وزير المياه والبيئة لـ «الأيام» .. الحفر العشوائي لآبار المياه أحد أنواع الإرهاب للأجيال القادمة .. اليمن من الدول القلائل التي ذكرت حماية البيئة في دستورها

> «الأيام» علي باسعيدة:

>
وزير المياه والبيئة أثناء حديثه للزميل علي باسعيدة
وزير المياه والبيئة أثناء حديثه للزميل علي باسعيدة
تواجه اليمن الكثير من التحديات والمشاكل الكبيرة في قطاع المياه وفي مجال البيئة والتي تهدد مستقبل الاجيال القادمة وتجعله في خطر سواء عبر الارهاب الجديد (الحفر العشوائي) أو من خلال التلوث الذي تحدثه بعض الشركات النفطية من خلال نفاياتها السامة التي تهدد الجميع الماء والبشر.. وزارة المياه والبيئة تقف امام هاتين القضيتين بنوع من الارادة القوية للحد منها لما تمثله من مخاطر على الجميع وهي أهم ما طرحناه على وزير المياه والبيئة م. عبدالرحمن فضل الارياني، الذي زار وادي حضرموت في هذا الحوار الذي شمل أيضاً تجربة المؤسسات المحلية للمياه وهيئة الموارد المائية ومياه الريف اضافة للمشاريع الاهلية التي تعمل حتى اليوم وتأخر تنفيذ مشروع مجاري سيئون تريم وغيرها من الامور التي طرحناها على معالي الوزير، الذي أخجلني بتواضعه الجم وبما يحمله من افكار وآراء نيرة تجاه المياه والبيئة فهاكم نص الحوار معه.

< بداية هل تطلعون القارئ على نتائج زيارتكم لوادي حضرموت وتقييمكم لها؟

- حقيقة الهدف الاساسي من الزيارة هو التعرف عن قرب على نشاط الوزارة والنشاط الذي تشرف عليه من مياه حضر ومياه ريف بالإضافة الى نشاط الموارد المائية ايضا بالمحافظة والنتائج، وقد وجدت أن النشاط متفاوت طبعا حيث مازالت هيئة مياه الريف ناشئة وتحتاج الى دعم واهتمام أكبر، أما بالنسبة للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالوادي فلها تاريخ قديم كجهاز ولكن كاسم فهي حديثة ونأمل فيها خيرا فالمؤسسة ذات تأسيس جيد ولديها كادر ممتاز وأصبحت تغطي أكبر عدد من السكان.

< المساحة الجغرافية لنشاط المؤسسة يمتد الى (17) مديرية بينما المؤسسة لا تغطي إلا سبع مديريات ترى ما هي الاسباب المعيقة وما هو توجه الوزارة بهذا الشأن؟

- طبعا المؤسسة المحلية بالوادي هي مؤسسة مياه حضر وبالتالي فهي من حيث الاختصاص من المفروض ان تهتم بالمدن التي يبلغ عدد سكانها (15) الف نسمة أو اكثر ما عدا ذلكم فهو نشاط هيئة مياه الريف والجمعيات وأصحاب الخير.. في رأيي أن المؤسسة تكاد تغطي أكثر المدن التي يبلغ عدد سكانها (15) ألف نسمة ما عدا مدينة او اثنتين على الأقل، والعمل جار لتغطيتهما، أما بالنسبة للمراكز السكانية التي يقل عدد سكانها عن ذلك فنحن في الوزارة ندعم ونأمل من هيئة مياه الريف ان تنشط أكثر ويكون فيه استثمار اكبر في هذا المجال لتغطية احتياجات المواطنين فيها لأسباب تاريخية ولأسباب معينة كان الاهتمام بالمياه، والآن الصرف الصحي ومعالجة الصرف الصحي من أهم الامور لأنه بدون صرف صحي المياه تؤدي إلى مشاكل بيئية وصحية كبيرة فمعظم الاستثمار القادم خلال الخمس السنوات القادمة سوف يكون في مجال الصرف الصحي في المدن والريف.

< المشاريع الأهلية أول ما عرفها وادي حضرموت في قطاع المياه، ومازال بعضها يعمل حتى اليوم بل هي عامل مساعد للدولة في قيام المشاريع الحكومية من خلال الاستفادة من شبكاتها الموجودة .. كيف تنظرون لذلك؟ وهل مازالت المشاريع الاهلية ضرورة ونحن نطفئ الشمعة السادسة عشرة لقيام الجمهورية اليمنية؟

- طبعا المياه وتوفيرها بشكل عام بدأت بمجهودات فردية أو جمعيات او منظمات شعبية، نحن في الوزارة ومع توسع الرقعة السكانية الكبيرة يصعب على هذه الهيئات والمؤسسات المواصلة في ذلك، لكن في النهاية من حيث فلسفة العمل بتوفير خدمات المياه والصرف الصحي نحن سوف نعود مرة أخرى الى قضية اللا مركزية من خلال إشراف المستهلك على الأداء لانه الوحيد الذي يضمن حسن الأداء وحسن تقديم الخدمة، لكونه ذا ضلع في اتخاذ القرار وعلى معرفة بسير الأمور في المؤسسة التي تقدم لها الخدمة، فنحن بدأنا بلا مركزية شديدة ثم وصلنا إلى مرحلة أن المشاريع كبيرة والتمويلات كبيرة وهي تحتاج الى جهاز مؤسسي وحكومي أكبر ولكن في النهاية نحن نسعى في المستقبل إلى لا مركزية، والدولة تكون مشرفة فقط على جودة العمل وتضمن نوعية الخدمة وحسنها وفي الأخير نأمل ان يكون للشعب او المنظمات الشعبية والاهلية في المستقبل دور سواء أكانت ربحية أو غير ربحية ونحن في طريقنا الى هذا إن شاء الله.

< معالي الوزير مر على انشاء المؤسسات المحلية قرابة الست سنوات كيف تقيمون هذه التجربة إيجابا وسلبا؟

- بشكل عام الأمور الايجابية اكثر من الامور السلبية وحتى وإن كانت هناك سلبية فإن حلها يأتي بمزيد من اللا مركزية ومزيد من دعم هذه المؤسسات لتكون مستقلة لأنه في النهاية كما ذكرت أن الخدمات اليومية لا يمكن أن توفر إلا عن طريق اللا مركزية الشديدة لأنك تضمن فيها أن المستهلك سيكون له دور في اتخاذ القرار، ونحن لدينا خطة معينة بإنشاء مؤسسات محلية، فنحن لدينا تسع مؤسسات محلية وهي تتفاوت فبعضها ناجحة أكثر من الاخرى، وخلال هذا الشهر سيصدر قرار بإنشاء أربع مؤسسات أخرى، والخطة مستمرة، وقضية إنشاء مؤسسة من عدمها ليست خطأ بل الخطأ في ان نستمر في المركزية الشديدة، ومتخذو القرار في تقديم الخدمة بعيدون عن المستهلك .. هذا الذي علينا أن نتجنبه.

< قضية الزحف على الحقول أمر يقلق المؤسسات المحلية ويعيق عملها كما هو حاصل في المؤسسة بالوادي .. ماذا عملت الوزارة تجاه هذه المسألة التي تزداد يوماً بعد الآخر؟

- هذا موضوع من أهم المواضيع، وقد صدر قرار مجلس الوزراء بحماية حقول المياه التي تملكها المؤسسات المحلية على مستوى الجمهورية.. ولكن هناك تعديات وتعديات سابقة للقرار يجب علينا معالجتها بأسرع ما يمكن لأن تأمين هذه الحقول هو تأمين لمستقبل هذه المدن، قد يكون هناك افراد أو جماعات مستفيدين لكن كل بناء أو تدخلات في هذه الحقول تضر بالحقل وتؤدي الى تلوثه، وهذا يشكل خطورة كبيرة على توفير المياه وعلى التجمعات السكانية، والمعالجة تتم بعدة طرق أولها الاستعانة بالسلطة المحلية لكونها الاساس وهي من تمثل المواطن والمستهلك، إضافة الى اللجوء الى القضاء لأن هناك قوانين وأوراق رسمية تتحكم في هذه الامور، فنحن نلجأ الى القضاء والسلطة المحلية.. لكننانناشد الجميع أن يحترموا هذه الحقول ونناشد المؤسسات المحلية أن تعمل على حيازة حقول أخرى جديدة ويتم تأمينها من الآن وإن كانت ليست بحاجة لها في الوقت الراهن، لكونها في المستقبل ستحتاج لها الحقيقة انا منزعج بشكل عام بالنسبة للوادي فهناك زحف عمراني هائل على الاراضي الزراعية، وهذا سيؤثر في المستقبل على تغذية الحقول المائية في الوادي، وأتمنى أن يتم دراسة الوضع وإيجاد بدائل لمدن وتجمعات سكانية جديدة بعيداً عن الوادي لأن الوضع الآن اصبح خطيراً، ووجدت أنه في بعض المناطق يتم قطع النخيل لعمل مساحات جديدة للبناء وهذا عمل أعتبره غير أخلاقي من جميع النواحي البيئية والاجتماعية.

< مواطنو الوادي سمعوا الكثير والكثير عن مشروع مجاري سيئون وتريم ومازال التنفيذ بعيداً عن أرض الواقع .. ما هي أسباب التأخير ومتى سيتم التنفيذ الفعلي لهذا المشروع الكبير؟

- بالعكس المشروع تم توقيعه في زمن قياسي مع الصندوق العربي، والآن الشركات الاستشارية تم التعاقد معها وستبدأ عملها خلال أسابيع من عمل الدراسات لأن أي عمل كبير يجب أن تتم دراسته حتى ولو توفر التمويل له، فالتنفيذ لا يتم إلا بعد الدراسة فالأعمال الاستشارية من إعداد تصاميم وغيره ستتم بأسرع ما يمكن وسيتم التنفيذ في أسرع فرصة، والناس الذين صبروا فترة طويلة يجب ان يصبروا الآن، فكل عمل معقد بحاجة إلى وقت ودراسات وتأنٍّ حتى نتجنب الأخطاء التي ستحدث إذا ما تم التنفيذ بعجلة.

< ماذا عملت الوزارة تجاه الحفر العشوائي الذي يؤرق الجميع بما له من آثار مدمرة تجاه الثروة المائية؟ وما هي الحلول للحد من هذه الظاهرة الخطيرة؟

- هذه من أكبر المشاكل التي تواجه الموارد المائية في اليمن، والحد منه مسؤولية الجميع من أصغر مواطن الى رئيس الدولة، طبعاً من الناحية القانونية الموارد المائية هي المسؤولة الأولى عن السيطرة وإعطاء الرخص للحفر، ولكنها هيئة تظل محدودة القدرات ولا تستطيع ان تمنع الحفر العشوائي وحدها، فيجب أن يتعاون الجميع معها وخاصة السلطة المحلية التي أساساً نحن بمنع الحفر العشوائي نحمي مستقبلها لكونها ممثلة عن المواطنين فنحن نحمي مستقبل المواطن. الحفر العشوائي في حضرموت أقل منه في المحافظات الأخرى غير أنه وفي الفترة الأخيرة بدأت خطورته تظهر بشكل خطير جداً، فالموارد المائية قدراتها محدودة لذلك فإنني هنا أناشد السلطة المحلية وسلطة الضبط القضائي بأن تكون لها المبادرة في منع تحرك الحفارات بدون رخصة والحفر العشوائي ،لانه في الأخير الحفر العشوائي نوع من الإرهاب، فهو إرهاب للاجيال القادمة التي تفقد مواردها المائية وليس لها قول في ذلك.

< معالي الوزير لنتحول إلى البيئة والتوعية البيئية التي لا يوجد لها أثر في وادي حضرموت .. ماذا بشأن هذه المسألة؟

- والله هذا الموضوع ايضا تقع مسؤوليته على كل مواطن، فاليمن من الدول القلائل التي ذكرت حماية البيئة في دستورها، فدستور الجمهورية اليمنية ينص على أن حماية البيئة واجب وطني وديني على كل مواطن.

طبعاً هناك أجهزة متخصصة في هذا الموضوع لكن هيئة حماية البيئة ليس لها مكتب بعد في حضرموت، ونحن في طريقنا لتأسيس مكتب لها لتتطور إن شاء الله ويكون لها دور في المستقبل، وحتى يأتي دورها على الجهات الأخرى أن تتحمل مسؤوليتها بالنسبة للقمامة الصلبة، هذه مسئولية السلطة المحلية فنحن في الوزارة دورنا توعوي وإرشادي لكن المجالس المحلية هي التي يجب أن تقوم بإنشاء الانظمة والمقالب وعلى الآخرين أن يدعموها. لكن كل هذه الامور تبدأ من المواطن نفسه.

و بالنسبة للمجاري أنا متاكد أن هناك مشكلة في المجاري في المدن الكبيرة كسيئون وتريم وشبام، ولكنها في طريقها للحل خلال السنتين القادمتين بتوفير المجاري والصرف الصحي، وحتى يأتي ذلك الموعد أتمنى أن تكون هناك معالجات آنية، فنحن قد نجرب أنظمة صغيرة لمعالجة تجمعات المياه العادمة، والتي تشكل مشكلة خطيرة بيئياً وصحياً.

< ماذا عن التلوث البيئي التي تحدثه بعض الشركات النفطية في حضرموت؟ وما هي المعالجات وكيف تتم حماية المواطن من النفايات السامة لهذه الشركات؟

- أنا أعترف أن هناك قصوراً كبيراً منا نحو هذا الموضوع، نحن لا نعرف بالضبط حجم التلوث أو الأضرار التي تسببها عملية إنتاج النفط، ففي كل عملية لإنتاج النفط لا بد أن تكون هناك مضار للبيئة لكن الهدف الاساسي لنا هو التقليل من هذه المخاطر ، وعمل ما يمكن عمله للتعويض عن هذه المخاطر بالتشجير لحماية البيئة في اماكن مختلفة، ونحن متوجهون للتحاور مع الشركات ووزارة النفط كونها المسؤولة وصاحبة العمل لكي يكون لها دور في حماية البيئة والمياه الجوفية من المخاطر الحاصلة، ولكننا لا نعرف بالضبط ما مقدار هذه الأضرار التي تحصل، ونحن نعي تماماً أن كل عمل اقتصادي صناعي او غيره لا بد أن تكون له أضرار على البيئة لكن القضية الأساسية هي أننا يجب أن نبذل جهودنا للتقليل من هذه الأضرار ما أمكن.

< كلمة أخيرة.

- أشكرك وأشكر المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالوادي والصحراء على هذه الدعوة الكريمة للزيارة، وأنا أسعد دائماًً كلما زرت الوادي لأسباب مختلفة أهمها اننا في منطقة تشكل مهـداً للحضارة الإنسانية في العـالم كـله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى