تضامناً مع المشرقي

> يحيى غالب أحمد الشعيبي المحامي:

> محمد صالح المشرقي المعتقل في سجن الأمن السياسي والذي تم اقتياده من مكان مصدر رزقه الشريف في فرزة الشيخ عثمان حيث يكدح ليل نهار لتأمين حياة أولاده وأسرته بمصدر دخله الوحيد سيارة الأجرة (تاكسي).. هذا المشرقي ابن ردفان الشامخة ينتمي إلى سلالة رواد التحرر والانعتاق كان مملوءاً بالوفاء ومشبعاً بثقافة التسامح غيوراً على قيم إنسانية يراها تنهار وتنتهك خلافاً للقانون لم يهدأ له بال في قضية منتصر محمد فريد بل شارك بكل الفعاليات الاحتجاجية بوعي وإدراك ومسئولية لما يقوم به من سلوك تضامني حضاري إنساني. أراد المشرقي أن يثبت أنه ينتمي إلى عصر الوعي المدني والسلوك الحضاري، لم يكن حضوره للحضور في جمعية ردفان فقط بل كان حضوراً فاعلاً ينم عن نضج أفكار وثقافة عالية وخبرات ضابط محنك يعي المخاطر ويضع المخارج لتجنبها. ما حز في نفسي أن المشرقي كان يعلم أنه سيدفع الثمن وأنه سيكون وراء القضبان حيث طرح ملاحظة في جمعية ردفان أمام أعضاء اللجنة التضامنية لقضية منتصر، ملاحظة توخي الحيطة والحذر عندما تم طرح مقترح بخروج مسيرة احتجاجية كبيرة لأسر الضحايا من القتلى والجرحى وأعمال العنف للمطالبة بإلقاء القبض على مرتكبي تلك الجرائم وكان تعقيب المشرقي للحاضرين أن أي مسيرة سوف تواجه بقوة وتضرب فأثار ذلك الطرح انزعاج البعض وكأنهم يتهمونه بالخوف والتراجع فاشتد غضبه وهاج كالأسد قائلاً أنا لا أخاف يا إخواني لكن أقول لكم إننا سنعتقل وسندخل السجون قالها بمرارة شبل ردفان البطلة ولازالت تجاعيد وجهه وملامح غضبه مرسومة بذاكرتي.

واصل شبل ردفان الأبية تضامنه الإنساني في جمعية ردفان وكان يوم 13 يناير 2006م اللقاء التسامحي لكل الشرفاء وحضر المشرقي حاملاً أوجاعه وآلام الدهر ومآسيه ومعاناة الحياة وكأنه أرد الخلود للراحة بين أهله وناسه بعيداً عن زحمة التاكسي وشظف العيش ومكابدة جلب الرزق ، أراد الشعور بالانتماء لوطن مستقر ليساهم روحياً بتضميد نزيف الجراح خصوصاً وردفان ينبوع الدم الذي لم ينضب، حضر المشرقي كغيره من الشباب والشيوخ ليساهم في رسم لوحة جميلة سامية نبيلة فاتحاً قلبه لمن اختلف معهم أمس، لإخوانه لأهله.

كان المشرقي يعي ما يحصل بقاعة جمعية ردفان بأنه عمل لا يخالف القانون ولا يعرضه وغيره لأي مساءلة قانونية، قد أوقف سيارته مصدر رزقه من الحركة كان يحس أن هناك من الحاضرين شخصيات وقيادات حزبية ليست من المعارضة فحسب بل من المؤتمر الشعبي العام ولكن كان لا يتوقع أن يكون وراء القضبان بدون أن يقوم بأي عمل كمسيرة أوغيرها.

لا نعلم ما هي الجريمة يا مشرقي التي ارتكتبها؟ ولماذا أنت بالذات بينما كان بجانبك وعلى مقربة منك عارف صالح شايف أمين عام الجمعية الذي كتب بصحيفة «الأيام» يوم الخميس مقالا كان يفترض أن يطالب فيه بالإفراج عنك بدلاً من نكئ الجراح وتعزيز القول المكرر بأن صحيفة «الأيام» فتحت صفحاتها لقوى سياسية لتصفية ثأراتها مع السلطة وتكرار عبارات الثأرات السياسية مع السلطة والإفراط بها. وكنت لا أتوقع أن أمين عام الجمعية يؤيد ويبارك قرار إغلاق جمعيته الخيرية بأنه قرار شرعي وقانوني ولكن زادت قناعتي بأن المشرقي معتقل من منظور شرعي وقانوني لأمين عام جمعيته الخيرية ايضاً.

أنا أعرف شخصياً مدى صلابة عود محمد المشرقي وإرادته الفولاذية وشجاعته الواعية الممزوجة بالصبر والشموخ المستمد من جبال ردفان الشماء، من أصالة الآباء والأجداد، المتجذرة تاريخياً المتوارثة يحملها اليوم الأبناء بعزة وكرامة، وأذكره بما قاله البطل الشيخ محمد ثابث الحجيلي الردفاني إبان الاحتلال البريطاني عندما استدعته سلطات بريطانيا بالحبيلين تلزمه تسليم أولاد عمه وأبناء قبيلته الذين تقطعوا للقوافل البريطانية ومنحته السلطات البريطانية مهلة وفرصة زمنية 24 ساعة لتسليمهم ما لم فإن الطيران البريطاني سيقوم بقصف قرى ردفان، فعاد مغتاظاً غيظ الأبطال يغلي الدم بشرايينه ويسأل نفسه كيف يقوم بتسليم أولاد عمه وقبيلته أم يقصف الطيران القرى ولكنه قرر الحرب ضد بريطانيا العظمى .

وانتهت الفرصة الزمنية من بريطانيا للحجيلي وغار الطيران البريطاني على القرى واستبسل الرجال أبناء ردفان ولم يصدوا الطيارات فحسب بل أسقطوها بأسلحتهم التقليدية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى