وتلك الأيــام..المواطن الهش

> محمد سالم قطن:

>
محمد سالم قطن
محمد سالم قطن
في العقد الماضي، احتل مرض نقص المناعة المكتسبة، المعروف اختصاراً بالإيدز، موقع الصدارة بين عناوين المجلات والنشرات الطبية والصحية في مختلف أرجاء العالم، باعتباره مرضا خطيراً يهدد حياة البشرية، يتوجب الحد من انتشاره بتفهم أسبابه وطرق الوقاية منه.

في هذا العقد الذي انتصفت أعوامه، يلاحظ المتابعون أن تلك المجلات والنشرات قد ملت الحديث عن الإيدز، وانتقلت في موضوعاتها واستطلاعاتها لتغطى مرضاً آخر من أمراض هذا العصر، ألا وهو مرض هشاشة العظام المعروف علمياً بـ .osteoporosis

ففي هذه الأيام لا يكاد يخلو أي موقع من المواقع الطبية والصحية على الشبكة العنكبوتية المسماة بالانترنت من إشاره ولو عارضة، إلى هذا المرض وقصته ومستويات انتشاره وأساليب علاجه وطرق الوقاية منه، خاصة بالنسبة لمن بلغ سن اليأس من النساء أو أرذل العمر من الرجال، وهما الشريحتان الأكثر تعرضاً لآثاره ومصائبه.

وأغلب ظني، أن الخبراء والمستشارين الذين أعدوا التقرير الأمريكي الدولي الشهير حول تصنيف دول العالم إلى دول متقدمة ديموقراطية ودول مفككة ودول هشة، إلى آخره من هذه التصنيفات، هم من المهووسين بظاهرة هذا المرض المسمى هشاشة العظام، وإلا لما أقدموا على تصنيف مجموعة كاملة من الدول تحت خانة الدول الهشة. ويتأكد ظني هذا، بمعرفتي المسبقة بأن الدولة الكبرى في العالم التي أصدرت التقرير المشار إليه، وغيرها من الدول الكبرى لا تختار مستشاريها وخبراءها إلا من بين الكفاءات المجربة ممن خبروا العمل وتقدم بهم العمر، حتى صاروا تحت طائلة التخوف من الإصابة بهشاشة العظام، إذ تصبح النساء منهم (أي من الخبراء) قد تجاوزن اليأس ويصبح الرجال منهم على مشارف أرذل العمر.

ولأن الجهة التي كلفت أولئك بإعداد التقرير، كانت جهة سياسية، لها اغراضها ومراميها منه، فقد جاء تقريرها على مقاس تلك الأغراض والمرامي، وقديماً قالوا إن الذي يدفع أجرة الزمّار يطلب الأغنية التي يريد. فلا غرابة أن يتحدث ذلك التقرير عن حكومات ودول ونظم وأحزاب ويتجاهل الأفراد من أناس بسطاء ورعايا ومواطنين.

الحقيقة تتطلب أن يتم التصنيف على مستوى الناس، وإذا لم يكن كذلك، فلماذا يتبجحون علينا بمقولة أن الإنسان هو أثمن رأسمال. لماذا لم يطلعوا علينا بتقرير يحلل الفوارق بين المواطن الهش والمواطن البطران. لماذا لم يحددوا الخط الفاصل بين مستوى المواطن السوي والمواطن الهش؟ هل هو الخط المسمى بخط الفقر؟ أم شيء آخر والعياذ بالله؟ أسئلة كثيرة تراودني وأنا في عجلة من أمري أحاول وضع التعريف المقبول للمواطن الهش. ولكن علمي بأن معظم قراء «الأيام» هم من الذكاء والحصافة بمكان، ولدى كل منهم العديد من أدوات الفحص والقياس، ورحم الله شاعرنا العربي الذي قال:

وأنكد الناس عيشاً من تكون له ** نفس الملوك وحالات المساكين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى