قراءة في مشاركة التلال العربية .. رغم خروجه رسم التلال صورة مختلفة رفع بها شأن كرة القدم اليمنية

> «الأيام الرياضي» خالد هيثم:

>
المعاناة على الأرض الجزائرية ولدت طاقات تُرجمت على أرض الملعب
المعاناة على الأرض الجزائرية ولدت طاقات تُرجمت على أرض الملعب
بعيدا عن النتيجة التي حققها التلال، والتي لم تعطه حق التأهل إلى الدور الثاني لمسابقة أبطال العرب في المشاركة الأولى له باحتساب مجموع اللقائين، إلا أن التلال قد رسم - حسب الرأي العام والشارع التلالي والرياضي - ملحمة رائعة قرئت سطورها من قبل كل من تابع المباراة حيث رفع اللاعبون شأنهم وشأننا أمام خصم قوي يؤازره جمهور كبير جدا تجاوز الخمسين ألفاً، وهو عدد لم يلعب فريق يمني من سابق أمام مثله مع استثناء التلال الذي خاض مواجهة في إيران في بداية التسعينات أمام سبعين ألف متفرج.

وعندما نشيد بما قدمه التلال فإن ذلك ينبع من الروح الجميلة والحماس الكبير الذي سطر على الأرض الجزائرية بأقدام اللاعبين، حيث ظهر التلال كمجموعة منسجمة تؤدي وتجيد وتتفوق في مرات عديدة على خصمها القوي، ما جعلها قريبة إلى التأهل في كل وقت المباراة لولا اللحظات المجنونة في الوقت المضاف الذي زاد عن الحد من قبل الحكم السيئ للقاء القادم من تونس.

تلال متغير
المستوى التلالي في المواجهتين كان عنوانا صريحا وواضحا للحالة المتصاعدة للفريق من حيث الأداء، الذي رسُم منذ استلام الفريق من قبل ملهم المرحلة شرف ومساعده صلاح، حيث انتشل الفريق من نفق مظلم مخيف بوجوده في المراكز الأخيرة في سلم الترتيب لدورينا، ووسط المخاوف الكبيرة من جمهور الفريق الكبير عاد التلال كبيرا وانتفض بحنكة جهازه الفني وسار بخطى الثبات نحو عودة مظفرة، فسجل الانتصارات المتوالية وتجاوز المحن ليصل في نهاية الأمر إلى مواقع الصدارة محتلا مركز البرونز ويسجل لجهازه الفني الإنجاز فتبدلت المخاوف بالإعجاب للقدرة التي استطاعت أن تعيد النَفَس الحقيقي للتلال بعد الانتكاسة المرة في بداية الموسم.

رغم الخسارة قدم نجوم التلال المتعة والإقناع
رغم الخسارة قدم نجوم التلال المتعة والإقناع
معاناة زيف الأقنعة ولدت العزيمة
الكل عرف وتابع ما تعرض له الفريق في رحلته الى الجزائر في أموره السكنية والغذائية والتدريبية بسبب الممارسات التي اظهرها أشقاؤنا الجزائريون تجاه الفريق فانعكست الآية ولم ينل الفريق جزاء ما قدمه هنا في اليمن لفريق المولودية، بل العكس من ذلك تماما، وظهرت الصورة الحقيقية لإدارة المولودية وسقطت الأقنعة، فعانى التلال الأمرين وأصابه الذهول من تلك التصرفات ليصل الحال إلى حد التهديد بالانسحاب مادامت الأمور قد سقطت إلى هذا الحد، فماذا فعل التلال للمولودية وإدارته ليجازى بذلك؟

ومع كل ما كان تولدت العزيمة والإصرار وكانت سلاح الشباب، ونجح الجهاز الفني في التعامل مع الموضوع بشكل مثقف بإدراك كامل أنها سمعة بلاد، سمعة وطن، سمعة علم، فوضع الجميع المسؤولية على عاتقه، ورموا كل تلك المعاناة وراء ظهورهم وانتظروا صافرة الحكم التعس وصافرات الخمسين ألف متفرج، فأعطوا درساً كله عناوين بارزة أفرحت الجميع وجعلته يقبل الخسارة كأنها لم تكن، فالأداء الرجولي الرائع للاعبين وهم يواجهون ظروفاً صعبة وحرباً نفسية وأجواء مشحونة جعلتهم منتصرين وفائزين رغم الخسارة الرقمية للمباراة التي جعلت التلال يودع البطولة.

سياسة البطولة والحكم
بدون شك تظل الأخطاء التحكيمية واردة دائما في كل المباريات، وهو ما تعودنا عليه في البطولات الصغيرة والكبيرة، إلا أن حكم المباراة التونسي جاء لتنفيذ سياسة الاتحاد العربي لكرة القدم والشركة الراعية (ART) التي تسعى إلى صعود الفرق الكبيرة الى الدور الثاني وفق رؤية خاصة بها هي بقاء تلك الفرق في البطولة لتبقى قوية حسب وجهة نظرها هي، وهو ما ظهر جليا في قرارات الحكم في اللقاء خصوصا في أواخر المباراة، وبعد أن ظلت النتيجة متعادلة بسبب الاستبسال الأحمر، فسعى الى احتساب الأخطاء واحداً تلو الآخر في محاولة مفضوحة كل الغرض منها هو أن يسجل الفريق الجزائري، وهو ما حصل في الوقت القاتل بالهدف الذي ربما يكون من حالة تسلل.

ألفة ومحبة بين اللاعبين بدا أثرها في المباراتين
ألفة ومحبة بين اللاعبين بدا أثرها في المباراتين
أداء جماعي لافت
قدم التلال في المباراة عطاء كبيراً أظهره على المستطيل ندا قويا متمكنا من خلال الإمكانيات الهائلة للاعبين في الملعب التي صبت في حالة لعب جماعي واضحة المعالم بالنقل للكرة والمتابعة والتغطية وغزو مرمى الخصم من خلال اللعب بطريقة متوازية لا تسمح للخصم بالدخول بسهولة إلى مناطق الخطر، وأيضا اللعب بمهاجمين صريحين هما امبويو وماتشبما بمساندة واضحة من كل لاعبي الوسط والأطراف، مما جعل القافلة التلالية مترابطة وكأنها خط واحد، كل ذلك كان حاضرا في الملعب وتمتع به الجميع واستعادوا من خلاله صولات ورونقاً غاب لسنوات كثيرة.. لقد رفع التلال شأنه وشأن كرة القدم اليمنية بما قدمه على الأرض الجزائرية، ورسم صورة مشرقة وحقيقية لحالة راقية في كرة القدم لم تقلل منها الخسارة الرقمية للمباراة.

حنكة تدريبية شابة
كثير هو الحديث الذي قيل في حق الجهاز الفني الشاب الذي يقود الفريق التلالي المتمثل في شرف محفوظ المدرب ومساعده صلاح سيف الدين، من خلال قيادتهما للفريق في أجواء معتمة قابلة للانحدار أكثر وأكثر كونهما جاءا على تركة مثقلة وتراكمات ما كان في بداية الموسم عندما كان الفريق يخسر من الجميع، وما حققه هذان بعودة الروح للفريق والسير به خطوة خطوة باتجاه العودة القوية الى الواجهة التي ظلت في استمرارية إلى أن جاءت البطولة العربية عندما كان للإدارة التلالية رأي بالاعتماد عليهما وإعطائهما الثقة من منطلق الاعتراف بقدرتهما على قيادة الفريق في هذه المرحلة التي تخوف منها الكثير في ظل خصم قوي صاحب تاريخ عريق يكفي أن فيه الفوز ببطولة أفريقيا للأندية وهو كذلك عميد لأندية الجزائر، كل ذلك لم يكن له حضور ولم يكن لتلك المخاوف وجود منذ جولة الذهاب في عدن، حيث كان التلال قادرا على الفوز ومن ثم كانت مواجهة الإياب في الجزائر فظهر الجهاز الفني وكأن له عشرات السنين في مجال التدريب، وهو الذي يخوض أول تجاربه التدريبية، حيث أجاد بشهادة الخبراء وكل المتابعين ترتيب خطوط فريقه ومخاطبة لاعبيه رغم الضغط الجماهيري الكبير فحركهم باتزان في الملعب ووصل إلى الحالة التي رأيناها في المباراة .. فريق يلعب كرة قدم يدافع، يهاجم، يشكل خطورة يمتص حماس خصمه، لا يتأثر بالجمهور، لا يعطي لقرارت الحكم العوجاء أهمية، يلعب فقط وفق ما رسم له لأداء مهمته التي وصلت في مجملها إلى ظهور رائع فيه الكثير مما يدعو الى الفخر، فتحية إكبار لشرف وصلاح لهذا الدور المتميز وهذه الحنكة التدريبية التي كانت في الموعد.

شرف احتضن اللاعبين وسار بهم بخطى ثابتة فحقق معهم الامتياز
شرف احتضن اللاعبين وسار بهم بخطى ثابتة فحقق معهم الامتياز
أخيرا
دون تحفظ نجح التلال في الظهور الأول له في البطولة العربية وقدم الشيء الكثير، وكان ممكناً أن يصل الى ما هو أفضل لولا بعض الظروف التي رافقت الفريق وخصوصا في المباراة الحدث وعمرها الزمني الذي وصل الى 95 دقيقة حسب وجهة نظر الحكم التونسي وحده. لذلك علينا أن نستفيد من تجربة التلال في قادم الأيام ، ونقرأ كل جوانبها حتى نضمن الاستمرارية في تقديم مثل ذلك في أي استحقاقات قادمة.

للتلاليين - لاعبين وجهازا فنيا وإدارة - علينا كلمة شكر وتقدير لما قدموه ورفعوا به الشأن الكروي اليمني الذي هو محتاج لمثل ذلك.. وكل عام والجميع بخير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى