في ظلال ديمقراطية الفورميكا الدولة جانية والرعايا مجني عليهم

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
لا أستغرب أن دولة إسرائيل ممثلة بجهاز مخابراتها (الموساد) ظلت تتعقب النازي الكبير أدولف إيخمان ردحاً من الزمن، حتى وقع بأيدي مخابراتها في الأرجنتين، التي عاش فيها باسم مستعار (ريكاردو كليمنت) وتم اختطافه من هناك ونقل على متن إحدى طائرات شركة (العال) في مايو 1960م.

لا أستغرب أن دولة إسرائيل تشن غارة انتقامية رداً على قتل (11) رياضياً إسرائيلياً في أوليمبياد ميونيخ 1972م وقال المسؤولون الإسرائيليون في أعقاب العمليتين إن إسرائيل ستتعقب كل من يسيء إلى اليهود إلى كل ركن من أركان العالم وأن دم مواطنها الذي يراق ستريق بمقابله أضعافاً. بصرف النظر عما قاله المسؤولون الإسرائيليون إلا أن حجتهم أن الدولة اليهودية تقع عليها مسؤولية أمن المواطن اليهودي.

إلا أنني أستغرب عندما يقول الكاتب والأكاديمي الكبير د. محمد عبدالملك المتوكل، بعد خروجه من مطار صنعاء قادماً من مهمة علمية في الخارج: الدول ترعى مواطنيها، إلا في اليمن الدولة هي مصدر المتاعب والأذى.. دولتك هي التي توذيك، وهنا تنتفي صفة المواطنة والوطن والمواطن وهي ثلاثة مفردات مقدسة ويصبح الحديث عن الرعايا.

يتضاعف استغرابي عندما أقف أمام أوضاع الجنوبيين بعد 7/7 ، التي أصبحت في كف عفريت والوقائع كثيرة، لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر قضية مسكن الوزير الأسبق عبدالله علي عقبة، الذي اقتحمه جندي في الحرس الجمهوري في 29 أغسطس 2003م وفشلت كل الجهود والأوامر في إخراجه من المنزل، وتمكنت الأسرة من استعادة المسكن قبل شهر واحد فقط، وخرج المغتصب معززا مكرما بقطعتي أرض ومبلغ من المال.

حاملو عقود تأجير بأراض في مخطط النصر السكني ألغيت حقوقهم بقانون القوة، مع أن قوة القانون وقفت في صفهم وأوامر رئاسية ووزارية وأوامر المحافظ فشلت في إحقاق الحق وانتصر الباطل.

مظهر آخر من مظاهر إذلال الجنوبيين تم إسقاطه على أرض العزيبة ومساحتها (7000) فدان، التي سقطت فريسة بيد جبابرة واستنزفت طاقة وأموال العزيبة وهم يطرقون هذا الباب ويحاولون باباً آخر وتاهوا في دائرة مفرغة ليقرر الصلح بأن توزع الأرض على النحو الآتي: 1800 فدان للدولة، 1500 فدان للمستثمرين و3700 فدان للعزيبة، ورغم كل ذلك لم يمكّن العزيبة من أرضهم التي فقدوا منها 47.2% مع أن قبيلة في شمال الشمال حصلت على أكثر من ملياري ريال مقابل الأرض التي أقيم عليها مطار صنعاء لأن الأرض هناك مقدسة.

تشمل مظاهر إذلال الجنوبيين ما حدث ويحدث وسيحدث في أمانة العاصمة والتي مورست وتمارس وستمارس بمقصدين: النهب والابتزاز، لأن الشريعة السائدة هي شريعة الغاب، وإلا فكيف يفقد هذا الجنوبي (1000) لبنة من حر ماله بين غمضة عين والتفاتتها ومات صاحبها كمداً؟

هذا جنوبي آخر يتم استدراجه لتأجير فيلته لشخص زعموا أنه مغترب وما هو بمغترب ولمدة ستة أشهر وبالدولار الأمريكي. مرت ثلاث سنوات والمغتصب لا يزال في فيلا الضحية والأوامر العليا لم تنفذ.

هذا جنوبي ثالث، يجري لي ذراعه وتنغيص حاله وتكدير صفوه وإرباك أمنه وزعزعة سكينته بدس مطالبين زوراً بأرضهم التي قام عليها عقار الجنوبي قرابة ربع قرن، والتي كان قد اشتراها قبل 30 عاماً ، ويشمل السيناريو إنهاء الرسالة المتميزة لصاحب العقار فيما لو لجأ لرد فعل مساءل عنه في القانون.

هذا غيض من فيض وعلى الباغي تدور الدوائر وقد تقتضي الحاجة الدخول في تفاصيل ما ذكرنا وما لم نذكر.

هذا نموذج آخر للتراجيديا والكوميديا في آن واحد، واسمحوا لي بروايتها وضعوا أيديكم على قلوبكم حتى لا تقفز إلى الحناجر:

أحمد سالم دعكيك، من أبناء حضرموت الذين أقاموا في صنعاء في ظل العهد الملكي وعمل في البنك السعودي بصنعاء الكائن في ميدان التحرير وبعد الثورة عمل في البنك اليمني للإنشاء والتعمير بصنعاء، وأسندت إليه مهمة تحصيل الديون وكانت حصة الأسد من الديون في ذمة أشخاص من العيار الثقيل ونُصح دعكيك بالابتعاد عن تلك المهمة ولكنه غلَّب نداء الواجب وكان ثمن ذلك أن وجد نفسه في الشارع.

فتح مكتبة الأندلس ونجح في عمله وفتح الله عليه واشترى أرضاً في شارع القيادة وكان ثمنها (240) ألف ريال من حر ماله وعندما بدأ البناء انبرى له أحد أشاوس سبتمبر ووجد دعكيك نفسه يشتري أرضه من جديد وفوض أمره لربه وعزم على وضع الأساس فانبرى له مدع آخر وزعم أنها ملكه.

جمع دعكيك عفشه ورحل مع أولاده إلى أرض الخليج وعاش هناك في ظل الأمان والإيمان وفتح الله عليه ومات هناك وعلى شفتيه عبارة أحمد الحردلو: «ملعون أبوكي بلد».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى