نصائح نبوية (7)

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحي والميت» رواه البخاري,تأتي هذه النصيحة على هيئة تشبيه يؤطر صورتين متناقضتين متعارضتين:

الأولى: الذي يذكر ربه .

الثانية: الذي لا يذكر ربه.

وتظهر قسمات وسمات الصورتين بجلاء تام حينما يتجلى الطرف الثاني للتشبيه، فالصورة الأولى يعادلها (الحي) وهو المشبه به. والصورة الثانية (الميت) وهو المشبه به أيضاً. والتلازم الجدلي للصورتين (الحياة - الموت) سببه (الذكر - النسيان) وفي سياق هذه المنظومة يوجهنا معلمنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم إلى (أهمية ذكر الله)، وأثره على نفسياتنا، وعقلياتنا، وشخصياتنا:

فعلى الصعيد النفسي: يحصل للمؤمنين {الذاكرين الله كثيراً والذاكرات} الأحزاب 35، شعور متدفق بسعادة غامرة، وأفراح عامرة، وهدوء نفسي، واطمئنان قلبي {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} الرعد 28.

تمتلئ النفس بإحساس الرضا والسعادة والفرح والحبور والسرور، ويتعمق في الروح إحساس الانتماء والاحتماء، والعياذ واللياذ، والركون والسكون، والبهجة والهدوء والثقة لأن هذه الروح {من أمر ربي} الإسراء 85.. ولا يغذيها ويسعدها، ولا يهديها ويرشدها إلا ذكر الله.. فلذلك لا يصاب الذاكرون بالعقد والأمراض النفسية والمكبوتات اللاشعورية مثل: الاكتئاب، أو الوسواس القهري، أو الإسقاط، أو النرجسية وغيرها.

وفي الجانب العقلي: يضفي (ذكر الله) على صاحبه تفكيراً عقلانيا منطقياً برهانيا، لأن العقل قد عقل وربط وضبط نفسه بالله، فاستغنى به عن غيره، ولم يلجأ إلى ما سواه، ولم يربط حدوث الحوادث بغير بالله، فلم يتشاءم ولم يتطير، ولم يجزع ولم يفزع ولم يطمع ولم يخضع ولم يخنع، بل جعل شعاره {أسلمت لرب العالمين} البقرة 131 فإذا أصبح قال:

«أصبحنا وأصبح الملك لله». وإذا رقد قال:«باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه». وإذا توضأ قال:

«اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين». وإذا رأى الهلال قال: «اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان».

وإذا نزل المطر قال:

«اللهم صيباً نافعاً». وهكذا يكون عقله وذهنه في كل أذكاره وأفكاره: مع الله ولله وبالله.

وعلى صعيد الشخصية تكون شخصية الذاكر لربه رابطة الجأش، راسخة الإيمان، ثابتة الجنان، ماضية العزيمة، قوية الشكيمة، بالإضافة إلى عفة اللسان، وعزة النفس، والإحساس بالكرامة، ورفض التبعية، وإباء الدنية ، والبعد عن الشبهات، والعفو عند المقدرة، والتواضع والتعاطف والتوادد والتراحم مع المسلمين..

وبهذا يكون الذاكر لربه (حياً) .

أما الذي لا يذكر ربه فهو (ميت) وكفى بالموت دليلاً على الفناء والتلاشي والنهاية والزوال والاضمحلال والانقطاع والعدم.

اللهم أنعش قلوبنا بذكرك، وأعنا على طاعتك وشكرك، ومن علينا بجودك وبرّك وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

مدرس بكلية التربية - جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى