يوم من الأيــام .. تأهيل مجلس النواب قبل تأهيل الاقتصاد اليمني

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
كثر الحديث عن تأهيل الاقتصاد اليمني ومتطلباته المالية التي قدرتها الحكومة بنحو 48 مليار دولار، في حين ما أمكن إقراره في مؤتمر المانحين الذي عُقد بلندن الأسبوع الماضي مبلغ لم يصل إلى خمسة مليار دولار. والجدير بالإشارة أن هذا المبلغ لن يدفع سنوياً كما سمعنا من بعض الذين أساؤوا فهم الموضوع بل بطبيعة الحال للفترة المخصصة للتأهيل، كما أن هذا المبلغ لن يدفع للحكومة نقداً أو سيوضع في صندوق خاص أو سيودع في الخزانة العامة (أقصد في البنك المركزي لأن الدولة بلا خزانة عامة)، وأيضاً لن تتم عملية الدفع إلا بعد توفر شروط ومقومات معينة يأتي في مقدمتها توفر دراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع المزمع تنفيذها، ولسنا هنا بصدد الخوض في تفاصيلها.

وفي الحقيقة لا تكمن المشكلة في الحصول على المبلغ المطلوب لتأهيل الاقتصاد اليمني، بل تكمن في المراحل اللاحقة ومدى إمكانية توظيفها واستخدامها بشكل صحيح، وضمان وضع موازنات سنوية للمشاريع والالتزام بها. ومن المآخذ على حكومتنا عدم التزامها بالموازنات العامة السنوية المقرة من قبل مجلس النواب والصادرة بقوانين، وخير مثال على ذلك ما حصل في موازنة عام 2004 حيث وصلت التجاوزات حوالى ألف مليون دولار (مليار) أما موازنة عام 2005م فقد فاقت التجاوزات مليارين من الدولارات الامريكية. والأمر المحيِّر أن الحكومة تقدم لمجلس النواب في أواخر كل عام ما يسمى بالاعتماد الإضافي - عادة سنوية- يصل إلى حدود 40 % من الموزانة المعدة. ويقوم المجلس بالتصديق عليه، أي أن المجلس يناقض قراراته بنفسه ويخالف القانون المالي في هذا الشأن والذي تنص مادته (31) على «يجب أن تكون الاعتمادات الإضافية في أضيق الحدود وأن تقتصر على الحالات القصوى لمواجهة تجاوزات لا سبيل لتجنبها»، ويفترض أيضاً ألا يصرف أي مبلغ إضافي في الموازنة السنوية قبل مصادقة المجلس عليه، وما يحصل هو أن يتم الصرف من قبل الحكومة أولاً ثم تطلب موافقة مجلس النواب، أليست هذه مسخرة! لذا فإننا نقترح بتواضع ضرورة تأهيل أعضاء مجلس النواب وتعريفهم عبر ندوات ومحاضرات خاصة بالشؤون الاقتصادية والمالية والقانونية وايضاً بحقهم في الحصانة البرلمانية التي لا تمس ويحميها الدستور عند اعتراض أي عضو على أمور معينة انطلاقاً من قناعته ومسؤوليته الوطنية ودون خوف.. وليس عيباً أن يتعلم المرء ويتأهل أياً كان فقد حثنا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام على طلب العلم من المهد إلى اللحد.

والخلاصة، مطروح على مجلس النواب حالياً مشروع اعتماد إضافي لعام 2006م زاد عن ألفي مليون دولار للتصديق عليه وواضح من ضخامة المبلغ أن التجاوزات داست على القوانين وتخطت الخطوط الحمراء واستفزت مشاعر الناس ، وأن رائحة الفساد تفوح في أكثر من موقع في هذا المشروع لذا فإننا نضم صوتنا إلى صوت عضو مجلس النواب الأستاذ م. محسن علي باصرة الذي أطلق صيحته الشجاعة في مقالة نشرها في صحيفة «الأيام» الغراء (العدد 4952) بهذا الخصوص طالب فيها زملاءه أعضاء المجلس أن يرفضوا التجاوزات المالية والفساد ويقولوا لا للتحايل الإضافي. لا للعبث بالمال العام. ونحن نتساءل متى ستنقطع هذه العادة السنوية عن الحكومة؟ ونقول أيضاً إن الفساد سلوك وطبع، وإن الطبع يغلب التطبع أحياناً، وإن الحساب يوم الحساب .

كبير خبراء ورئيس قسم الإحصاءات الاقتصادية بالاسكوا - الأمم المتحدوة - (سابقاً)

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى