اليوم التاسع على رحيل السعيدة

> ميفع عبدالرحمن

> امرأة كانت شريكة حياة وعوناً على الزمن لرجل بثقافة وديناميكية وعصامية وطموح وحنكة وعمق وبعد نظر مؤسس وعميد صحيفة (الأيام) ،وأماً لله درها، حمل بطنها الولود ورعت يداها الحنونتان لآلئ بشرية- نادرة الوجود في المجتمع اليمني المعاصر- منها العوّامان الحاذقان، صلبا العود، العزم والمراس: الشقيقان - التوأمان روحياً - الناشران هشام وتمام محمد علي باشراحيل، لهي امرأة ذات قلب حار وعقل وقّاد وإرادة فولاذية، وهي كذلك أم عظيمة بكل معاني القيم الإنسانية الخالدة.

فبمثل الراحلة العدنية (السعيدة) أم هشام، قلما جاد الزمان في اليمن - غير السعيدة منذ أجل معلوم وإلى أجل غير معلوم إلا لرب الزمان وحده جل شأنه. إذ كانت السيدة سعيدة محمد عمر - مع حفظ الألقاب العائلية- فلتة زمانها العدني بامتياز، إذا تأملنا متمعنين في مدارج حياتها الاجتماعية والأسرية، من الميلاد (1923)، فعقد القران (1941)، إلى بدء صعود نجم الزوج: رئيس أول مجلس بلدي في مدينة عدن (1955)، النائب في المجلس التشريعي (1956) ورئيس صحيفة (الأيام) (1958).. إلى آخر تلك الأعوام الوردية - في زكائها - لكنها بلون النار - في اشتعالها- وقد كانت حجر زاوية المستقبل من شاقول مهندسة الروح:(السعيدة)، الشابة والمعتمدة للبناء المؤسسي اللاحق، وهو المتحقق حالياً في عهد خليفتي المؤسس - العميد وخلفائهما من جيل الحفداء.

من المؤكد أن حرماً مصوناً بجلال قدر السيدة حرم الأستاذ محمد علي باشراحيل، ما كان لأضواء الشهرة وحب الظهور والتباهي أن يأخذ بتلابيبها - ناهيك عن لُبها - بأي من الأحوال.. فالعكس صحيح هنا تماماً، وقد جعلت هذه السيدة الجليلة من ذاتها شجرة طمأنينة وألفة وسعادة، راسخة الجذور وورافة الظلال ليس لأسرتها الآسرة فحسب، بل ولسواهم من الناس الطيبين. وهي، على ماهي عليه من الوجاهة الكريمة والمكانة المرموقة، أولاً بانتسابها إلى بيت (جرجرة) العريق- اجتماعياً وثقافياً- في عدن، وأخيراً لا آخر له بريادتها في تأسيس (جميعة المرأة العدنية) عام (1956). فضلاً عن مزاياها الشخصية الباهرة، لأنها في الأصل تعبيرات بليغة الدلالات عن اتسام فقيدة عدن والمجتمع المدني في اليمن من صفاء الشعور والسلوك الإنساني، المدني والحضاري، بحبها الكبير لفعل الخير ومد أياديها البيضاء لمساعدة المحتاجين بالمال والكلمة الطيبة والمشجعة، كذا في تنظيمها لحياتها اليومية - الخاصة والعامة -واحترامها وانضباطها للمواعيد ونفورها من التعقيدات واللف والدوران، على جدية وسهولة ووضوح في الدخول رأساً إلى الموضوع المحدد، مع مراعاة ما يلزم من الروية والحزم وحسن التقدير والحسم.

بإيجاز، نستطيع الإجماع على أن السيدة الجليلة، المرأة الفاضلة والأم العظيمة السعيدة بنت محمد عمر عبده أحمد الشيبة (جرجرة)، يمكن لزماننا الحاضر أن يحدث عنها - مفاخراً ومتشرفاً- أنه هو الذي عاش أعوام عمر وحياة هذه (السعيدة) الـ (83) بالطول والعرض، مكتسباً منها ذائقته الباذخة وتجربته المكتنزة في فهم الناس والحياة، لا العكس كما هو الحال بالنسبة للغالبية من البشر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى