> عواصم «الأيام الرياضي» وكالات:

دونجا مع رئيس اتحاد البرازيل لكرة القدم لبداية مرحلة جديدة
الا ان الصورة الايجابية التي ظهرت عليها منتخبات النخبة بقيادة الجيل الجديد، وخصوصا المنتخب الالماني ثالث المونديال، الذي انتشله كلينسمان من الحضيض بعد عامين على مأساة الخروج من الدور الاول لبطولة امم اوروبا، دفعت بعض الاتحادات الوطنية الى تجاهل عنصر نقص الخبرة التدريبية، فكان تعيين دونغا (42 عاما) في البرازيل وسلافن بيليتش (38 عاما) في كرواتيا، على حساب مدربين اكبر سنا طالتهم سابقا الانتقادات التي وصلت الى حد السخرية بسبب خططهم الكلاسيكية وافكارهم التقليدية معتبرين انها مقتبسة من القرون الوسطى، حتى ان البعض تمادى في وصف هؤلاء المدربين واعطاهم القابا مثل "الرجعيين" و"المحاربين القدامى".
ولا يعد اسناد مهمة تدريب "السيليساو" الى مدرب يفتقد الخبرة، التجربة الاولى من نوعها لابطال العالم خمس مرات، اذ سبق ان تولى باولو روبرتو فالكاو تدريب المنتخب بين عامي 1990 و1991 لكن تجربته كانت فاشلة.
من هنا، يأمل دونغا في قضاء اوقات مثمرة، وهذا الامر ليس بعيد المنال كونه يدرك ان بامكانه تعويض نقص الخبرة بمعرفة التعامل مع اللاعبين، لان الضغوط تزايدت في اوساط كرة القدم الحديثة، ووجود مدرب عاصر الاوضاع الجديدة يجعله متفهما اكثر لعقلية اللاعبين خصوصا الصاعدين منهم، وربما كانت هذه النقطة سببا في تفضيل الاتحاد البرازيلي للمدرب الجديد على المرشحين الآخرين اصحاب الخبرة، وابرزهم فاندرلي لوكسمبورغو الذي درب البرازيل بين عامي 1998 و2000 من دون تحقيق النتائج المرجوة، وباولو اوتوري الذي لقي الخيبة مع منتخب البيرو في العامين الماضيين. الا ان قائد المنتخب الفائز بكأس العالم عام 1994، يقف اليوم امام مفترق حقيقي في تاريخ الكرة البرازيلية بعدما استلم الراية من مدربه السابق كارلوس البرتو باريرا الذي كان على رأس المنتخب الذهبي في مونديال الولايات المتحدة.
ويفترض على دونغا اعادة الهيبة الى المنتخب البرازيلي بعدما فقد لمعانه في مونديال المانيا الذي دخله بهالة لا مثيل لها بصفته ابرز المرشحين للظفر باللقب، حتى جاءت الخسارة امام فرنسا في الدور ربع النهائي (صفر-1) لتتنازل البرازيل عن عرش السيطرة على عالم الكرة وتدخل دوامة المستقبل المجهول.
وتبدو الخطوة الاولى التي وعد بها دونغا في مكانها، مؤكدا ادخال بعض الوجوه الجديدة على تشكيلته في اختباره الاول امام النروج في 16 اغسطس المقبل في اوسلو، وهو يكون قد سار بعكس تيار باريرا الذي اغلق الباب امام دخول وجوه جديدة قبل اكثر من سنة، رافضا منح الفرصة الى كم هائل من اللاعبين المتألقين على الصعيد المحلي.لكن السؤال الذي يطرح نفسه حول ما اذا كانت هذه الوجوه ستأخذ اماكن بعض اللاعبين الرموز امثال المهاجم رونالدو الذي تردد في شكل مفاجىء امكانية استبعاد دونغا له اثناء حملة "التطهير" التي سيقوم بها، وهذه القضية مطروحة بقوة في الشارع البرازيلي. ومما يؤهل دونغا للنجاح في مسعاه انه خبر الخيبة والمجد في آن معا اثناء تمثيله البرازيل على الصعيد الدولي، اذ لا يمكن نسيان انه تحول "كبش الفداء" اثر خروج منتخب بلاده من الدور الثاني لمونديال ايطاليا عام 1990، فوجهت اليه التهم بسبب طريقة لعبه الاقرب الى الاسلوب الاوروبي عبر اعتماده على بنيته الجسدية القوية عوضا عن الفنيات التي اشتهر بها ابناء "بلاد السامبا".
وعلى الرغم من تخوف البعض من عودة "حقبة دونغا" عبر ادخاله الفلسفة الاوروبية المختلفة نسبيا عن نظيرتها البرازيلية، وخصوصا انه قضى سنوات طويلة في القارة العجوز (لعب مع اندية بيزا وفيورنتينا وبيسكارا الايطالية وشتوتغارت الالماني)،.
ويتحدر من جذور ايطالية والمانية (اسمه الحقيقي كارلوس كايتانو بليدورن فيري)، فإن الروح القتالية التي اطلقت شهرته قد تفيد الى حد كبير المنتخب الذي افتقد في العرس العالمي الاخير الى الاصرار والحماسة على رغم وفرة العناصر من النوعية النادرة ضمن صفوفه. ولا يخفى ان الروح القتالية والقيادية اعادت "المحارب" بقوة عام 1994 بصفته القائد المميز بتمريراته المتقنة وتسديداته البعيدة المدى البالغة الدقة، ليسجل ركلة الترجيح الثالثة في المباراة النهائية امام ايطاليا قبل ان يرفع كأس البطولة.
وتكمن اهمية هذه النقطة ان دونغا الذي رفض عام 2000 خلافة لوكسمبورغو بسبب الشبهات التي ثارت حول الاتحاد البرازيلي، لم يبق يوما اسير الماضي متخطيا ردود الفعل السلبية التي اطلت برأسها من جديد عند تعيينه مدربا.
وذلك من قبل معارضي الحداثة امثال الحارس والمدرب السابق ايمرسون لياو الذي ابدى عدم رضاه على تعيين دونغا مدربا للبرازيل قائلا "افضل ان ابقى صامتا في حالات مماثلة".