مستشرق هولندي ينجح في تأسيس أول قسم لأصول الدين الإسلامي بأوروبا

> لايدن هولندا «الأيام» سعد القرش:

> بجهود المستشرق الهولندي البارز بيتر شورد فان كونينجسفيلد تأسس قسم لأصول الدين الإسلامي بكلية اللاهوت (الأديان) بجامعة لايدن لتدريس الفقه والمذاهب والتيارات الفكرية الإسلامية وعلاقة المسلمين بالدول الأوروبية.

ويعمل فان كونينجسفيلد أستاذا للدراسات الإسلامية وعلوم الأديان وهو من المهتمين بأوضاع المسلمين في أوروبا وله دراسات بالعربية والإنجليزية والهولندية عن فقه الأقليات المسلمة ومن كتبه (أسطورة الخطر الإسلامي) و(تاريخ الأسرى المسلمين في أوروبا في العصور الوسطى) إضافة إلى تحقيق مخطوطات عربية منها (ناصر الدين على القوم الكافرين) للدبلوماسي الأندلسي أحمد بن قاسم الحجري.

وكانت بعض دراساته ثمرة تعاون علمي مع الباحث الفلسطيني واصف شديد أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعتي لايدن وتلبرخ.

وقال فان كونينجسفيلد يوم الإثنين لرويترز في مقابلة إن قسم أصول الدين الإسلامي الذي سيفتتح في سبتمبر القادم رصدت له وزارة التعليم في هولندا 2.5 مليون يورو.

وأضاف أن كثيرين يجهلون أن للإسلام تاريخا طويلا في أوروبا وأن علاقات حضارية نشأت بين أوروبا والعالمين العربي والإسلامي.

كما شجعت هولندا في وقت مبكر الدراسات العربية الجادة التي بدأت في جامعة لايدن منذ نهاية القرن السادس عشر حين تأسس بها أول كرسي للدراسات العربية.

ويقيم في هولندا التي يبلغ عدد سكانها 16 مليونا نحو مليون مسلم معظمهم من أصول تركية ومغربية ويشكلون نحو ستة في المئة من مجموع السكان.

وقال فان كونينجسفيلد إنه مهتم بإدماج المذاهب والأفكار الإسلامية في نظام التعليم الجامعي في هولندا مشيرا إلى طموحه إلى أن يصل الطلاب في دراساتهم عن وضع الإسلام والمسلمين في الغرب إلى درجة عالية من فهم الخلفيات الفكرية للأقليات الإسلامية في أوروبا.

وتتناول مناهج الدراسة بالقسم الجديد علوم القرآن والحديث النبوي ودور الفتوى بالنسبة لمسلمي أوروبا وأوضاع المسلمين في الغرب.

وزار فان كونينجسفيلد عددا من العواصم العربية وهو زوج الفنانة التشكيلية العراقية عفيفة العيبي.

وأشار إلى أن 250 طالبا عربيا يفدون إلى هولندا لدراسة العلوم الاجتماعية أو الطبيعية وأن نحو 200 كتاب بالعربية أو بغيرها تصدر في هولندا سنويا حول العرب وتاريخهم وتراثهم المخطوط "لكنها لا تترجم إلى العالم العربي.

الجامعات العربية لا تتعاون معنا في مجال البحوث أو الترجمة ونعتمد على وجود المعهد الهولندي في القاهرة واسطنبول."

وقال فان كونينجسفيلد إنه زار جامعة محمد بن سعود في المملكة العربية السعودية وبحث عن كتب تناقش قضية الاستشراق فذهبوا به إلى خزانة مغلقة ليس فيها إلا الموسوعة الإسلامية والكتاب المقدس "وألا توجد كتب عن الاستشراق فهذه كارثة." وأشار إلى أن كثيرا من الجامعات العربية لا توجد بها إلا نسخة واحدة فقط من الموسوعة الإسلامية بالإنجليزية التي يعجز الطالب عن اقتنائها.

وعما إذا كان لا يزال للمستشرقين دور طليعي في خدمة الحكومات حيث مهد بعضهم للاستعمار الأوروبي للشرق في مرحلة المد قبل نحو قرنين قال فان كونينجسفيلد إن المستشرق يجتهد وربما تستعين بأفكاره الحكومة كما يحدث في الفترة الأخيرة مع المستشرق الأمريكي برنارد لويس "وهو عقل كبير وإن استعـانت بأفكـاره الإدارة الأمريكيـة."

وأضاف أن مستشرقين مهدوا لاقتسام العالم العربي بين بريطانيا وفرنسا في مطلع القرن العشرين وهو ما عرف فيما بعد باتفاقية سايكس بيكو عام 1916 . وكان المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد أصدر عام 1978 كتابه (الاستشراق) الذي حول مسار هذا العلم إلى اتجاه آخر يفيد بأن الشرق فكرة أقرب إلى أسطورة خلقها خيال الغرب عن عدو متخيل يحمل كل الغرائب.

وتوالت أعمال سعيد التي ناقش فيها وضع الإسلام ومنها كتاب (تغطية الإسلام) الذي أشار فيه إلى تعاون قال إنه غير بريء بين الاستعمار ومستشرقين لدرجة يندر معها وجود خبير من خبراء الإسلام لم يكن مستشارا لحكومة بلاده مستشهدا بالمستشرق الهولندي سنوك هوخرونيه "الذي استغل الثقة التي أولاه المسلمون إياها في تخطيط وتنفيذ الحرب الهولندية الوحشية ضد أبناء شعب أتشيه المقيمين في سومطرة."

لكن فان كونينجسفيلد له رأي آخر فيما وصفه بالاستشراق السعيدي.

وقال إنه أول من انتقد هوخرونيه الذي كان ينظر إليه بكثير من الاحترام في الدراسات الهولندية وإنه سجل بصراحة أن هوخرونيه قضى 16 عاما "في خدمة الحكومة الهولندية لكنه على الجانب الآخر وضع تصورات لدولة إندونيسيا بحدودها المعروفة...

بدونه لا وجود لدولة إندونيسيا وبدونه أيضا ما كانت تلك الدولة لتصبح مستعمرة هولندية." وأضاف أن سعيد (1935 - 2003) قابله ودار بينهما حوار مطول وأن سعيد "اطلع على بحثي عن سنوك (هوخرونيه) قبل أن يكتب (تغطية الإسلام).

لكن الاستشراق التاريخي يختلف عن الاستشراق السعيدي.

كتب(سعيد)مهمة ولكنها لم تقل الكلمة الأخيرة في قضية الاستشراق لأنه لم يطلع على الاستشراق الألماني الذي لا تكتمل دراسة في هذا الشأن إلا به."

وقال إن سعيد لم يقرأ المستشرق المجري جولد تسيهر مؤلف كتب منها (مذاهب التفسير الإسلامي) و(العقيدة والشريعة في الإسـلام) و(المذاهب الإسلامية في الإسلام).

وأضاف أن سعيد اعتمد في دراسته عن الاستشراق على مصادر أدبية فهو "ناقد أدبي بالأساس."

وأصدر سعيد كتابه الأول (جوزيف كونراد ورواية السيرة الذاتية) عام 1966 عن الروائي البريطاني كونراد (1857 - 1924) ولكنه اكتسب شهرته مع صدور (الاستشراق) حيث ظل الكتاب ومؤلفه قرينين رغم كتبه التالية ومنها (الثقافة والإمبريالية) و(سياسة السلب.. الكفاح من أجل حق تقرير المصير الفلسطيني) و(لوم الضحايا) بالاشتراك مع الكاتب البريطاني كريستوفر هيتشنز. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى