المتعاقدون والركض خلف سراب التوظيف

> «الأيام» فردوس العلمي:

> أحلام الشباب عماد المستقبل من كلا الجنسين أصبحت أحلاماً صعبة التحقيق في ظل الوضع القائم وازدياد رقعة الفقر، أفواج من خريجي مختلف تخصصات جامعة عدن ينظمون في كل عام الى طابور البطالة والعاطلين عن العمل، حيث أصبح حلم التوظيف حلماً بعيد المنال وهو ما أكده لنا عدد من الشباب الذين أصبح حلم حياتهم بعد سنوات دراسية وتعب الحصول على الموافقة للعمل بالأجر اليومي مع مرفق حكومي وفي أحسن الأحوال الحصول على عقد عمل ليس خارجياً بل عقد محلي مع إحدى الدوائر والهيئات الحكومية .. موظفون شباب يعيشون مرارة وتعباً وحقوقهم ضائعة وإذا سألتهم ما الذي يجبركم؟ يقولون بحزن «أيش رماك على المر سوى الّي أمر منه» والهروب من شبح الفقر والبطالة ذلك الغول الذي يصطاد الشباب فلا يختلف وضع المتعاقدين عن إخوانهم المتعاونين فكل يمشون في طريق مليء بأشواك الفقر ومسامير البطالة .. وربما يكون وضع المتعاقد أفضل.

«الأيام» تنقّلت بين الدوائر الحكومية ورصدت معاناة الموظفين والموظفات بعقد أو بالأجر اليومي أو (بتعاون) ذلكم المصطلح الجديد في دنيا الوظيفة فماذا قالوا؟

300 متعاون في أحد المرافق الحكومية أقلهم تصل سنوات خدمته إلى 3 سنوات بينما تتعدى خدمات البعض العشر سنوات وتتراوح أجورهم كما يقولون ما بين 3 إلى 8 آلاف ريال يمني وليس لديهم أي حقوق تذكر، ويقول أحد هؤلاء المتعاونين: ليس لنا أي تعويض إذا لا قدر الله أصابنا حادث أثناء العمل، فكثير ما تحصل لنا مشاكل ولكن لا حياة لمن تنادي .. ويسأل: من ينصفنا؟

< سألت إحدى الموظفات وكانت منهمكة في ترتيب أوراق وتسجيل أرقام سندات: هل أنت موظفة رسمية .. أجابت: «ياريت! أنا مجرد متعاونة لا طلعت ولا نزلت». سألتها كيف تم قبولك في العمل؟ قالت: «قدمت ملفي وفيه طلب عمل ونسخ من شهادتي إلى الكثير من المرافق الحكومية وهنا حصلت على الموافقة بالعمل على أساس متعاونة». سألتها هل هناك شروط محددة لكم؟ قالت: «لا توجد شروط ولا مهام عمل مخصصة نعمل في كل المجالات ليس لدينا سوى وعد بالتعاقد معنا». وتضيف بألم: «سنوات تضيع من العمر ونحن ننتظر عقد العمل مع مرفق حكومي فلم نعد نحلم بالوظيفة حيث أصبحت حلماً بعيد المنال».

وعن إجازتهم تقول «لا توجد لنا إجازات فإذا أردنا أخذ إجازة يوافقون عليها بدون أجر» وتزيد في القول «حتى ما نحصل عليه من أجر ليس ثابتاً، ففي كل شهر نستلم مبلغاً مختلفاً عن الشهر السابق ولا يزيد بل ينقص وما نحصل عليه ليس راتباً بل مجرد فتات مقابل عمل مضن فلا يتعدى الأجر (8000) ريال».

ومن وسط هموم وآلام 5 سنوات في معاناة العمل بصفة متعاونة تطرح كلمة عبر صحيفة «الأيام» قائلة: «إذا رأيتم أن التوظيف صعب في هذا الزمن فلا تحرمونا من عقد عمل حتى نشعر بآدميتنا» وتواصل حديثها «قانون العمل حدد العمر الزمني للتقاعد بالنسبة للمرأة 35 عاماً وأنا أعمل منذ 5 سنوات متعاونة وإذا فرضنا أنني انتظرت 10 سنوات أخرى للحصول على عقد عمل فسوف أصل إلى التقاعد ومازلت متعاقدة وكل هذه السنوات تهدر من أعمارنا ولا تضاف إلى سجل خدماتنا فمن يرضى بذلك؟»

< تشاطرها الرأي زميلتها قائلة: «نحن مجرد موظفين شكليين محرومين من كل شيء حتى الإجازة السنوية محرومون منها فليس لنا أي حقوق وليس لدينا ما يثبت أننا عمال في هذه المرافق، إضافة إلى إمكانية الطرد التعسفي فلا توجد رقابة. نحرم من حقوقنا ونعمل بجهد يفوق طاقتنا فنحن المتعاونون نطبق ثمان ساعات عمل وليس كالموظفين الرسميين ثمان ساعات في العمل.

أغلب المتعاونين والعاملين بعقد طلبوا عدم ذكر الأسماء «حتى لا نحرم من هذه الوظيفة فليس لنا غيرها» حسب قولهم.

< (أحمد) شاب من خريجي كلية التربية عام 93/94م يقول: «قدمت ملفي إلى وزارة الخدمة المدنية عام 1994م وأعمل على تجديد القيد سنوياً ولم أوظف حتى الآن رغم أن الكثير من الخريجين بعدي وُظفوا .. إذ ليس لي ظهر قوي ولا وساطة ولا عندي فلوس، نحن سجلنا كما عمل آباؤنا في زمانهم في وزارة الخدمة المدنية، وهي الجهة المناط بها توظيف الخريجين، فإذا عجزت هذه الوزارة عن تأدية عملها، فعليها أن تغلق أبوابها فليس لوجودها معنى، فأنا خريج وبتقدير عال وأعمل مجرد متعاقد في مرفق حكومي أتقاضى (8000) ألف ريال منذ ثمان سنوات، العمر ضاع .. 4 سنوات بحثاً عن عمل و8 سنوات متعاقداً، (12) عاماً ضاعت هدراً .. أنا متزوج وأب لأربعة أطفال وحالياً أعمل بعد الظهر في مستودع لبيع الملابس، ولو كنت أدري أن هذا مصيري ما كنت درست أصلاً، ولا ضيعت 4 سنوات من العمر».

< (ح.ق.) من خريجي كلية التربية -عدن، قسم جغرافيا عام 97/98م تقول: «في سنة التخرج قدمت أوراقي إلى وزارة الخدمة المدنية وحصلت على قيد العمل وأعمل سنوياً على تجديد القيد على أمل التوظيف مدرسة، ووضعت أملي الكبير في الخدمة المدنية كونها الجهة المسؤولة عن التوظيف ولكن بعد أربع سنوات دراسية وسهر وتعب نجد أنفسنا في منازلنا لا نستطيع الحصول على وظيفة نؤمن بها مستقبلنا، حالياً أعمل في أحد المراكز وأحصل على (5000) ريال، ونسمع كل يوم إشاعة تقول إن خريجي كلية التربية سيتم الاستغناء عنهم وليس لهم وظائف فإذا كانت ستغلق هذه التخصصات لماذا لا يتم إغلاقها بدل أن تخرج كل عام ضحايا جدداً .. حسبي الله ونعم الوكيل».

وفي مصلحة الموانئ اليمنية كان لنا لقاء مع بعض الموظفين لمعرفة الوضع في هذا المرفق.

الدنيا حظوظ هكذا يقال وهو ما أكده لنا الأخ جلال عبده حسين، خريج كلية الاقتصاد تخصص إدارة أعمال والموظف حالياً في مصلحة الميناء، الذي يقول: «عملت لمدة عام واحد فقط كموظف موسمي وبعدها تم تثبيتي بشكل رسمي». فمازحته قائلة له: «لك ظهر قوي؟ أم هو حظك الحلو؟ أجاب ضاحكاً لا والله ليس ظهر قوي بل هو الحظ فبعد عملي لمدة عام كموسمي جاء قرار وزاري من الخدمة المدنية ينص على تثبيت كافة العمال الموسميين وكان عددنا (300) موظف، ولم يشملني ذلك القرار وحدي وهناك غيري حظه أحسن مني إذ لم يعمل كموسمي سوى أسبوع أو عشرة أيام وشملهم القرار» ويضيف: «أثناء عملي كموسمي كنت أتحصل على الكثير من الحقوق وقد عملت كمشرف عمال وحالياً رئيس قسم». ويختلف حظ زميله محمد توفيق كمادي، الذي يعمل موسمياً منذ 6 سنوات، إذ يقول: «أشتغل عامل بحر وكل ما نحصل عليه بحساب اليوم الواحد (250) ريالاً. سألته هل تشمل بدل المواصلات؟ قال: «في آخر الشهر لا يتعدى راتب الموسمي (14) ألف ريال يمني فقط، وليس لنا إجازات.. نحن نعمل بنظام النوبات»، وعن كيفية حصوله على العمل قال: «قدمت طلب عمل على أساس التوظيف، وتم قبولي على أمل التثبيت، وهناك غيري كثير ونحن نؤدي أعمالاً شاقة إلى جانب أننا متزوجون ونعيش في منازل إيجار، وراتبي لا يتعدى 9 آلاف ريال ولم نحصل على التثبيت، وكل يوم نعيش على أمل».

ويختلف وضع الأخ محمد الهميس، الموظف في إدارة الكهرباء، حيث يقول: «تقدمت للوظيفة عبر إعلان رسمي عن وجود وظيفة محاسب في الهيئة العامة للقوى الكهربائية، وتقدمت للامتحان وكان ترتيبي الثالث من 22 ناجحاً وبعد مقابلة المدير العام ومتابعات تم قبولي للعمل بالأجر اليومي، وحتى الآن مرت 3 سنوات ولا يوجد أمل في التوظيف وأعتقد أننا سنحال للتقاعد ونحن ما زلنا متعاقدين». وعن راتبه يقول: «يصل راتبي شاملاً إلى (19.975) ريالاً وصافي الراتب (17.000) ريال ويضيف عندما تقدمت للعمل كان على أساس موظف رسمي وليس متعاقداً وبالأجر اليومي، وبعد متابعات طويلة توقفت إجراءات التوظيف والتعيين من صنعاء وتم إلغاء الوظيفة ولم يتم قبول المحاسبين الذين تقدموا للامتحان لشغل الوظيفة، نحمد الله فنحن نحصل على إجازات ووضعنا أفضل من غيرنا».

< ومن قلب ديوان محافظة عدن التقيت بالأخ سالم علي جابر، دبلوم مهني، يعمل متعاقداً منذ 96م، متزوج ولديه طفلان .. يقول: «حمداً لله على كل حال وصل راتبي إلى 19 ألف ريال».

سالم عكس زملائه فهو يتحصل على إجازات مستحقة مثل الموظف الرسمي وكذا العلاجات ويناشد الأخ سالم جابر رئيس الجمهورية قائلاً: «يا (أبو أحمد) نريد رواتب فنحن حتى الآن ليس لنا ذكر في الرواتب والوظائف الرسمية.. 13 عاماً نعمل دون ضمان لا لنا ولا لأولادنا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى