حزب البائسين

> جلال عبده محسن:

>
جلال عبده محسن
جلال عبده محسن
تظل مشكلة البطالة من المشاكل المعقدة التي تواجه أغلبية الدول النامية ومن ضمنها بلادنا نتيجة لمعاناتها من أعباء ومشاكل اقتصادية واجتماعية تفوق قدرة تحملها، من تضخم في المديونية الخارجية بسبب استمرار العجز السنوي الخارجي وانخفاض في كفاءة الاقتصاد القومي وضعف معدلات الادخار المحلي وأيضا ضعف في المقدرة التصديرية وارتفاع معدلات التضخم، علاوة على ما يرافق ذلك من فساد مالي وإداري وفي مختلف المجالات، فتلجأ هذه الدول إلى الالتزام بتطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي والتي يضعها كل من الصندوق والبنك الدوليين للحد من زيادة تلك الأعباء والمشاكل ولكي تتمكن أيضا من التفرغ لإصلاح البنية الأساسية في المجتمع ذات الأهمية الاستراتيجية بصورة أكثر جدوى وأكثر فعالية.

والبطالة لا تعني فقط فقدان الدخل، فهي بأبعادها ودلالاتها الاجتماعية الخطيرة تعني أيضا ضعف قدرات النظام السياسي للتعامل مع هذه المشكلة، وبالتالي تفاقم أزمات التنمية وخلخلة البناء الاجتماعي.

ولا سبيل للخروج من مأزق البطالة إلا بخلق فرص عمل لهذه الطبقة توفرها الدولة وفق سياستها الاقتصادية ومن خلال زيادة الاستثمارات وإفساح المجال للقطاع الخاص بأن يلعب دوره الإيجابي والفعال في خطط التنمية وتحمل مسئوليته الوطنية للتخفيف من هذه المشكلة، وفي بلادنا وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وارتفاع كلفة المعيشة وتدني الأجور فإنه لا تلوح في الأفق أية معالجات إيجابية للتعامل مع هذه المشكلة، فالدولة لا تتعاطى جيدا مع مخرجات العملية التعليمية الذين تقوم بتخريجهم الجامعات اليمنية وغير اليمنية، حيث يلاحظ أن توجهاتها تسير بلا مراعاة لاحتياجات المجتمع، بل وبغير هدف سوى استيعاب كم هائل من المتقدمين للدلالة على اهتمامها بالتعليم الجامعي دون مراعاة محصلة ذلك، وهي تخريج عشرات الآلاف من الأطباء والمهندسين والقانونيين وغيرهم ممن لا توجد حاجة ماسة إلى كل تخصصاتهم، في حين تعاني قطاعات أخرى من نقص في تخصصاتها، بل رأينا ما هو أعجب من ذلك وبدلاً من معالجة أوضاع هذه الشريحة فقد طالت شريحة أخرى لتشكل إجحافا بحق موظفين محسوبين في قوام الوظيفة العامة تم إنشاء صندوق الخدمة المدنية لهم ولغيرهم من اللاحقين تمهيدا لإحالتهم القسرية للتقاعد بحجة أنهم لا يشغلون وظائف محددة في الأجهزة الإدارية التي ينتسبون إليها، منهم كوادر جامعية متخصصة لم يستفد من تخصصاتها سوى لسنوات قليلة وبعدها وجدوا أنفسهم ضمن مرافق متعثرة أو تعثرت بقصد أو غير قصد فالمحصلة واحدة وهي إجبارهم وبقوة القانون على ترك الوظيفة العامة والإحالة للتقاعد المبكر وخبراتهم في قطاعات أخرى بحاجة إليها، ليضافوا بذلك إلى حزب البائسين، الأمر الذي يخلق في النهاية طبقة تجعلهم لغماً جاهزاً للانفجار في أية لحظة وأكثر استعدادا لاستخدام وسائل العنف وارتكاب الجرائم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى