نصـائــح نبويــة (1)

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> في البدء أود أن أقدم خالص التهاني، وصادق الأماني والدعاء لقراء «الأيام» بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك السعيد، وأسأل الله المولى القدير القريب المجيب أن يهلّه علينا باليُمن والإيمان، والسلامة والحب والود والصدق، وأن يجعله شهراً مفعماً بالعلم النافع، والعمل الصالح، والحلم المتزن، والسلم الدائم.. آمين. وها نحن نلتقي مع عمودنا السنوي الذي اخترنا له اسم (نصائح نبوية) فنقول وبالله التوفيق:

إن مادة (نصح) تدل على الري والسقي بالماء الغزير كقولنا: نصح الغيث البلاد: جادها ووصل نبتها، وأرض منصوحة (مروية).. ونصحت الإبل الري: صدقته، ونصح الخياط الثوب إذا أنعم خياطته ولم يترك فيه فتقاً ولا خللاً (أساس البلاغة للزمخشري صفحة 635). فهي تدل على الامتلاء والاكتمال والشبع والإتقان.

وقد وردت هذه الكلمة على لسان النبي صالح عليه السلام إذ قال لقومه {ونصحت لكم} (الأعراف 79). وعلى لسان النبي شعيب عليه السلام في الآية 93 من الأعراف أيضا. وورد على لسان النبي نوح عليه السلام {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم} (هود 34)، وغيرها من الآيات التي تدل على أن أسلوب (النصح) وإسداء النصيحة منهج الأنبياء، وهو أسلوب تدريسي وتربوي نافع ناجح بإذن الله. ولعل من أشهر الأحاديث الشريفة في هذا المجال ما رواه مسلم وأبو داود والنسائي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟! قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم». ونستشف من هذا الحديث تحديد وتعيين الأسس والمنطلقات والثوابت والضوابط بتخصيص (الله) الذي تتوجه له العبادات بالإخلاص واليقين، و(رسوله) من خلال الانضباط بأسلوب السنة واستلهام السيرة عند توجيه النصح، و(كتابه) بالحفاظ على قيم القرآن ومبادئه.

إذن، إخلاص النيه لله، واتباع منهجية السنة، والحفاظ على ثوابت الكتاب توحي بوجوب استلهام القيم العقدية الايمانية، والمعايير السلوكية الأخلاقية، والأحكام الشرعية المرعيّة.. كما يشمل هذا الحديث مسحاً عاماً لكل من يجب توجيه النصيحة لهم من (أئمة المسلمين) وهم الحكام والمسؤولون والقادة في كل مجال ومكان، وأما عامتهم فتشمل المواطنين: رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً بمختلف شرائحهم لا يستثنى منهم أحد، لحديث الصحابي جرير بن عبدالله البجلي، الذي بايع النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم على «النصح لكل مسلم» رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود.

وإني لأرجو أن يكون هذا العمود استجابة لنصيحة نبوية تقول: «بلغوا عني ولو آية»، آملاً وراجياً أن أدخل وأحشر في رحاب دائرة {الذين يُبلّغون رسالات الله ويخشونه} (الأحزاب 39) مع يقين علمي بأن شخصي الضعيف الفقير إلى الله ليقف معتذراً منكسراً في موقف «رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الصدق في النصيحة، وأن يشفي قلوبنا المعتلة الجريحة، ويمن علينا بالأخلاق السميحة، والطباع المليحة، ويجنبنا الرذائل القبيحة.. آمين.. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

مدرس بكلية التربية - جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى