(لقمان).. الصحافة العدنية!

> «الأيام» أحمد المهندس:

> ستقيم جامعة عدن في الفترة من 5 إلى 7 نوفمبر القادم ندوة علمية لإحياء مآثر الصحفي والمحامي الراحل المقيم الأستاذ محمد علي لقمان الرائد الأول لحركة التنوير اليمنية.

وهو عمل رائد يضاف إلى أعمال ومبادرات هذه الجامعة اليمنية الرائدة لتكريم أحد أهم رموز ورجالات اليمن في العصر الحديث .. كانت له الريادة في الحركة الوطنية اليمنية وساهم في تأسيس الصحافة العدنية .. وكانت لكتاباته وأعماله الأدبية والإنسانية .. ومواقفه السياسية أثرها الفعال في الحياة الوطنية وعلى الإنسان اليمني في زمن كان الصوت الوطني المثقف مفقوداً وغير فعال ومغيباً من قبل الاستعمار البريطاني في الشطر الجنوبي من اليمن .. والحكم الإمامي الكهنوتي جاثماً بالتخلف على الشطر الشمالي من اليمن الكبير.

كان صوت محمد علي لقمان المحامي لا يتوقف عن المطالبة بالتغيير وإعطاء اليمن وشعبه حقه الطبيعي للعيش بكرامة والتحرر والتعليم.

ويأتي التكريم من خلال هذه الندوة التي ستقدم من خلالها كما تناقلت الأخبار بحوث ودراسات تتناول مختلف أعمال لقمان ويقدمها أكاديميون وأساتذة وأدباء من مختلف المحافل الأدبية والجامعات اليمنية بعد تجاهل مستغرب وطويل لهذا الرائد الذي كان على امتداد أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي الميلادي علماً من أعلام اليمن ورموزه ومن قدموا لوطنهم بجهوده الذاتية أعمالاً أدبية وصحفية خالدة ومواقف وأثاراً وطنية لا تنسى في تاريخ الوطن.

تجاهل غريب من السلطة اليسارية السابقة التي لم تكن تؤمن بالثقافة أو تعرف قدر الآخرين وتسعى لمحو تاريخ طويل لرجالات أفذاذ بقامة محمد علي لقمان، قدموا لوطنهم الكثير من العطاء .. ولم يلقوا سوى الجحود في عصر ما سمي بالثورة والتحرير.

ظلم من ذوي القربى .. الذي آلمه في حياته أكثر مما آلمه ظلم الاستعمار الذي يعرف بأنه غريب عن الدار ويسعى لتكميم الأفواه الحرة.

ورحل محمد علي لقمان عن الدنيا وفي قلبه حسرة على ما حدث للوطن الذي قدم له زهرة شبابه وعمره وكفاحه ونضاله بالقلم وعلى المنابر السياسية في كل جغرافية العالم شارحاً قضيته العادلة.

وجاء التكريم متأخراً .. ولكنه جاء من قلعة علمية شامخة كجامعة عدن ولست هنا وعبر هذه العجالة أقدم التحية لموقف وخطوة الجامعة والقائمين عليها واللجنة التحضيرية العليا لندوة المناضل محمد علي لقمان القادمة .. والتي ستعرض بأسلوب علمي وتوثيقي لمن يجهلون تاريخ وعطاء هذا الرائد التنويري اليمني .. جزء يسير من تاريخه وما يستحق من تكريم وإلقاء الضوء على سيرته النضالية الطويلة وريادته الأدبية والصحفية على امتداد الجزيرة العربية والوطن العربي.

بل أسعى من خلال معرفتي بأسرة هذا الرائد التي لا تختلف أعمالها وخطواتها عن أسلوب ومسيرة قدوتهم الوالد رحمه الله .. وتربطني صداقة بالعديد منهم ممن احترف الصحافة والأدب بسبب الجينات الوراثية وإن لم يشاركوا في أعمال سياسية بسبب ما حدث وشاهدوا لرائدهم ولم يندموا مثله على تلك المواقف السياسية .. فوجدت أنه من الواجب أن أشارك بجهد المقل في هذا الفرح الإعلامي الذي يهم كل مثقف عربي بعد أن تجاوزت أعمال الرائد محمد علي لقمان حدود اليمن إلى دول الجوار .. فالثقافة والكلمة الحرة في رأيي كالهواء لا تتقيد بالحدود واللغة واللون والانتماء.

وبحكم القراءة والمتابعة .. عرفت الكثير عن هذا الرائد وكنت أقف احتراماً وإعجاباً أمام مسيرته وأعماله وما قدم من آثار ثقافية وإنسانية .. فقد كان أول من كتب الرواية على مستوى الجزيرة العربية وأول من أصدر الصحف ونادى بالتعليم وكان القدوة بتعليم أبنائه خارج اليمن على حسابه .. وكان منزله في عدن مقصد الثوار والأحرار في اليمن ومنه بدأت الثورة الأولى لإنهاء عصر الإمامة من خلال جمعية أحرار اليمن التي تولى قيادتها أحمد نعمان ومحمود الزبيري .. وكان أول من أسس مطابع في اليمن .. وكتب باللغتين العربية والإنجليزية بنفس المستوى والمعرفة.

مشوار طويل وحافل بالنضال والكفاح والإنجاز.. لا يمكن أن يختصر في سطور أو يكفي في رأيي كتاب بمئات الصفحات ليسجل عليه ما قدم هذا الرائد التنويري لوطنه وأهله.

وقد أكرمه الله بعد أن جحده الأقربون في عصر مختلف ككل الأحرار والرواد .. بأن تقبله في نعيمه بعد أن لبى فريضة الحج عام 1966م ليلقى وجه ربه بإحرامه ويدفن في أقدس بقاع الأرض .. الحرمين الشريفين حيث مهبط الوحي.

والأمل في جامعة عدن والمثقفين في موطنه أن يقدما لنا هذه البحوث والندوة في كتب عن الرائد اليمني الكبير محمد علي لقمان .. وأن تعيد له الدولة في شخص قائد المسيرة رائد الوحدة اليمنية وتطورها الحديث الرئيس علي عبدالله صالح اعتباره وتكرم هذا المناضل على ما قدم لليمن وثورته على امتداد أجيال وتجعل بيته الذي اجتمع فيه أحرار اليمن متحفاً وطنياً وتخلد ذكراه أيضاً بإطلاق اسمه على إحدى قاعات الجامعة في عدن أو صنعاء أو أحد شوارعهما الهامة.. فاليمن خير من يقدر الشرفاء ورجالاته .. ومرة أخرى شكراً لجامعة عدن على هذه البادرة الحضارية والمزيد من المبادرات الناجحة القادمة إن شاء الله لتكريم رواد التنوير في عدن.

كاتب وأديب سعودي ناشر ورئيس تحرير مجلة العقارية وعضو هيئة الصحفيين السعوديين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى