علي سعيد الخنبشي من المرور إلى الفن:أول من خط ورسم الإرشادات المرورية وأطرب الجمهور بألحانه الهندية

> «الأيام» صلاح العماري:

> قد تمتطي الشهرة جوانب من حياتك فيعرف الناس ذلك الجزء وتتوارى جوانب أخرى من مسيرتك في الحياة.. في حوار اليوم تطرقنا إلى الجانبين المهمين في حياة فنان حضرموت علي سعيد الخنبشي المتواري خلف الأنظار منذ سنوات.. والمتميز بألحانه الهندية الشهيرة.

فناننا علي سعيد الخنبشي من مواليد 1942م بالعاصمة الصومالية مقاديشو، جاء بمفرده إلى المكلا عام 1965 وعمره حينذاك 23 سنة، اشتغل في أول مشروع للمياه بالمكلا عام 65 لمدة 4 أشهر فقط ثم سرعان ما انخرط بالسلك العسكري في الشرطة في نفس العام وعندما لاحظ الضباط جمال خطه وإبداعه في الرسم قاموا بتحويله إلى أول قسم أنشئ للمرور عام 65م (في مخفر السوق بجانب مسجد عمر بالمكلا). كان يرأس القسم الملازم عمر أحمد بلفقيه والملازم عامر سعيد النوبي، عمل الخنبشي كاتباً في المرور ومعه (4) جنود فقط (رجال مرور) كانوا يتفرقون ما بين مسجد عمر إلى الدلة ومن البريد القديم إلى سدة المكلا، وفي الشرج وفي ديس المكلا.. قال الخنبشي عن تلك المرحلة: «كان عملنا تسجيل الملاحظات على السيارات المخالفة فقط والغرامة كانت تدفع للمالية، كانت في المكلا قرابة (20) سيارة فقط و3 حافلات (باصات) و(لوريات) تذهب إلى وادي حضرموت، كانت الغرامة لا تتجاوز 5 شلن أو 10 شلن».

في عام 1971م تم فتح مكتب خاص للمرور بجانب مديرية أمن المكلا حالياً وازداد عدد رجال المرور، حيث ذهب علي الخنبشي بمعية (15) جندياً في دورة إلى عدن في عام 71م في إخراج تراخيص السياقة وفحص السيارات، يتحدث الخنبشي عن ذلك بالقول: «أول مكتب منظم تم افتتاحه عام 71م فزاد عدد رجال المرور وعدنا من دورة عدن وقد استفدنا منها كثيراً، وقد قمت برسم وخط أول لوائح لإرشادات المرور عام 1967م، استجابة لطلب مسؤول المرور حينها الملازم عوض بارباع وكان الهدف من اللوائح تنظيم حركة المرور وإرشادات السلامة والمشاة وقد عممت هذه اللوائح على ساحل ووادي حضرموت وبعض المحافظات المجاورة».

لكن عمل علي الخنبشي في المرور لم يستمر كثيراً حيث تحول إلى التوجيه المعنوي بالشرطة «كنت أعمل في المرور وفي الوقت نفسه قائداً للفرقة الموسيقية العسكرية في الشرطة، نشارك في الاحتفالات الوطنية المختلفة، لكني لم أستطع التوفيق بين المهمتين فتم تفريغي للشرطة عام 80م وكنت حينها أرسم وأخط اللوحات الخاصة بالمناسبات الوطنية والعسكرية، وفي عام 83م سافرت إلى السعودية، لكنني لم أستطع الاستمرار هناك وعدت بدافع حبي للعمل العسكري عام 89م وعملت في قسم الورش بالشرطة كاتباً وخطاطاً حتى 2000م حينها تقاعدت عن العمل».

الجانب العسكري في حياة علي سعيد الخنبشي، لم يكن معروفاً كما كان فناناً يعتلي المخادر ويطرب الحضور بالأغاني ذات الطابع الهندي التي تميز بها، كيف بدأ الخنبشي مشواره مع الفن؟ يقول: «بدأت الفن وعمري 12 سنة في مقديشو، وكان خالي عازف عود وكمان في إذاعة الصومال، تعلمت ذاتياً العزف على آلة الناي، كنت مغرماً بالناي والأفلام الهندية، أبدعت كثيراً في عزف الأغنيات الهندية بالناي، كنت أطرب مع الفنان الكبير صالح سعيد باعيسى وخميس سالم كندي في مقديشو في المخادر والمناسبات المختلفة، وبعد عودتي إلى المكلا عام 65م حضرت كمشاهد لإحدى المخادر في ديس المكلا كان يطرب فيها الفنان القدير د. عبدالرب إدريس ومعه طاقم قدير هم: فرج علي (عازف الناي)، وعبدالقادر جمعة خان (الكمان) يسر بن سنكر (كمان)، ناصر الحبشي (كمان) سعيد بكيران (إيقاع)، وحينما كنت بين الجمهور شاهدني بعض الشباب العائدين من الصومال، كانوا يعرفونني من الصومال فأخبروا د. عبدالرب أنني موجود ففوجئت بمناداتي عبر المايكرفون إلى المخدرة وطلب مني عبدالرب الغناء والعزف على الناي، ولاقيت حينها استحساناً وقبولاً وبعدها استمريت في المخادر، لكنه كان استمرار الهاوي وليس المحترف، لأن العمل العسكري كان يأخذ وقتي وهوايتي».

تميز علي الخنبشي بالميل إلى اللون الهندي المحضرم.. كيف جمع بين اللونين؟ يقول الخنبشي: «كنت مغرماً بالأفلام والأغاني الهندية استفدت من بعض الألحان الهندية، لكن الكلمات كانت عربية، حاولت المزج بين اللونين انطلاقاً من حب الناس وعشقهم للأغاني الهندية، فبدأت بأغنية كتبت أنا كلماتها واستقطبت اللحن من فيلم هندي اسمه (أساليب الحياة) وعرضتها على الراحل حسين المحضار - رحمه الله - فأشاد بها، تقول كلماتها:

«أنت ملكت الجمال والصبا .. أنت المراد وأنت المنى .. هيا عود اللقاء .. ميري مهبوبا».

وميري مهبوبا كلمة هندية تعني «يا حبيبي».

ثم كتب المحضار قصيدة للخنبشي لها لحن هندي أيضاً تقول: «غاب القمر والليل مر.. وحبيب قلبي ما حضر .. دوّرت منه في كل ذمة .. والناس يخفون الخبر».

وكتب للخنبشي الشاعر علي سالم بامهدي، قصيدة تم إدراج لحن لها من الفيلم الهندي (فقيرة) تقول كلماتها: «كما أقاسي وأعاني من تصاريف دهري وزماني شقاء الحياة».

ومن لحن من الفيلم الهندي (وقت) غنى الخنبشي أغنية من كلمات عبدالقادر الكاف، تقول: «يا حبيبي أتى الحب من مقلتيك.. فتقبّل حياتي هدية إليك».

وغنى الخنبشي للشاعر الراحل عبدالقادر أحمد العمودي - رحمه الله - إحداها بدأ الخنبشي بكلماتها ثم أكملها العمودي بلحن من الفيلم الهندي (ولدي) تقول:

«كم أقاسي الألم .. من بلي بالعدم .. أين أهل الهمم ..أين سمر الجباه .. رحمة لليتيم.. رأفة بالعديم .. ربنا يا كريم .. أعطي قلبي مناه .. حالتي في عذاب .. دمعتي في انسياب .. وبجسم مصاب أروم النجاة .. أكرموا الضعفاء وارحموا الفقراء وانقذوا البؤساء من عناد الحياة».

وغنى لعبدالقادر العمودي من لحن لفيلم (دوستي) الهندي: «يا حبيبي لو كنت تدري أبحث عنك في كل مكان هكذا دور الحياة».

مما سبق يتضح أن الفنان علي الخنبشي قد خطا طريقاً مميزاً فاختار لوناً جديداً يتبع الأغنية الحضرمية، لكنه ذو اقتباسات من ألحان هندية جميلة الإيقاع ولها قبول عند الجمهور.

وبعد.. اعتزل الفنان علي سعيد الخنبشي، الفن في رسالة رسمية بعث بها إلى جمعية حضرموت للموسيقى والتراث الغنائي مكتفياً بمشواره السابق.. معللاً ذلك بكبر سنّه والخلود إلى الراحة، مؤكداً أن الساحة الفنية الحضرمية حبلى بالفنانين والعازفين الجيدين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى