريد صحبي
فريد صحبي
عرفت حسن باعوم صديقاً في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي.. أي مع بدايات ثورة الرابع عشر من أكتوبر.. لم أعرف له موقفاً خشناً ولا قولاً غليظاً، ولا مسلكاً غير لائق.. لم أعرف عنه سوى أنه امتاز بدماثة الخلق.. لين الطبع رقيق القلب، عفيف نبيل كريم الأصل .. صديق صادق مخلص وأمين.. ولكن صديقي هذا غدر بي يوم هرب مني مندفعاً كالصاروخ مع تيار اليسار الثوري الجامح يومذاك عشية الاستقلال الوطني وخروج الإنجليز من عدن.. وتركني وحيداً منغلقاً على نفسي مع تيار اليمين الرجعي الجامد!

سرعان ما صعد باعوم ليصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، بل وعضواً مرشحاً للمكتب السياسي.. أعلى قمة على مرتفعات الحزب.. ويوم كان يراني بعد ذلك أسير على قدمي في قارعة الطريق يهبط سريعاً من علياء سيارة الحزب إلى أرض الشارع ليسلم علي ويحتضنني.. لم تسلب بهارج السلطة لب فؤاده.. ولم يأخذه الغرور كل مأخذ كما فعل بالآخرين.. ذلك لأن حسن باعوم كما قال هو عن نفسه بأنه (معجون بتراب هذا الوطن)!

لم يطمع حسن باعوم بأي مغنم من مغانم السلطة.. ظل طوال فترة بقائه في صولجانها قابضاً بيد فولاذية على مبادئ الثورة.. بعكس أولئك الذين باعوا الثورة وباعوا مبادئها وارتموا في أحضان الثروة وانغمسوا في ترف السلطة وعاثوا في الأرض فساداً!

دخل حسن باعوم معمعان الثورة فقيراً وصعد في معارج السلطة عالياً وظل فيها فقيراً وخرج منها وهو فقير.. رحم الله امرأً عرف قدر نفسه.. واعتذر لأهله واستغفر ربه.. ويكفيه.. يكفي حسن باعوم نظافة اليد ونبل القصد وقول كلمة الحق ولو كانت في وجه حاكم جائر.. وهذا يعدل جهاد ألف عام في سبيل الله!

وها هو اليوم.. البطل الأسمر.. ينظم الجوهرة الفريدة في عقد مواقفه الشجاعة دائماً بتقديم استقالته كسكرتير أول لمنظمة الحزب الاشتراكي بحضرموت بعد أن تبين له وتأكد كما قال أن بقاءه في الموقع القيادي للمنظمة خيانة لمبادئه ومساومة بحقوق أهله الذين ضحى من أجلهم بزهرة عمره وشبابه وصحته.. من أجل الفقراء والكادحين البسطاء والمساكين.. ألم يدعُ نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام ربه بأن يجعله مسكيناً وأن يحشره في زمرة المساكين.. فطوبى لمن كان نصيراً للفقراء والكادحين البسطاء والعاملين ولكل الضعفاء والمساكين!

نعم.. حسن باعوم هو آخر الرجال المحترمين.. آخر رجال الزمان الجميل.. الذين لم نعد نراهم في هذا الزمان الرديء.!نعم.. استقالة حسن باعوم صرخة ضمير.. أضناه الباطل وقهره الظلم والاستكبار.. فمتى تصحو الضمائر؟

Email: [email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى