> رغم أن نجوم كرة القدم الكبار الناجحين الذين يتقاضون رواتب باهظة والذين يشاركون حاليا في كأس العالم بألمانيا يقدمون نماذجا للاعبين الصغار والاطفال الذين يلعبون كرة الشوارع إلا أن هؤلاء الصغار والاطفال يمكن أن يقدموا المثل والقدوة والالهام للنجوم الكبار حيث يمكن للكبار أن يتعلموا بعض الاشياء من الاطفال والشبان الذين يلعبون كرة الشوارع.

ورغم أن اللاعبين الكبار يتصرفون مثل "الممثلة الاولى" أو "البريما دونا" المتأنقة إلا أنهم قد يجدوا المثل والقدوة من خلال لاعبي كرة الشوارع والذين يلعبون في بطولات كرة القدم للشوارع والتي تهدف إلى استغلال أكثر اللعبات شعبية في العالم كله لمساعدة الاطفال في التغلب على العوائق والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية.

ويستطيع من يشاهد ويتابع بطولة كأس العالم لكرة الشوارع المقامة حاليا بألمانيا أن يدرك ما يمكن أن تقدمه كرة القدم للشوارع.

وقد يكون الفلسطينيون والاسرائيليون على شفا القتال فيما بينهم في شوارع غزة ولكن في شوارع العاصمة الالمانية برلين يختلف الامر تماما.

فقد هزم فريق مشترك من اللاعبين الشبان الفلسطينيين والاسرائيليين فريقا بولنديا 7/2 يوم الاحد الماضي في افتتاح بطولة كأس العالم لكرة الشوارع في برلين وتعهد لاعبو الفريق المشترك بمواصلة مسيرتهم نحو المباراة النهائية للبطولة التي تجرى السبت القادم لإظهار ما يمكن أن يتحقق إذا تعاون الجانبان.

وقال قائد الفريق أنور زيدان من بلدة العيساوية بالضفة الغربية :"نريد أن نفوز لاننا نملك فريقا جيدا ودافعا إضافيا للعب من أجل السلام".

ويأتي زيدان الذي لا يرتبط بأي صلة بزين الدين زيدان أسطورة كرة القدم الفرنسية ضمن أربعة فلسطينيين يلعبون في الفريق إلى جانب أربعة إسرائيليين.

وقال زيدان عن التعاون بين الطرفين "في البداية كان التعاون بين لاعبي الفريق غريبا وصعبا.. فنحن معتادون على العراك بين بعضنا البعض أكثر من اللعب سويا. وبعض أعضاء الفريق الاسرائيلي من الجنود ونحن كفلسطينيين يتعين علينا أن ننتظر ساعات كل يوم عند نقاط التفتيش. ولكن بعد أن تدربنا سويا وتعرف كلانا على الآخر لم يعد يستطيع أحد أن يميز أحدنا عن الآخر".

وتجرى فعاليات البطولة على مدار أسبوع بداية من الاحد الماضي وذلك في كروسبرج إحدى ضواحي برلين.

وتبعد منطقة إقامة فعاليات هذه البطولة عدة كيلومترات عن موقع الاستاد الاولمبي ببرلين والذي استضاف فعاليات المباراة النهائية لبطولة كأس العالم .2006 وتتميز كروسبرج بطابعها المتعدد الثقافات ومجتمعات الشواذ من الجنسين.

وفي أول أيام بطولة كأس العالم لكرة الشوارع احتشد نحو ألفي شخص في الميدان الذي تقام فيه فعاليات البطولة واستمتعوا بالجو الودي الذي ساد البطولة.

وخصت الجماهير بالتشجيع الفريق الاسرائيلي الفلسطيني المشترك الذي ارتدى زيا برتقاليا.

ونال اللاعبون تصفيقا وحفاوة كبيرة من الجماهير بعد الفوز المقنع الذي حققه الفريق على منافسه البولندي كما انطلق لاعبو الفريق يطوفون أرض الملعب الصغير وهم يحملون الاعلام الفلسطينية والاسرائيلية.

وتشكل الفريق من قبل مركز بيريز للسلام وهو المركز الذي أسسه رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق شيمون بيريز كمجموعة تمثل 40 مدرسة إسرائيلية وفلسطينية و2400 شخصا يشاركون في دوري كرة الشوارع الذي ينظمه المركز.

ودعم السلام والتنمية من خلال الرياضة ليس فكرة جديدة ، إذ أن بطولة كأس العالم لكرة القدم 2006 التي أقيمت في ألمانيا كان لها تأثير ملحوظ في إبراز الروابط المشتركة للثقافة العالمية.. ولكن نادرا ما تترجم فكرة رياضية بنجاح إلى تقدم اجتماعي ملموس.

وكأس العالم لكرة الشوارع التي تقام في برلين حاليا هي أول بطولة تجمع ممثلين من الاتحادات التابعة لمنظمة كرة الشوارع في 56 دولة حول العالم.

ويشارك 22 فريقا في البطولة.. وكان من المنتظر أن يبلغ العدد 24 فريقا ولكن لاعبي الفريقين النيجيري والغاني حرمتهما السلطات الالمانية من الحصول على تأشيرات الدخول إلى ألمانيا..وتضم البطولة فرقا من أفغانستان ورواندا وبوليفيا والارجنتين وشيلي ومن دول أخرى من العالم..وفي الوقت الذي يصارع فيه كل فريق مشاكله الخاصة به مثل ويلات الحروب والفقر والمخدرات والتلوث فإن جميع الفرق تتفق في الايمان بأنها يمكنها أن تتعلم من لعبة كرة القدم الدروس الخاصة القيمة المطلوبة للتغلب على الصعاب.

وكانت منظمة كرة الشوارع تأسست في عام 1994 في أعقاب مقتل حارس المرمى الكولومبي أندريس اسكوبار الذي أطلق عليه الرصاص ليلقى حتفه بعد أن ألقى عليه المشجعون بوجه عام اللوم في خسارة فريقه وخروجه المبكر من بطولة كأس العالم 1994 بالولايات المتحدة.

وأسس يورجن جريسبيك الذي عمل آنذاك محاضرا في علم الاجتماع بمدينة ميدلين الكولومبية هذا المشروع لتجميع الشبان الذين يتسمون بالعنف والذين تحولوا إلى الجريمة وخلال عام واحد انضم 500 فريق إلى عضوية المنظمة.

ومن القواعد الرئيسية في كرة الشوارع عدم وجود حكام..وعلى الفرق المتنافسة في المباريات أن تنفذ أحكام وقواعد اللعبة بأنفسها وأن تلتقي عقب نهاية المباريات لمناقشة ما جرى بشكل صحيح وما جرى على نحو خطأ.

وأكد فلاديمير بوركوفيتش أحد المؤسسين للمنظمة والمشرف على شبكتها العالمية أن كرة الشوارع تلقن الاطفال دروسا قيمة بجعلهم مسئولين عن تنفيذ القواعد.

وقال بوركوفيتش :"قادة الفرق والمدربون يحللون طريقة اللعب مع فرقهم ويلقنون الاطفال بأن المبدأ الرئيسي هو اللعب النظيف.. فالاطفال يدركون أنهم قادرون على وضع القواعد والالتزام بها".

ويوجد هذا البرنامج الدولي في 80 دولة ويركز على الاطفال من المناطق الفقيرة اجتماعيا واقتصاديا.. وقال بوركوفيتش "في معظم الاماكن والمدن يكون للشوارع تأثير سلبي..ولكننا نرى الشوارع مرادفة للاماكن الفضاء التي يمكن أن تستخدم لتحقيق أهداف رائعة".

وأقيمت بطولة كأس العالم لكرة الشوارع تحت إشراف الحكومة الالمانية ومجموعة من الشركات الخاصة وبمساندة ودعم من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

وقال السويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا في كلمته لافتتاح فعاليات البطولة "كرة الشوارع لها دور مهم تلعبه في المجتمع في جميع أنحاء العالم.".

وأضاف بلاتر :"الامر لا يقتصر على مجرد ركل الكرة..إنها أيضا وسيلة لتعليم التسامح والتخلص من العنف المكبوت وأيضا وسيلة للتخلص من القلق".