أنيسة الشعيبي أنموذج الشجاعة في ظل الصمت السائد

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
«لا بد أن تقفل سلسلة سجن أبو غريب في اليمن التي امتدت في جميع المحافظات» أمل الباشا

ثقافة الخوف والإرهاب المشاعة تمتد عمقاً في صميم التكوين السياسي لليمن المعاصر باتحاد قوى النفوذ المتجبر بالسلطة بعد الثورة وقوى قبلية وقفت حائلاً دون الدخول والتأقلم في منظومة الدولة، وحالت إن لم أقل مسخت تكوينات الدولة أن تؤدي دورها القانوني العصري المفترض لتفرغها من محتواها الاجتماعي ولكي تؤدي وظيفة هشة، وتبسط الفهم والقناعة بأن الدولة هبة وغنيمة مستباحة تعلو إرادة المتنفذين فيها على إرادة القانون.

تفضح رداءة هذا الزمن الذي تنتهك فيه حقوق المرأة والطفل والرجل كبرياء وأنفة وعظمة الأخت أنيسة الشعيبي، التي أكبر فيها الجميع الشجاعة حين قالت: «لن أسكت وسوف أكسر هذا الحاجز وقد يعتبرها البعض فضيحة..اذاً فلنحسبها فضيحة ونكمل إيش عاد باقي» («الأيام» 26 ديسمبر 2006م). ونعلق أنها فضيحة حقاً ولكن للنظام السياسي الذي يسكت على مثل هذه الجرائم، وأمنية الطفل هارون ابن انيسة (7 سنوات) أن يكون محامياً أو صحفياً ليكشف حقيقة الأجهزة الأمنية المتواطئة مع المجرمين والفاسدين واللا أخلاقيين في ما أسموه «البحث الجنائي» («الأيام»). هي أمنية جماعية لعموم الناس الذين تقضت من أعمارهم عشرات السنين وولد بعضهم بعد الثورة ومع الوحدة أو بعدها ويشاهدون بعض الذي يطفح في أقبية الأجهزة أو سجون الدولة أو في اقطاعيات وسجون المشايخ برضى وتواطؤ بين الطرفين.

بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان تحدثت المرأة الشجاعة أنيسة الشعيبي في حفل التكريم الذي نظمه ائتلاف منظمات المجتمع المدني بالتعاون مع (صحفيات بلا قيود)، تحدثت عن تعرضها للاضطهاد والحبس والتعذيب والاغتصاب في سجون البحث الجنائي بأمانة العاصمة، وروى طفلاها ما تعرضت له أمهما أمام أعينهما في سجون البحث الجنائي من ضرب واعتداء وأمور أخرى لا يتقبلها عقل ولا دين ولا أخلاق ولا إنسانية («الأيام»). كما تحدث الأخ حمدان درسي - وهو أحد الضحايا الذين يرفعون صوتهم اليوم في وجوه زبانية سجون أبو غريب اليمن- عن معاناته والأذى الذي لحق به نتيجة الاعتداء عليه وعلى كرامته وإهانته من قبل الشيخ الباشق وعكفته. حسبنا الآن أن نبحث في حجم ما يجري وراء الأبواب المغلقة والجدران الصماء في يمن الوحدة والديمقراطية لنتوارى خجلاً عند التنديد بانتهاكات بعض من جنود الاحتلال الأمريكي في سجون أبو غريب، بينما يتواضع سجل عكفي الإمام المخزون في الذاكرة والتراث، ولا يجدي أن تضاف أعباء مالية ووظيفية لوزارة مصطنعة لحقوق الإنسان ليس لها شأن يرضي الإنسان اليمني أكثر من وضع الديكورات والمساحيق على وجه الحقيقة البشعة.

قالت الناشطة في مجال حقوق الإنسان الأخت أمل الباشا «إن لم تقم بواجبها ودورها فلتقفل أبوابها أفضل وليس المجتمع بحاجتها» («الأيام» 26 ديسمبر 2006م)، المجتمع في حاجة إنسانية ملحة لحراك مدني شجاع للتضامن مع كل حالات انتهاك الحقوق التي يتعرض لها المواطن في وطنه، وفي المقدمة مع الأخت أنيسة الشعيبي وولديها والأخ حمدان درسي وكل الضحايا الآخرين، ورفع الصوت عالياً لتنقية الأجهزة ومحاسبة جلاوزة التعذيب والإرهاب من داخلها أو خارجها وإعطاء القضاء سلطته الغائبة للضبط والسيطرة على أدواته الضبطية من شرطة وأمن وسواهما، ليتسنى للمواطن أن تُحفظ كرامته وآدميته ومساواته مع الآخرين على أرضه كما هي محفوظة لكل بني الإنسان على هذه الأرض، قبل أن يأتي يوم تعصف بالظالمين رياح العدالة التي تنفخ فيها أفواه المظلومين، وما أكثرهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى