عدن مدينة العمال والعمل الوطني

> «الأيام» نجمي عبدالمجيد:

> اكتسبت مدينة عدن منذ دخولها عصر النشاط الاقتصادي المنفتح على العالم صفة مدينة العمال نظراً لتعدد الشركات وبيوت التجارة التي تعود فترة تأسيسها إلى الأعوام 1890-1900م، والعمل المهني القائم على تدريب الافراد مهنياً ورفع مستوياتهم في هذه المجالات كذلك كان العمل مقرونا بالمهنة وما تكسب من خبرة، ومن هنا كان لا بد من إدخال التعليم الفني الذي يساعد على تدعيم سوق العمل بالأيادي المدربة ويرجع تاريخ أول مدرسة فنية افتتحت في عدن إلى عام 1921م وقد عرفت باسم المدرسة الصناعية بهدف تدريب الشباب على أعمال النجارة ولكنها أغلقت في عام 1949م نظرا لافتقارها للمساعدة المالية وكذلك افتقار البلاد للطلب في هذا المجال.

إن ميناء عدن في ذلك الوقت لم يكن يتطلب مدرسة للصناعة من أي نوع بفعل كثرة العرض وقلة الطلب، وهذا ما كانت تراه اللجنة المشرفة على المدرسة الصناعية غير أن الوضع تغير بعد ذلك ولم تقم أية محاولة تجاه التعليم الفني والاهتمام به وتطوير مستوى العمل المهني إلا في عام 1948م عندما عهد لمدرب فني بمهمة تطوير وتشجيع التدريب المهني للارتفاع بمكانة الصناعات المحلية المنتجة للبضائع التي تهم السياح.

ومن تلك المحاولات الأولى برزت إلى حيز الوجود المراكز الحديثة للتدريب المهني وظهر المعهد الفني ليس لغرض صناعة المواد التذكارية للسياح.. ولكن لسد حاجة البلاد المتزايدة للعمال الفنيين. وعن هذا الاتجاه من التطور في مجال العمل والتدريب المهني كتب جي. سي. توملنس عميد المعهد الفني بعدن عام 1962م قائلا: «إن عدن قد تطورت بسرعة مذهلة منذ عام 1948م وقد انزوت واندثرت الصناعات القديمة لتفسح الطريق لمشاريع صناعية وعمرانية جبارة أهمها مصفاة عدن وتوسيع الميناء.. وتطوير تسهيلاته.. وانتشار العمران في المستعمرة بصورة لم يسبق لها مثيل وإنشاء الطرق المزدوجة للسيارات وهذه وغيرها تتطلب المزيد من الأيدي الماهرة والخبرة الفنية.. وبسبب هذا التطور ركز المعهد الفني جهوده ليفي بمتطلبات المشاريع الهندسية والصناعية.

لقد ظهر المعهد الفني إلى حيز الوجود عام 1951م عندما تكفل المغفور له المسيو انتوني بس، كيه. بي. أي، ببناء البناية الرئيسية التي صرف على إنجازها مبلغ ثلاثين ألف جنيه وصرفت حكومة عدن مبلغ تسعين ألف جنيه لتجهيز المشاغل.. وتوفير المعدات اللازمة للمعهد. وفي عا م 1959م شرع في بناء فرع المعهد الفني في عدن الصغرى الذي تكلفت ببنائه شركة مصافي عدن المحدودة (B.P)، وقد تكلف بناء هذا الفرع مبلغ ثلاثين ألف جنيه ماعدا تكاليف تجهيزه التي تولتها حكومة عدن.

إن الدراسة في المعهد وفرعه تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الدراسة النهارية الكاملة والدراسة النهارية المؤقتة والدراسة المسائية، والبرامج تتضمن دراسات في مستوى شهادة الثقافة العامة للطلبة في القسم الثانوي ودراسات لشهادة السيتي آند جيلدز للمتدربين المهنيين ودراسات لشهادة الهندسة الميكانيكية والكهربائية والبناء لمستوى الشهادة الاهلية العادية.. وهذه الدراسات الأخيرة تعطي للشبان الذين يدربون لملء مناصب عليا في المؤسسات الصناعية وسد حاجة التجارة.. فقد أنشئ قسم ثانوي لدراسة المواضيع التجارية تتم دورته في سنتين ويصل بالتلاميذ الى مستوى امتحانات الجمعية الملكية للفنون المرحلة الأولى، وهناك دراسة نهارية كاملة ومسائية مؤقتة لمستوى المرحلة الثانية والثالثة للشهادة عينها.

وأغلب الملتحقين بالمعهد تتاح لهم الفرص للتدريب التطبيقي في مراكز التدريب لمؤسسات صناعية وعملية تابعين لها مثل مصافي عدن المحدودة (B.P) وإدارتي الاشغال العامة والكهرباء الحكوميتين. والمعهد الفني يضم مجموعة من المشاغل الحديثة للاعمال التطبيقية لشهادة السيتي آند جيلدز في التجارة وهندسة ورشات الخراطة والبرادة وعدد من المختبرات العلمية المكيفة الهواء تمكن الطلبة من مواصلة بحثهم وتجاربهم الملائمة لحاجات الدراسة للشهادة الاهلية في الهندسة.

وأما عن نجاح المعهد المضطرد فتتحدث عنه الارقام إذ أنه في اكتوبر عام 1961م وهو بداية العام الدراسي الحالي كان في المعهد (328) طالبا في قسم الدراسة الكاملة و(148) متدربا و(965) طالبا في الصفوف المسائية.

وفي ابريل 1961م ساهمت عدن في مشروع اسبوع التدريب الفني لرابطة الشعوب البريطانية.. ولأول مرة في تاريخ عدن ضم شمل الصناعة والتجارة والمعهد الفني جميعاً تحت سقف معرض واحد.».

كانت مدينة عدن قد عرفت عدة إسهامات في مجال الصناعة والاقتصاد وتطور العمل المهني ففي عام 1929م أسس رجل الاعمال الهندي جيوانا لال في عدن أول مصنع لأواني الطبخ المعدنية، وفي العام نفسه تم افتتاح ورشة ميناء التواهي، أما التجمعات العمالية في عدن فيعود تاريخها الى عام 1888م لعمال الفحم، وبعدها تدرج هذا المفهوم حسب المراحل التي مرت بها مدينة عدن فقد أسست أول جمعية للنجارين في عدن عا م1935م ومع تقدم المستوى الاقتصادي لعدن وتوسع القاعدة العمالية والتطور في العمل المهني بلغ عدد القوى العاملة عام 1955م في المجالات التالية:

1- عمال النفط 2100 عامل. 2- عمال بناء 12646 عاملاً. 3- عمال موانئ 7456 عاملاً.

النقابات والجمعيات المهنية في عدن

ونظراً للتوسع في قواعد العمل وتزايد عدد الشركات والعمال نشر في الملحق العربي لجريدة عدن الرسمية الصادرة عام 1960م عدد وأسماء النقابات والجمعيات المهنية في عدن وهي : 1- جمعية مرشدي ميناء عدن. 2- جمعية موظفي وزارة الطيران المدنيين. 3- نقابة موظفي الطيران المدني، وكانت تعرف قبل ذلك باسم نقابة موظفي خطوط عدن الجوية. 4- نقابة العمال الفنيين. 5- النقابة الاهلية لملاك الباصات. 6- نقابة موظفي كوري. 7- نقابة المعلمين. 8- نقابة موظفي امانة ميناء عدن. 9- نقابة موظفي شركة البترول البريطانية عدن المحدودة. 10- جمعية موظفي قهوجي. 11-نقابة البريد والتليفونات. 12- نقابة موظفي أشغال الالومنيوم والبلاد. 13- نقابة موظفي كالتكس. 14- نقابة موظفي ميناء عدن. 15- نقابة عمال إدارة الاشغال العامة والبلدية. 16- نقابة المقاولين المدنيين. 17- نقابة موظفي المصافي وكانت تعرف باسم نقابة موظفي الزيت البريطاني عدن المحدودة. 18- نقابة موظفي البرق والتلغراف المحليين. 19- نقابة موظفي الباصات الاهلية. 20- نقابة عموم موظفي مصانع التعبئة بعدن. 21- نقابة موظفي دائرة الكهرباء المحليين. 22- نقابة موظفي ستانفاك. 23- نقابة موظفي القوات العسكرية المحليين. 24- نقابة موظفي متشل كوتس. 25- نقابة موظفي المصارف المحليين. 26- نقابة سائقي سيارات الاجرة. 27- نقابة عموم وعمال الميناء (وقد عرفت باسم نقابة عموم عمال الميناء). 28- نقابة موظفي منشآت شل بعدن الصغرى. 29- نقابة موظفي النوادي ودور السينما. 30- نقابة موظفي سالم علي عبده. 31- نقابة عمال المستودعات والفنادق. 32- نقابة بائعي القات. 33- جمعية مدرسي الخدمة العسكرية. 34- نقابة موظفي شركة شل بعدن. 35- نقابة موظفي صاغة الفضة والذهب. 36- جمعية ملاك فنادق عدن. 37- نقابة عمال الملح. 38- جمعية عموم ملاك مصانع التعبئة بعدن. 39- نقابة الموظفين المحليين للحكومة والحكومة المحلية. 40- نقابة موظفي الصناعات المتنوعة.

في عام 1963م اسس في عدن مصنع لسحق العظام برأسمال وقدرة 10000 دينار جنوبي، وفي العام نفسه بلغ توزيع العمال في المواقع الاقتصادية بعدن ما يلي: الميناء (7550) عاملاً، البناء (12629) عاملاً، مصفاة الزيت (1922) عاملاً، الصناعة (11574) عاملاً، تجارة المفرق (10694) عاملاً، الخدمة الادارية (17860) عاملاً، الخدمات (20000) عامل.

المصافي .. قاعدة عدن العمالية

عن أهمية مصافي عدن ودورها في تاهيل الكادر المهني وتوسيع القاعدة العمالية في المدينة يقول د. محمد عمر الحبشي في كتابه اليمن الجنوبي: «إن مصفاة عدن الصغرى هي اليوم إحدى أهم المصافي في العالم حيث كانت تسد الحاجات العسكرية الانجليزية (الطيران، البحرية..) إلى المحروقات وتمون سفن النقل بالوقود وتمون السوق الداخلية وسوق البلدان المجاورة بالمنتوجات المشتقة من النفط.

ان مصفاة النفط المحدودة في عدن قد كلفت البريتش بتروليوم حوالي (47) مليون جنية، ثمر منها (5) مليون في المنشآت المرفئية، و(6.1) مليون في السكن والتجهيز الاجتماعي العام.

وقد أنجزت المصفاة في زمن فائق للقياس مدته 21 شهراً من تشرين الثاني 1952م الى تموز 1954م. وقد اشتركت في الاعمال عدة شركات أميركية وأوربية وعدا عن ذلك فإن جيشاً حقيقياً من الفنيين والعمال غير الماهرين قد اشتغل في المشاغل فجاء حوالي (25000) مهندس واختصاصي ورئيس عمال لتسيير العشرة آلاف عامل من العرب والهنود والصوماليين وسواهم من الشرقيين».

كان معدل ما تكرره المصافي في خمسينات القرن الماضي (5) ملايين طن من البترول الخام في كل سنة، ثم جاءت مرحلة التوسع بزيادة الانتاج الى (6) ملايين و(800) ألف طن من البترول الخام في كل عام وقد انتهي من توسع هذا المشروع في بداية عام 1962م وبلغت قيمة هذا التوسع حوالي (500.000) جنية.

وقد بنيت المصافي لتفي بحاجات طلبات هذه الأسواق التي قدرت في وقت الابتداء في أعمالها بأن تحتوي على الاطنان التالية من هذه المنتجات:

زيت السيارات: 750.000 طن.

زيت الطيران والطوربينات: 100.000 طن.

زيت الكيروسين لطور بينات الطائرات: 300000 طن.

زيت البخار لسيارات التراكترس: 100000 طن.

زيت الغاز: 250000 طن.

زيت الديزل: 500000 طن.

زيت الوقود الخفيف: 1000000 طن.

زيت الوقود الثقيل: 1850000 طن.

وقد جاء في مجلة عدن الصادرة عن شركة (B.P) في العدد 3 في ربيع ثاني عام 1381هـ حول تطور عمل المصافي: «أما البقية الباقية من مجموع خمسة ملايين من الاطنان وهي (150.000) طن فهي تختص بوقود الغاز والمواد الأخرى التي تخسرها المصافي.. ولإنجاز الكميات المطلوبة من المنتجات فقد بنيت الوحدات التالية:

وحدتان لتقطير البترول الخام.. كل وحدة منهما تستطيع ان تقطر مجموع مليونين ونصف من البترول الخام كل عام.

وحدة المحول البلاتيني (البلاتفورمر)، تستطيع هذه الوحدة ان تشتغل (600.000) طن في العام الواحد.

اربع وحدات (السلوتايزر)، كل وحدة تستطيع ان تشتغل (300.000) طن في العام الواحد.

خمس وحدات كلورايد النحاس وكل وحدة تستطيع ان تشتغل (300.000) طن كل عام.

وحدة ثاني اكسيد الكبريت وهي تستطيع أن تشتغل (450.000) طن في العام الواحد.

وحدة (الاوتوفاينر) وتستطيع ان تشتغل (175.000) طن في العام الواحد.

وهناك طرق كثيرة مختلفة لإنتاج نفس المنتجات بغير النظام المتبع في تكرير البترول الخام في الوحدات المختلفة في المصافي.. وهناك أسباب عديدة لاختيار هذه الوحدات بالذات.

والسبب الرئيسي على كل حال لاختيار هذه الوحدات بالذات هو تطبيق هذا النظام في جميع مصانع جماعات (B.P) في كافة أنحاء العالم.

ومنذ عام 1954م اي منذ ان ابتدأ سير العمل في المصافي فقد سار العمل على ما يرام وأنتجت المنتجات المطلوبة حسب المشروع وفي السنين التي خلت فقد تأرجحت طلبات الاسواق بدرجة ملموسة. وعدن الآن تعتبر إحدى المصافي في داخل إطار جماعات (B.P) التي أوجدت التوازن في الاسواق.

وعلى كل، فإن الاعمال في هذه المصافي لن تسير إلا في أواخر عام 1963م لتتمكن الى حد كبير من سد النقص في الاسواق في الفترة التي ستزداد فيها منتجات مصافي (B.P) في عدن الى ستة ملايين وثمانمائة ألف طن في السنة..

والمعروف أن التقديرات في الاسواق لا يمكن ان تكون مضبوطة وقد جهزت تقديرات لطلبات الاسواق في المستقبل في المنطقة وهي التي تفي بحاجاتها مصافي عدن الصغرى، ومن المتوقع أن ما يلي من الاطنان، في العام ستكون المطلوبة:

زيت السيارات: 350.000 طن.

وقود طوربينات الطائرات: 480.000 طن.

زيت الكيروسين لطوربينات الطائرت: 705.000 طن.

زيت البخار لسيارات التراكترس: 35.000 طن.

زيت الغاز/زيت الديزل: 640.000 طن.

زيوت الوقود الثقيلة والخفيفة 4.080.000 طن.

وقد شغلت بال المهندسين مشكلة زيادة الانتاج في وحدتي تقطير البترول الخام. وقد أثبتت الفحوص العديدة المختلفة خلال السنوات القليلة الماضية أنه باستطاعة هاتين الوحدتين أن تقطرا 300.00 طن من البترول الخام يومياً وذلك بعد ادخال بعض التغييرات البسيطة إليهما مقابل 16.250 طناً وهو ما تكررانه في الوقت الحاضر.. وبعد الانتهاء من مشروع التوسيع فإن الرجل العادي الذي يشاهد إحدى هاتين الوحدتين او إحدى الوحدات الأخرى سيراها وقد طرأ عليها قليل من التغيير.».

حجم الإنتاج الصناعي في عدن عام 1962م

في تلك الحقبة من التاريخ وصل الانتاج الصناعي في عدن - وهو يحسب على العمال والعمل المهني - إلى:

- الملح 1208000 طن.

- أواني الالمنيوم: 279 طناً

- السجائر والتمباك: 34 طناً

- النفط المكرر: 6119000 طن.

- الطوب: 3826655 قطعة.

- الكتل الباطونية: 1963600 قطعة.

- إطارات العجلات المصلحة: 750 قطعة.

- المصنوعات القطنية ( بالكوبيات): 210 .

- المرطبات (بالقنائي): 40391948 .

عدد العمال في الصناعات الإنتاجية التالية لعام 1952م في عدن

صناعة الملح: 750 عاملاً.

صناعة سلع الالمنيوم: 149 عاملاً.

صناعة النسيج: 27 عاملاً.

صناعة السجائر: 39 عاملاً.

صناعة وشم الاقمشة: 106 عمال.

صناعة الصابون: 69 عاملاً.

وبلغ عدد العمال في ميناء عدن عام 1958م حسب التخصصات التالية:

عمال مهرة ورئيس عمال: 450 فرداً، مستخدمون في المكتب: 724 فرداً، فنيون وحرفيون: 556 فرداً، عمال ماهرون: 1734 فرداً، عمال غير ماهرين: 3231 فرداً، شبان دون الثامنة عشرة: 70 فرداً، متدربون: 95 فرداً، نساء: 41 امرأة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى