عنيد لا يحب الاستسلام يعشق الأرض ويدافع عن الفقراء .. استطاع تحويل نظريته المتهمة بالجنون إلى اتجاه فكري عام

> «الأيام» علي جمال الدين:

>
بول فندلي
بول فندلي
كان بول فندلي يتمتع منذ صغره بالحس المرهف والمشاعر الرقيقة، التي جعلت من دموعه الساخنة قريبة في كل المناسبات المؤثرة، ولعل زوجته الصبور لوسيل جيم التي أنجب منها ابنه كريج وابنته دايان، وأحفاده الاربعة الذين يحب ان يمضي وقت فراغه في ملاطفتهم هم أكثر من يعرفون هذه الحقيقة.

إلا أن فندلي يتمتع على الرغم من ذلك الفيض من الحنان والمشاعر الرقيقة بجسارة تبعث على الانبهار والاعجاب، وقد كانت دراسته العليا ترجمة حقيقية للجزء الاول من شخصيته فقد حصل على الدرجة الجامعية في الفنون من أكاديمية إلينوي عام 1943م، بينما برز الجزء الثاني من شخصيته في شجاعته أثناء مشاركته في الوحدات الأميركية المقاتلة في المحيط الهادي في الحرب العالمية الثانية، وفي قيادته الحالية لفيلق عسكري تشكل حديثاً في الولايات المتحدة، يدعو للخلاص من (نير الاحتلال).

وبول فندلي هو أول من طرح هذه الفكرة من بين الاميركيين، ومن قبله كانت هذه المسألة مجرد صرخات عربية متناثرة تضيع في الهواء أصحابها متهمون غالباً باعراض مرض نظريات المؤامرة، ولكن فندلي أثبت بالدليل القاطع أن الولايات المتحدة لا تمتلك حرية اتخاذ قرارات مصيرية خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية في منطقة الشرق الاوسط، وكان عناده المتواصل الذي استمده من طبيعة شخصيته المرتبطة بالارض سبباً لأن يكون لهذا الاتجاه اتباع ومؤيدون، وأن يفتش اكاديميون وعلماء سياسيون في افكاره فيجدوا فيها كل المنطق والموضوعية، ذلك العناد الذي دفعه لأن لا يستسلم لمحاولات الهدم المتواصلة التي جرحته كثيراً، ولكنها زادته إصراراً على إصراره.. يسميه زملاؤه الاكاديميون والبرلمانيون قائد «الانتفاضة الأميركية» ضد اللوبي الإسرائيلي وهذه التسمية استمدت من الفصل الاخير في كتابه الشهير«من يجرؤ على الكلام» والذي جاء تحت عنوان الانتفاضة الأميركية، وهو فصل مثير يوضح حياد مؤلف الكتاب عضو الكونجرس السابق «بول فندلي» وعدم خضوع دراساته لنظريات المؤامرة، يشير فيه إلى بوادر خسارة اللوبي اليهودي لاحتكار السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الأوسط، موضحاً أن إلقاء القبض على الجاسوس جوناثان بولارد عام 1985م، والذي كان يتجسس لحساب إسرائيل يميط اللثام عن مرحلة جديدة في العقل السياسي الاميركي الذي يدرك للمرة الاولى أن الولايات المتحدة وإسرائيل شيئان مختلفان وليسا كياناً واحداً، وأن هذا الاجراء ألحق بعد عامين بتغطية اكثر موضوعية وتوازناً مما اعتاد عليه المواطن الاميركي في وسائل إعلامه لانتفاضة الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1987 .ويرجع المراقبون الفضل لفندلي في إحداث تيار سياسي يعارض توحش النفوذ الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة، ويعيد نشر المقال المثير للجدل الذي كتبه الاستاذان ميرشيمر ووالت في صحيفة بريطانية مؤكدين فيه ان الولايات المتحدة وصلت الى حالة عجيبة في مضمار السياسة الخارجية حيث توظف ادواتها لخدمة مصالح إسرائيل حتى وإن كان في ذلك ضرر أكيد ومباشر على مصالح الولايات المتحدة ذاتها، علق فندلي على هذا الحدث في لقاء اجري مؤخراً بالإذاعة الاميركية العامة قائلاً: «لا يمكنكم تخيل مدى سعادتي لقد كنت اظن نفسي مبتكر علم اللوبي الاسرائيلي وأول خبرائه، ولكنني الآن اجد من استيقظ ليدق اجراس الخطر».

السرطان

وموضوعية فندلي المقترنة ببعض الجرأة قادته إلى إعلان نتائج دراساته على الملأ، وعدم الخشية من حرب ضروس يتعرض لها بالفعل منذ نشر كتابه الاخير يقودها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، تلك النتائج التي قال فيها بوضوح ان الولايات المتحدة تتعرض للاحتلال، في معركة مفضوحة لا يمكن لاحد إنكارها، وكان لجروح فندلي العميقة بعد اختطاف مقعده في الكونجرس بالغ الاثر في دفعه دفعاً الى السعي وراء ذلك الخيط، فهو النائب المخضرم الذي قضى في البرلمان اثنين وعشرين عاماً متصلة، كرسها كلها لخدمة القضايا الاميركية على الصعيدين الداخلي والخارجي وكان يتفانى في خدمة ناخبيه مهما كلفه الأمر، وذات مرة اضطر للسفر الى عدن للتوسط لدى الحكومة اليمنية للافراج عن سجين اميركي اتهم بالتجسس لصالح الولايات المتحدة في وقت كانت الحرب الباردة في أوج استعارها.

وقام بول فندلي بعدها بجولة ميدانية في الشرق الاوسط، كانت بمثابة رحلة بحث عن الحقيقة، اكتشف بعدها مدى العار الذي يلحق بسمعة بلاده جراء سياساتها غير العادلة في الشرق الاوسط بفعل تغلغل اللوبي الإسرائيلي داخل مؤسسات بلاده، وأدرك ان تغيير هذه الاوضاع في حاجة الى الكثير من الجهود تبدأ بالعقل الاميركي ذاته، بما يمكن من تحولها على المستوى الحركي الى انتفاضة تزيح ذلك الرجس الكامن في ثنايا مؤسسات صناعة القرار.

نشاط مكثف

وتولى فندلي رئاسة البرنامج الخامس للحماية من المجاعة سنة 1975، واتسمت انشطته في مجلس الشيوخ بالانحياز نحو الفقراء ورعاية مصالحهم وتبني القضايا الاجتماعية، واقترح عام 1978 قانوناً يحرم طرد العاملين أو اجبارهم على التقاعد قبل سن السبعين، بدلاً من سن الستين الذي كان مقرراً في قانون سابق وفي عام 1973 قام بمهمة سياسية وصفت بانها انتحارية حيث قاد بعثة تجارية تستهدف فتح الاسواق السوفيتية امام المنتجات الزراعية لولايته الينوي، وكرر تلك المحاولة مع الصين عام 1978، كما تم اختياره عام 1978 رئيساً للجنة تقص للحقائق في باريس، كما فوض لحضور مؤتمر شمال الاطلنطي من عام 1965 حتى 1981 .

ولكنه فوجئ بالحقيقة المرة، وهي ان كل هذا لم يعد يكفي، وأن اللوبي الصهيوني اضحى سرطاناً تفشى في اوصال اللعبة السياسية الأميركية يتبارى الجميع الآن في تقديم قرابين العرفان والطاعة له، وأن عليه هو الآخر ان يسلك هذا السلوك وإلا فلن يشفع له تاريخه المشرف في خدمة قضايا أمته، ولا دفاعه المستميت عن قضايا المزارعين الفقراء في ولايته ومسقط رأسه لان قضايا اخرى اصبحت الآن اكثر أولوية وأهمية ولأن اصحابها مستعدون للإغداق بسخاء على كل من يؤيد مشروعهم التوسعي، وبالفعل قال المال كلمته، وخسر فندلي مقعده امام توحش اللوبي الاسرائيلي.ومن الأمانة ان نوضح ان فندلي لم يبدأ تحليلاته السياسية لدور اللوبي الاسرائيلي من عند هذه النقطة، فخسارة فندلي لمقعده بمجلس الشيوخ كانت نتيجة وليست سبباً لمواقفه من اللوبي الاسرائيلي في الولايات المتحدة، وقد كان هدفاً لمحاولات الاغتيال المعنوية على مدار السنوات الثلاث الاخيرة من عمره داخل الكونجرس، وكانت هذه المعركة مكشوفة الاهداف وتعود بالاساس لجنوح فندلي نحو تأييد حقوق الفلسطينيين، وبلغت هذه الحرب ذروتها بدعم منافسه في الانتخابات عام 1982.. وإذا كانت هذه التجربة لم تكن بداية معركة فندلي ضد توحش اللوبي الاسرائيلي، فقد كانت الانذار الخطير الذي أدرك فندلي من خلاله أن توحش هذا اللوبي وصل مداه الى ابعد بكثير مما كان يتصور. ولكن هذه الحقائق لم تفتر من عزيمته ولم تدفعه للاستسلام، فراح يتصرف كما لو كان مسؤولاً عن كشف دور اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الاميركية، وكان لفترة طويلة كمن يعزف لحنا منفرداً ويسبح ضد التيار، ولكنه استطاع ان يحقق بدون مقعد في الكونجرس ما لم يحققه كنائب برلماني، وحصل على 6 جوائز من منظمات دولية عاملة في مجال حقوق الانسان، وجائزتين دوليتين تعبران عن إبداعه في مجال السياسة الخارجية، كما قام بتأليف العديد من الكتب اهمها «مواجهة حقائق العلاقات الاميركية الاسرائيلية» الذي نشر في الولايات المتحدة عام 1983 وأكثرها شهرة «لا صمت بعد اليوم: مواجهة الصورة الاميركية المشوهة عن الإسلام» سنة 2001.

دور بارز

وقد احتفل الجمهوري بول فندلي بعيد ميلاده الخامس والثمانين منذ ايام وتحديداً في الثالث والعشرين من شهر يونيو، كما يحتفل ايضاًُ في السنة ذاتها بمرور 45 عاماً على انتخابه لأول مرة عضواً في مجلس الشيوخ عام 1961، وذلك قبل ان يخسر عضويته امام منافسه الديمقراطي ديك دوربان عام 1982 عن مقعد الدائرة العشرين بولاية الينوي بعد أن اعيد انتخابه 11 مرة متتالية، تلك الولاية التي لم يشأ ان يغادرها بعد كل تلك الاحداث حيث لا يزال يقطن مدينة جاكسونفيل في وسط الولاية التي ولد فيها عام 1921 .

وعلى الرغم من تقدمه في السن إلا انه لم يوقف نشاطه السياسي بعد خروجه من الكونجرس، حيث عكف على تاسيس مجلس للمصالح الوطنية الاميركية في واشنطن، وهو مؤسسة غير حزبية ومنظمة لا تهدف إلى الربح، ويرمي من ورائها إلى تدعيم اتجاه جديد لسياسات للولايات المتحدة في الشرق الاوسط.

وقد حصل على خمس درجات للدكتوراه الفخرية اولاها من اكاديمية ليندن وود عام 1969، والثانية حصل عليها عام 1973 من أكاديميته المفضلة بالينوي، والثالثة عام 1988 من جامعة لينكولن، والرابعة عام 1997 من أكاديمية ماك ماري والاخيرة في السنة نفسها من جامعة صنعاء باليمن.

وفندلي شخصية جريئة مثيرة للجدل في الإعلام الاميركي وضيف دائم في برنامج سي إن إن الشهير CROSSFIRE والذي يتسم بالمواجهات والجدل الحاد، بالإضافة إلى برامج شبكة إن بي سي الإخبارية الأميركية، وعبر هذه المواجهات واللقاءات الصحافية يحاول فندلي تسليط الضوء على فشل السياسة الاميركية في الشرق الاوسط وأثر ذلك الفشل على مسألة الحرب على الإرهاب، ويوضح ان الحرب على الإرهاب اصلاً ما كانت لتنشأ لولا التحيز الاميركي الواضح في سياساتها بالشرق الاوسط وقد نشر وجهة نظره هذه بعد حوالي عام واحد من وقوع الهجمات وتحديداً في الثاني عشر من سبتمبر عام 2002 تحت عنوان «تحرير اميركا من إسرائيل» متهماً الإدارة الاميركية بأنها لا ترى تلك المنطقة من العالم الا من خلال عين واحدة هي عين اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، وأن واشنطن تتجه لأن تكون عاصمة صورية للولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالشرق الاوسط حيث تصنع السياسات الخاصة بتلك المنطقة في تل ابيب، وأن الدعم الاميركي المستمر لسياسات إسرائيل بما فيها انتهاكات ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي هو ما أدى الى وقوع احداث الحادي عشر من سبتمبر.

كما ان الحرب على الإرهاب لن تنتهي ايضاً إلا اذا غيرت الولايات المتحدة من سياساتها في ذات المنطقة، الداعمة لإسرائيل في عمليات إذلال وتقطيع وتدمير الشعب الفلسطيني، ويرى فندلي أن اجتياح العراق عام 2003 تم أساسا لخدمة المصالح الإسرائيلية وقد تم اتخاذ هذا القرار بأمر من اللوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة وأن إدارتها تتم طبقاً لمصالح إسرائيل وأنه لا فائدة ستعود على الولايات المتحدة من جراء هذه الحرب، وأن التأمل في التكتيكات الاستراتيجية للحرب في العراق يؤكد هذه الحقيقة، وقد نشر فندلي وجهة نظره هذه في صحيفة يسارية اميركية اسمها هافنجتون بوست في التاسع من يونيو من العام الماضي.

في مواجهة الغوريلا

ولكن التحول الكبير في حياة فندلي جاء بعد مواجهة شجاعة مع تنامي النفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة، عن طريق تأليف مرجع ضخم عام 1985 يوثق فيه للتغلغل المشبوه للوبي الإسرائيلي وبشكل خاص منظمة الإيباك، في السياسة الاميركية ومؤسساتها النيابية والرئاسية، ويصف اللوبي الإسرائيلي بانه «غوريلا تزن 700 رطل وتتجول بحرية في شوارع واشنطن دون أن يوقفها أحد أو ينقذ الناس من وحشيتها» ووجه الكتاب منذ ظهوره بمحاولات فعالة لتضييق انتشاره، ووصل الأمر إلى حد التشكيك في وطنية فندلي. وقد كانت محتويات هذا الكتاب محط انظار الصحف الاميركية بالطبع، لما أحدثه من هزة فكرية وسياسة حركت مياهاً ظلت راكدة لعقود، وكشف تحليل صحيفة النيويورك تايمز للكتاب عن ان سيطرة اللوبي الإسرائيلي قد طال إدارتها، فكتبت في نقد متحيز لكتاب فندلي: «الكتاب يعبر عن رؤية ساخطة احادية الجانب، وهو كتاب ضعيف وواهن، يورد أحداثا متناثرة ويفتقر إلى تحقيق الترابط فيما بينها» وكأن الصحيفة تشير الى أنه كان على الكاتب ان يتوجه الى اسرائيل مستطلعاً وجهة نظرها في دور اللوبي التابع لإدارتها في الولايات المتحدة، وكان كاتب هذا النقد هو الصحافي آدم كليمر، وهو صحافي يتميز بقدرته على التلون كالحرباء، فبينما عمل بالاجر لتغطية الحملة الانتخابية لجورج بوش الاب سنة 1988، لم يقع الاختيار عليه لذات الوظيفة في الانتخابات الرئاسية عام 2000، حيث لم يكن جورج بوش الابن يستلطفه او يحب اسلوبه في الكتابة، فراح آدم يستغل موقعه في الصحيفة كمحرر للانتخابات الرئاسية وكتب مقالات لم تعجب بوش، وفي الرابع من سبتمبرعام 2000 اثناء تجول بوش مع ديك تشيني في ولاية إلينوي رأى (آدم) واقفاً في مكان بعيد فاشار اليه هامساً في إذن تشيني «هذا هو آدم كليمر الغبي زعيم عصابة الاعداء في نيويورك تايمز، كم هو احمق» ورد تشيني «نعم إنه غبي كبير» ولم يكن بوش وتشيني يدركان أنهما يتحدثان في مكبرات الصوت مما تسبب في فضيحة سياسية. وقد جاء عرض آدم للكتاب في صورة دفاع صريح عن اللوبي الإسرائيلي مشيراً إلى أن فندلي لا يستطيع أن يدرك أن سبب هزيمته امام غريمه ترجع الى سطوة المال لا سطوة الاسرائيليين وأن من حق اصحاب اي فكرة سياسية أن يتضامنوا معاً ويشكلوا منظمة، وأنه من الطبيعي ان تمارس هذه المنظمة تأثيراً في السياسات، ومن الطبيعي ايضاً ان يدعم هؤلاء اصدقاءهم في كل مكان في العالم، بل وأن يقوموا بالوقوف الى جانب من يحقق مصالحهم ضد من يظن انهم أعداؤه وهكذا ذهب آدم بعيدا جدا وفوجئ القراء في صبيحة الرابع عشر من يوليو سنة 1985 أي بعد ايام قليلة من ظهور الكتاب في الأسواق بمقالات لا تعرض للكتاب ولكن بتحليلات تدافع عن اللوبي الإسرائيلي، وقد كان هذا التحليل الذي كتبه آدم غيضا من فيض ردود الفعل الاسرائيلية على محاولة فندلي كشف استار مشروع صهيوني ضخم يجري تنفيذه في جنح الظلام، ويتم التضحية بكل من يقف في طريقه حتى وإن كانوا الاميركيين انفسهم.

اما صحيفة واشنطن بوست التي صنفت الكتاب كأحد الكتب الاكثر مبيعاً على مدار تسعة اسابيع متصلة، وهو امر نادر الحدوث، فقد كتبت تحليلاً اكثر موضوعية وإن كان قصيراً ومختزلا، وقالت إن الكتاب رسالة صريحة ومشروعة، تعبر عن تأثير اللوبي الاسرائيلي على الحياة السياسية الاميركية بشكل لا يحتمل السكوت، وأن النفوذ الاسرائيلي وصل الى مكاتب النخبة في الحكومة الاميركية واقتحم القضايا الخاصة بالاميركيين بكل قوة.

تحليل موضوعي

ولا يعتمد بول فندلي في تحليلاته على هواجس أو آراء ذاتية، بل يوثق مواقف وتصريحات للساسة الاميركيين تؤكد صدق ما يذهب إليه، فقد كتب في واحد من مقالاته «ما أصدق كوندليزا رايس حينما وقفت تقول بملء فيها: إننا نتبع سياسة خارجية تتمحور حول إسرائيل» مذكراً بان القوات الاميركية تتحرك في الشرق الاوسط باوامر اسرائيلية، وتحديداً بأوامر طائفتين دينيتين إحداهما تحتوي على خليط من العلمانيين والمتطرفين اليهود، والثانية طائفة اصولية مسيحية ضالة، ويتعاونان معا للتحكم في سياسات الولايات المتحدة في الشرق الاوسط. والطائفتان تؤمنان بأن المسيح سوف يعود في حالة ما إذا أاصبحت إسرائيل الحالية قوية وممتدة ومتحدة.

واللوبي الإسرائيلي لا يعبر عن حركة سياسية سرية أو نشاط تحتي، ولكنه يمارس دوره في وضح النهار، وتعتبر منظمة «إيباك» ذاتها الممثل الشرعي للوبي اليهودي، ويقع مبناها في مواجهة مبنى الكونجرس ويصل عدداً اعضائها الى ما يفوق الـ 100 ألف عضو موزعين على الولايات الخمسين وربما لا يعرف كثيرون أنها تضم اعضاء من غير اليهود.

والمنظمة تزود أعضاء الكونجرس بكل ما يريدونه من معلومات ودراسات واحصاءات عن منطقة الشرق الاوسط حتى وإن لم يكن له علاقة بإسرائيل، وقد أنشا د. مارتن إنديك، مدير الابحاث في عام 1985 مؤسسة مستقلة للابحاث تحت اسم مؤسسة واشنطن السياسية لدراسات الشرق الادنى، وقد انشئ هذا الكيان منبثقاً عن مجلس الاميركيين الصهاينة، بعد شائعة ترددت عن نية الادارة الاميركية بقيادة ايزنهاور التحقيق في دور هذا المجلس وأهدافه، فتم تأسيس منظمة الايباك وهي اختصار للحروف الاولى من كلمات AMERICAN ISRAEL PUBLIC AFFAIRS COMMITTEE عام 1953 لتلعب دور التأثير في السياسات الاميركية.

ويقول فندلي ان كل الاميركيين مضطرون لتأييد كل تلك السياسات المنحازة لإسرائيل والتي تتبناها وجهات النظر الدينية المتطرفة في الادارة الاميركية في الوقت الذي لم تتح لهم الفرصة ليقرأوا آية واحدة من آيات القرآن، والاميركيون تستلبهم صورة مشوهة عن الإسلام تطرحها قصاصات الاخبار المبثوثة التي تحاول عن عمد الربط بين الاسلام والإرهاب وإذلال النساء. أما المبادئ الإسلامية ذاتها فلا يهتم بها أحد، المعتقد الأساسي بالتوحيد، أو السلام، او الزكاة والتراحم والتسامح مع الأديان الأخرى او حقوق النساء أو حتى تلك المبادئ المشتركة التي تربط بين المسلمين والمسيحيين واليهود، كل ذلك يتم تناسيه عن عمد.

نقلاً عن مجلة «المجلة» العدد 1378

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى