في ظل ثورة المعلومات والإنترنت هل نقول للكتاب وداعاً؟ معارض الرصيف تظل هي الرقم الصعب

> «الأيام» متابعات:

> أريد مكتبة .. حينما يخطط الشخص لبناء مدينة فإنه بالتأكيد يرى أن هذه المدينة تحتاج إلى مدرسة، جامعة، مستشفى وكهرباء وغيرها من المؤسسات الخدمية، ومثلما المدينة تحتاج إلى هذه المنشآت فإنها تحتاج إلى مكتبة عامة يتوفر فيها الكتاب لمن يريد أن يقرأ، لكن اذا نظرنا إلى واقعنا هنا في اليمن سنجد أن المكتبات العامة تكاد أن تكون معدومة ولو أنها موجودة ففي المدن الرئيسية فقط، اضف إلى ذلك أنها حتى لو وجدت فإنها في الغالب تكون خالية الوفاض أو أن ما يوجد بها لا يلبي المطلوب.

غياب المكتبات العامة وكذلك غياب المكتبات المدرسية والجامعية يعتبر أحد أهم مشاكل الكتاب في واقعنا هذا، ناهيك عن غياب الكتاب الجيد، فقد تكون هنالك رغبة لدى الشخص في أن يقرأ ويطلع لكنه يصطدم بأن ما هو موجود لا يلبي رغبته ولا يمكن أن يكون وسيلة من وسائل المعرفة .. تخيل أن بين يديك كتاب السيرة الذاتية لهيفاء وهبي أو 555 نكتة أو اسرار ليلة الزفاف برأيك ايمكن لهذا الكتاب أن يخلق لديك إحساسا بالجمال والابداع، أو أن يضيف لك شيئاً؟ كما لا ننسى غياب معارض الكتاب التي تعتبر أهم ما يمكن أن يثير الحراك الثقافي ويخرج الكتاب من ازمته، لكن هذه المعارض تكاد أن تكون معدومة وحتى في حالة وجودها فإنها تعرض أسعارا خيالية للكتاب تجعل من الصعب أن نقتني كتابا خصوصاً في ظل أوضاع معيشية صعبة، ويظل رواد هذه المعارض من أولئك الذين يشترون الكتاب للزينة ليس إلا .

يحيا الرصيف
في ظل غياب المكتبات العامةوأزمة معارض الكتاب والأسعار الخيالية لكتب المعارض، يظل هنالك رقم صعب لا يسقط في أي من الجولات .. هذا الرقم هو الرصيف. يشير الكثير من الكتاب في الوطن العربي بامتنان إلى ما يسمى بمعارض الرصيف هنالك حيث يمكنك أن تجد ضالتك وبسعر لا يضاهى، شخصياً املك مكتبة متواضعة جميع ما فيها من الرصيف، مما لا شك فيه أن معارض الرصيف تؤدي خدمة لعشاق الكتاب وبأسعار زهيدة لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل ما زال الرصيف قادراً على المنافسة؟! أي هل نستطيع أن نتحصل على ما نبحث عنه من خلال الرصيف؟! هل يمكن للرصيف أن يوفر لنا مثل هذه المتطلبات؟ السؤال موجه لكم.

الصحافة وحدها لا تكفي
ترتبط الصحافة ارتباطاً بالكتاب ولعل أكثر المؤلفين هم من رواد الصحافة، ولكن هذا لا يعني أن الصحافة هي الكتاب أو أن الكتاب هو الصحافة، فلكل منهما شأنه الخاص به. قد يرى البعض أنه لا وجود لشيء اسمه أزمة القراءة والدليل على ذلك حجم ما يطبع ويوزع من صحف ومجلات. قد نتفق مع هذا القائل في أن الصحافة نوع من أنواع القراءة.. لكننا نختلف معه حول ما اذا كان حجم ما يطبع من صحف ومجلات هو المعيار الذي يمكن أن يستدل به على عدم وجود أزمة القراءة، وذلك لسبب بسيط وهو أن الصحافة شيء آخر، الصحافة تتحدث عن اللحظة بينما الكتاب يصنع فكرة مستقبلية، يؤسس لثقافة تتعدى اليوم، ثقافة لا تعترف باليوم أو بالتاريخ أو العدد تقفز إلى ما خلف هذا، لذلك فإن وجود الصحافة وازدهارها لا يعني أننا لا نعيش ازمة قراءة، بل هروب الناس إلى الصحافة وخصوصاً الصحافة الخبرية يدلل بما لا يدع مجالاً للشك على وجود هذه الأزمة.

ماذا قالوا؟
سيظل السؤال يلح علينا بشكل لا يطاق وهو لماذا لا نقرأ؟ وما هي أسباب عزوفنا عن الكتاب؟!

< يجيب د. يحيى قاسم السهل، المحاضر بجامعة عدن على هذا السؤال بالقول: هنالك عوامل عدة تحول دون القراءة منها الذاتي والموضوعي، الذاتي انحسار مساحة الأمل والطموح لدى الشباب وغياب روح التطلع إلى المستقبل وطغيان الثقافة الاستهلاكية التي تهتم بالشكل واللبس والتعامل مع تكنولوجيا العصر بشكل مقرف كالحال السائد في التعامل مع الهاتف الجوال واستخدامه السيئ .. الخ، الجانب الآخر النظر إلى العالم والكتاب كوسيلة للعيش فقط، بمعنى أدق التعلم والشهادة للوظيفة، فالعلم ينظر اليه نظره برجماتية. إضافة إلى أن معيار الترقي في المجتمع معيار لا علاقة له بالثقافة مطلقاً.

أما العوامل الموضوعية فهي الوضع الاقتصادي الذي يقترب من العوز والكفاف بل إلى حد الاغتراب داخل الوطن وعوامل اجتماعية عديدة كطغيان الفضائيات وتهريجها بثقافة هذا البطن والعري المقزز للذوق والحياء العام وكل ما فيه ليس الا جسد في جسد للأسف .. إضافة إلى أن رجال الثقافة والفن لم يعودوا كما كانوا نموذجاً ومثالاً بل إن نجوم الكرة والراقصات اليوم هم المثل الاعلى.

< الدكتور صالح علي المرفدي (بن شرحي)، أستاذ القانون الجنائي بجامعة عدن ومتخصص في علم النفس والاجتماع: مما لا شك فيه أن القراءة موجودة في كل زمان ومكان، ولكن هنالك عدداً من المؤثرات التي أثرت على القراءة من هذه الأسباب الضغوط النفسية التي أنبتتها الأوضاع السيئة التي يعيشها الفرد في المجتمع، هنالك أيضاً نسبة الأمية التي تصل إلى حوالي 56% بين النساء و40% بين الذكور، غياب الاستراتيجية الثقافية للدولة، غياب الدعم الرسمي للكتاب، الثقافة الاجتماعية لا تشجع ولا تحث على القراءة، اعتماد نظام الكتاب الدراسي الذي يقيد الطالب بمقرر ومعلومة محددة ولا يشجع على البحث والقراءة، قلة عدد المكتبات العامة، تردي المستوى الاقتصادي، غياب أي توجه لإرساء ثقافة حقيقية بالنسبة للطفل.. هذه أهم المشاكل أما بالنسبة للحلول فيمكننا أن نلخصها في الآتي:

1) اعتماد ميزانية جيدة لدعم البحث العلمي. 2) دعم النشر. 3) اتخاذ الاجراءات الكفيلة بالقضاء على كل المعوقات أمام نشر الثقافة.

< أمين مثنى قاسم - طالب جامعي:أنا شخصياً أعتقد أن القضية هي قضية اجتماعية اقتصادية متداخلة بشكل كبير، فالتلفزيون مشكلة وغياب الكتاب مشكلة أخرى، البعض بل الكثير لا يقرأ والشخص الذي يريد أن يقرأ لا يجد الكتاب، شخصياً أنا أرى أن حلول هذه المشكلة يجب أن تعالج من الصفر أي الاهتمام بالطفل وتشجيعه على القراءة.

< محمد سعيد نعمان - صاحب مكتبة: في الحقيقة أن الكتاب والقراءة لم تعد كالسابق، الناس في ما مضى تقرأ كثيراً .. لكن اليوم لا، وفي ما مضى كانت المكتبات مليئة بالكتب لأن الناس كانت تشتري هذه الكتب واليوم من النادر أن تجد كتباً جيدة في المكتبات، انشغلت الناس بأمور كثيرة وأصبح الاهتمام بالكتاب قليلاً.

هل نقول وداعاً
ختاماً لا أدري ما الذي يمكنني أن أقول بهذا الخصوص لكن الواضح أن هنالك مشكلة وأنها معقدة بشكل كبير، وطالما هنالك مشكلة فبالتأكيد فإن هنالك حلولاً قد يراها بعضهم مختلفة عما يراه آخرون، لكن الشيء الذي قد لا نختلف عليه هو أن الكتاب كان وما زال وسيظل رمز المعرفة الأول وبطلها الذي لا يشق له غبار .. ولكن وبما أننا في زمن لا يعترف بكلمة المستحيل أتساءل أيأتي يوم لا نرى فيه الكتاب إلا في قاعات المتاحف؟ هذا سؤال قد يبدو تخيلياً ولكن أظن أنه ليس من المستبعد في ظل ما نعيشه اليوم من تطور.. كلمتي الأخيرة لكم يا سادة هي قوله تعالى{اقرأ باسم ربك الذي خلق}.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى