العرب: مجلس القيادة الرئاسي يوجه بوصلته نحو مأرب تحسبا لخلافات متنامية في عدن

> "الأيام" العرب اللندنية:

> ​اختار رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي محافظة مأرب شرقي العاصمة صنعاء منصّة لتوجيه رسائل نارية لجماعة الحوثي متوعّدا باستعادة باقي مناطق البلاد من سيطرتها.

وأثنى العليمي على مأرب "التي رفضت الانقلاب منذ وهلته الأولى وقاومت المشروع الكهنوتي الظلامي لميليشيا الحوثي والمشروع الإيراني في اليمن"، قائلا "نؤكد أننا سننطلق من هنا ومن كل المحافظات لتحرير المناطق التي مازالت تحت سيطرة ميليشيا الحوثي، وسيتحقق النصر من خلال القوات المسلحة بكافة تشكيلاتها والمقاومة الشعبية المساندة لها".

وبدا وعيد رئيس مجلس القيادة خارجا عن سياق مسار السلام الذي تدفع الأمم المتحدة وقوى إقليمية على رأسها المملكة العربية السعودية الداعمة بقوّة للسلطة الشرعية اليمنية نحوه، وهو مسار لا يتضمّن أيّ حديث حول إنهاء سيطرة الحوثيين على المناطق، بقدر ما يتضمّن اعترافا ضمنيا بهم كسلطة أمر واقع والتعامل معهم على هذا الأساس، وهو الأمر الذي عكسه قبول الرياض بالجلوس معهم إلى طاولة الحوار المباشر، كما جسّدته بعض بنود خارطة الطريق التي أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ التوصّل إليها كمدخل لحل سياسي شامل ومستدام لملف الصراع في اليمن.

واستنادا إلى هذه المعطيات رأى مطّلعون على الشأن اليمني أن دوافع الخطاب القوي للعليمي سياسية بالأساس، وأن هذا الخطاب لا يؤشر على أي تغييرات وشيكة في المشهد العسكري وفي خارطة السيطرة على الأرض.

ولفت هؤلاء إلى أنّ قيادة الشرعية اليمنية التي تواجه خلال الفترة الحالية اتهامات من قبل قوى جنوبية مطالبة باستعادة دولة الجنوب المستقلّة، بإهمال دورها الأصلي في استعادة المناطق من سيطرة الحوثيين والانصراف بدلا عن ذلك نحو ترسيخ وجودها في مناطق الجنوب التي تمثّل المجال الجغرافي للدولة المنشودة، احتاجت لإحياء خطاب مقاومة الحوثيين ومواجهتهم عسكريا لدحض تلك الاتهامات وللتأكيد على أنّ تحرير المناطق ما يزال بندا رئيسيا على لائحة مهامها وأهدافها التي تعمل على تحقيقها.

وأولى المراقبون مكان تصريحات العليمي وزمانها بشأن استعادة المناطق من سيطرة الحوثيين أهمية قصوى في تحليل مضامين تلك التصريحات وأبعادها.

وقال هؤلاء إنّ زيارة رئيس مجلس القيادة إلى مأرب جاءت في غمرة الخلافات المتصاعدة داخل المجلس الذي يضم ممثلين لعدّة أطياف من بينها المجلس الانتقالي الجنوبي الرافعة الأساسية لمشروع استعادة دولة الجنوب.

ومؤخّرا خرجت الخلافات المكتومة بين المجلس الانتقالي والحكومة المنتمية للشرعية برئاسة أحمد عوض بن مبارك إلى العلن، من خلال الانتقادات الحادّة التي وجهها المجلس للحكومة واصفا طريقة إدارتها لملف الخدمات في عدن ومناطق الجنوب بالعبث.

وتحدّث الانتقالي في بيان أصدره مؤخرا عن “بوادر فشل حكومي واضح في إدارة ملف الخدمات، والتي بدأت ملامحها بالظهور مع دخول الصيف”.

وشدد “على ضرورة أن يكون لمجلس القيادة الرئاسي إجراءات حازمة وحاسمة تُوقف العبث المستمر في هذا الملف، وتكبح جماح القوى التي تحاول استغلال معاناة المواطنين للابتزاز السياسي”.

لكنّ هذا النقد لحكومة بن مبارك لم يمثّل سوى الجزء المعلن من خلافات أكبر حول مسائل أكثر جوهرية من بينها منظور الرئيس العليمي لوضع القوات المسلّحة ووجوب توحيدها بمختلف فصائلها تحت إمرته، وهو أمر يرفضه المجلس الانتقالي الجنوبي غير المستعد تحت أيّ ظرف للتفريط في القوات التابعة له ولأيّ طرف مهما كانت مرتبته في سلّم المسؤولية.

ومن بين المسائل الخلافية أيضا قضية التعيينات في المناصب الحكومية بما في ذلك المناصب الدبلوماسية التي يرى الانتقالي الجنوبي أنّها تتمّ بشكل أحادي وبالمخالفة لمبدأ الشراكة والمناصفة الذي قام عليه تشكيل مجلس القيادة الرئاسي.

ويظل على رأس مواطن الخلاف بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي الموقف من قضية الجنوب وموقعها في مسار التسوية السياسية المرتقبة للصراع اليمني والتي يجري العمل عليها حاليا.

ويرى المجلس الانتقالي وسائر المدافعين عن مشروع استعادة دولة الجنوب أنّ السلطة الشرعية تتعمّد الغموض وتلجأ إلى الإرجاء والتسويف في مواجهة المطالبات بتوضيح موقفها الحقيقي من القضية الجنوبية.

وبشأن دلالة المكان الذي وجّه منه العليمي خطابه الناري إلى الحوثيين، ذكّر المراقبون بأنّ مأرب التي ما تزال تمثّل خطّ تماس نشط بين القوات التابعة للشرعية وقوات الحوثيين وموطنا لمناوشات متقطّعة بين الطرفين، هي أيضا معقل رئيسي لحزب التجمّع اليمني للإصلاح الذراع اليمنية لتنظيم الإخوان المسلمين والممثّلين داخل مجلس القيادة عن طريق القيادي في الحزب محافظ مأرب سلطان العرادة.

وقال هؤلاء إنّ تصاعد الخلافات بين قيادة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي يضاعف حاجة تلك القيادة لتمتين التحالف مع حزب الإصلاح الذي يحمل بدوره موقفا سلبيا من الانتقالي ومشروعه في استعادة دولة الجنوب وما يزال يمتلك مصالح له في المحافظات الجنوبية التي يريد المجلس إقامة الدولة المنشودة على أراضيها.

وقام العليمي مطلع الأسبوع الجاري بأول زيارة له إلى محافظة مأرب الواقعة شرقي العاصمة صنعاء وذلك منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022. واستُقبل هناك من قبل عضو مجلس القيادة ومحافظ مأرب سلطان العرادة وقيادات عسكرية وأمنية ومدنية.

وباتت مأرب منذ سيطرة الحوثيين على أغلب مناطق شمال اليمن معقلا رئيسيا لحزب الإصلاح بديلا عن معاقله التقليدية التي خسرها في شمال البلاد.

وتمكّن الحزب من خلال تحكّمه في موارد المحافظة وأيضا من خلال احتفاظه بقوّة عسكرية وازنة تابعة له من تأسيس سلطة مستقرة ومزدهرة إلى حدّ ما في المحافظة التي تحوّلت إلى وجهة لأكثر من مليوني نازح فارّين من الحرب في مناطق أخرى من البلاد.

واجتمع رئيس مجلس القيادة الرئاسي بقيادات السلطة المحلية والأجهزة التنفيذية في مأرب حيث أشاد بـ”الإنجازات الكبيرة التي تحققت في المحافظة على مختلف الصعد رغم التحديات الكبيرة والأوضاع الاستثنائية التي تعيشها من حرب متواصلة وتدفق للنازحين وشح للإمكانات”.

كما وصف العليمي محافظة مأرب بأنّها “صمام أمان الجمهورية وبوابة النصر لاستعادة مؤسسات الدولة وما تبقى من المناطق الخاضعة بالقوة الغاشمة لسيطرة الميليشيا الحوثية، وفي مقدمتها العاصمة صنعاء”.

وشدد على أهمية استمرار تلاحم الجبهة الداخلية وتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية والتعبئة المكثفة والشاملة لمواجهة ما تقوم به ميليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها خاصة على صعيد تجنيد وتحشيد الأطفال إلى مخيمات تعبوية طائفية.

وحرص العليمي على تعزيز رسائل التهديد للحوثيين بخطوات ميدانية حيث قام بزيارة إلى كلية الطيران والدفاع الجوي بمدينة مأرب وعبّر عن تطلعه أن “يمثل الطلاب المؤهلون إضافة نوعية للمعسكر الجمهوري، وأن يكونوا غدا بما اكتسبوه من معارف وعلوم عسكرية في مقدمة صفوف القوات المسلحة لتحرير ما تبقى من محافظات الجمهورية من قبضة الميليشيا الحوثية”.

وترافقت زيارة رئيس مجلس القيادة إلى مأرب مع حملة إعلامية شارك فيها مسؤولون ووسائل إعلام تابعة للشرعية، وأخرى تابعة لحزب الإصلاح، وتمّ خلالها إبراز الأهمية الاستثنائية للزيارة.

وقال عبدالله العليمي نائب رئيس مجلس القيادة عبر منصة إكس إنّ زيارة مأرب جاءت “تقديرا وعرفانا لهذه المدينة العظيمة ورجالها الأوفياء وما تمثله من رمزية كبيرة لدى كل اليمنيين”، مضيفا أنّ “المدينة التي استحضرت تاريخها ووقفت وتقف اليوم بكل ما فيها ومن فيها في وجه الكهنوت في معركة الجمهورية واستعادة الدولة اليمنية شكلت منطلقا للأحرار ومركزا متقدما للجيش والمقاومة”.

وعلّق وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني من جهته على زيارة العليمي لمأرب بالقول إنّها “تجسد نهج وإرادة تعزيز حضور الدولة وتفعيل مؤسساتها”.

وأضاف عبر منصّة إكس “هذه الزيارة الهامة في هذا الظرف الصعب عكست تقدير القيادة السياسية لدور محافظة مأرب التي مثلت جبهة صلبة للحفاظ على الثورة والجمهورية والهوية اليمنية، وحصنا ضد المشروع الكهنوتي، وعرفانا للتضحيات التي قدمتها في مواجهة المشروع التوسعي الإيراني، وتقديمها نموذجا فارقا للصمود، والتنمية، والأبواب المفتوحة لاستقبال كل القوى الوطنية والسياسية والاجتماعية المناهضة للانقلاب والنازحين من مختلف المحافظات”.

كما حيّى الإرياني “مأرب بقبائلها وأبنائها ومختلف مكوناتها”، وخص بالتحية من سماه “الشيخ البطل اللواء سلطان العرادة” إلى جانب أبناء المحافظة لـ”تمسكهم بالدولة والاجماع الوطني.. وتقديمهم صورة مشرقة لحضور الدولة وما تشهده من تطور في مختلف الجوانب ونموذج للتلاحم والاصطفاف الوطني بين كل القوى السياسية والمجتمعية والتحامهم بالقيادة السياسية من أجل تحقيق الأهداف الكبيرة لليمن”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى