يسـألونك عن مكافحة الفساد قل إنها اسطوانة مكرورة

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
«آفة العربي النسيان» عبارة دقيقة وصادقة أطلقها الراحل الكبير نجيب محفوظ وهي عبارة تنطبق وبقوة على حال مجتمعنا الذي قرأ كثيراً وسمع أكثر عن محاربة الفساد، وبالمقابل قرأ كثيراً وسمع أكثر عن تفشي الفساد بالوقائع والأرقام، إلا أن النسيان مكّنه من تلقي المزيد من الوعود والعهود على مكافحة الفساد، ولذلك تقهقر موقع اليمن أو ترتيبه بين دول العالم عاماً عن عام.

أكدت تجارب الشعوب التي قطعت شوطاً كبيراً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية أن الفساد وسوء الإدارة وغياب الحس الوطني المتوقد هي المحاذير أو الخطوط الحمراء التي لم تقترب منها وهي تخوض معركتها المقدسة لتحقيق الأهداف المنتصبة أمام أعينها، فهذه ماليزيا التي كانت تعتمد حتى عام 1981م على إنتاج وتصدير المواد الأولية ولاسيما القصدير والمطاط إلى دولة صناعية متقدمة بلغت حصة قطاعي الصناعة والخدمات حوالى 95% من الناتج الإجمالي وبلغت نسبة صادرات السلع المصنعة 85% من إجمالي الصادرات وتنتج ماليزيا حالياً 80% من السيارات التي ترتاد طرقها.

نشرت وسائل الإعلام المقروءة أرقاماً مهولة بالأموال المنهوبة طيلة السنوات الممتدة منذ عام 1995م حتى عام 2005م وقد أكد مجلس الشورى سوء استغلال المال العام بالأرقام، حيث نشرت «يمن اوبزرفر» في عددها الصادر في 6 أغسطس 2005م هذه البيانات: أن 6.5 مليار ريال و7.3 مليون دولار قد تم التصرف بها دون إبراز أي وثائق رسمية بالمخالفة مع القانون المالي وأن إنفاقاً تم بصورة غير قانونية بإهدار 1.6 مليار ريال وأن 96% من تلك المبالغ أساءت استخدامها وزارات التعليم العالي والرياضة والإدارة المحلية.

أما الديون غير المستردة فقد بلغت 34 مليار ريال و2.5 مليون دولار كانت حصة الأسد من نصيب وزارات الداخلية والتربية والتعليم والكهرباء. بلغت أضخم الديون 120 مليار ريال وقد ابتلعتها وزارات النفط والكهرباء والأشغال العامة والزراعة. قامت وزارتا النفط والكهرباء بإنفاق مبالغ إضافية تقدر بـ 349 مليون ريال و4 ملايين دولار وهناك مشاريع انتهت بالفشل في عدد من المحافظات وتحملت مسؤولية ذلك وزارتا النفط والإدارة المحلية حيث جرى إهدار 15 مليار ريال ومبالغ غير معروفة بعملات أخرى.

كما أن هناك مظاهر أخرى متفشية للفساد في البر والبحر والجو وأصبح الفساد مؤسسياً ومحمياً وأصبحت له مخالب وأنياب حاملة لفيروس كساح الأطفال الذي أقعد الاقتصاد الوطني وأفقر السواد الأعظم من السكان وبقاؤه على هذا الحال سيعيق التنمية من ناحية وسيحول دون تطلعات اليمن إلى الاندماج مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع الاقتصاد العالمي.

لن يتحقق اندماجنا مع الجزيرة والخليج إلا إذا حققنا اندماجنا في الداخل أولاً وهي مرحلة سابقة على الاندماج المنشود مع الجيران الخليجيين ولن ننعم بثروتهم، إلا إذا تحقق التوزيع العادل للثروة في الداخل أولاً، أما أن نحرم سكان هذه المنطقة أو تلك من ثرواتها أو مواردها بحجة «السيادية»، فهي حجة قد بدأت بعض المجتمعات بتجاوزها لأن السيادة هي سيادة الإنسان في أرضه وبحقه من نصيب عادل من ثرواته أو موارده ومن حقه في تكافؤ الفرص وحقه في إدارة شؤونه المحلية وعندئذ سنحقق الاندماج على الصعيدين الداخلي والخارجي وعندئذ سنحترم أنفسنا وسيحترمنا الغير.

والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى