دول عربية تريد أن تتصدى سياسة بوش الجديدة لإيران

> بيروت «الأيام» أليستير ليون :

> تريد الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة من الرئيس الأمريكي جورج بوش أن يهديء مخاوفها من تنامي نفوذ الشيعة في العراق والنفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط عندما يكشف النقاب عن سياسته الجديدة بشأن العراق هذا الأسبوع.

ورغم أنها شككت في باديء الأمر في مدى حكمة غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 فإن مصر والسعودية ودولا عربية سنية أخرى تخشى الآن احتمال سحب القوات الأمريكية بشكل متعجل وترك العراق تحت سيطرة ميليشيات شيعية مدعومة من إيران.

فهذا قد يؤدي بدوره إلى تعزيز إمكانية نشوء محور تقوده طهران ويربط إيران والعراق وسوريا بجماعات إسلامية تؤيدها طهران مثل حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجميعها معادية بشدة للولايات المتحدة.

ويرى مصطفى علاني المحلل الأمني بمركز أبحاث الخليج في دبي أن الحكومات العربية تخشى من أن الولايات المتحدة ربما تفقد سيطرتها على العراق لكنها لا تزال تأمل ألا تنسحب من هناك على عجل لتمنح بذلك نصرا لإيران.

وقال إن "الباعث الأساسي لقلق هذه الحكومات هو النفوذ الإيراني على الحكومة العراقية وخارج الحكومة."

وأضاف أنه "لن يكون هناك تعاون مع السياسة الأمريكية الجديدة في المنطقة ما لم يتطرق بوش لهذه القضية."

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن سياسة بوش الجديدة ستشمل "معايير" سيتعين على الحكومة العراقية أن تفي بها إلى جانب إرسال جنود إضافيين يصل عددهم إلى 20 ألفا في مسعى لإرساء الاستقرار في البلاد.

ونقلت الصحيفة أمس الأول الأحد عن مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية قولهم إن الأهداف تتضمن تحركات لاجتذاب السنة المعزولين نحو المشاركة في العملية السياسية وتخفيف القيود المفروضة على أعضاء حزب البعث المنحل وتقاسم عائدات النفط بشكل منصف.

وقال جوست هلترمان المحلل بالمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات إن الحكومات العربية يساورها قلق شديد بشأن قدرة واشنطن على السيطرة على الأحداث في العراق أو حتى منع انقسامه.

وتريد هذه الحكومات أن يعد بوش بمواصلة التزام الولايات المتحدة في المنطقة وبالسعي حثيثا لضم المسلحين القوميين السنة للعملية السياسية واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الميليشيات الشيعية.

وقال هلترمان "خوفهم الأساسي هو احتمال أن ينقسم العراق. هذا سيتيح لإيران فرصة أكبر للتدخل."

وخلال الثمانينيات قدم حلفاء واشنطن العرب المساعدة للرئيس العراقي السابق صدام حسين في حرب العراق باهظة التكاليف التي استمرت ثماني سنوات مع إيران التي كانت تعتبر خصما استراتيجيا ومصدرا للتطرف الإسلامي.

ورغم أن هذه الدول انقلبت على صدام عندما غزا الكويت عام 1990 وكانت سعيدة بسقوط نظامه فإنها شعرت بالخوف لأن الغزو الأمريكي أدى إلى صعود الأكراد والفصائل الشيعية المدعومة من إيران إلى السلطة على حساب العرب السنة.

وقال الرئيس المصري حسني مبارك إن إعدام صدام وسط سخرية جلاديه الشيعة حوله إلى شهيد.

وأثارت أعمال العنف الطائفي في العراق التوتر بين السنة والشيعة في مناطق أخرى ولاسيما في السعودية حيث توجد أقلية شيعية كبيرة متمركزة في المنطقة الشرقية المنتجة للنفط.

ويعمد أئمة في العديد من المساجد السعودية الآن إلى ختم خطبة الجمعة بالدعاء للعراقيين السنة.

وقال عادل الحربي المحرر السياسي بصحيفة الرياض السعودية إن الحكومة العراقية اتبعت للأسف برنامجا طائفيا وإن هناك مخاوف الآن من أن الأحياء السنية في بغداد ستتعرض لهجمات من قبل بعض الميليشيات.

أما علاني فقال إن الدول العربية تعتقد أن زيادة عدد الجنود الأمريكيين لن تجدي إلا إذا كان هدفها كبح جماح الميليشيات الشيعية وليس الاكتفاء بمحاربة المسلحين السنة.

وقال إن الدول العربية لا تريد إجراء شكليا بل إجراء حقيقيا لفرض السيطرة الأمريكية وتريد التعامل بدون تحيز مع الجهتين.

ويرى هلترمان أن ما تعارضه الحكومات العربية اكثر من أي شيء هو أن تجري واشنطن حوارا مباشرا مع طهران الأمر الذي من شأنه أن يكافئها على تدخلها في العراق.

وقال هلترمان "الدول العربية تريد عزل إيران لا إشراكها" مضيفا أنه من وجهة نظر هذه الدول فإنه يجب الحد من نفوذ إيران في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية.

وأضاف "إنها (الدول العربية) في مأزق مزدوج. فهي تود أن تقدم الدعم للمسلحين السنة في العراق لكنها لا تود أن تظهر بمظهر من يقوم ذلك لأنها حليفة للأمريكيين وتعتمد على مساعدات الولايات المتحدة والدول الغربية."

كما أنها تخشى من أن تقديم مثل هذا الدعم قد يؤدي إلى تقوية شوكة مقاتلي القاعدة في العراق الذين تشمل أهدافهم الأوسع نطاقا الإطاحة بالحكومات المدعومة من الغرب.

وفي حين تدرس الحكومات العربية السنية كيف يمكنها التصدي للمطامع الإقليمية لإيران التي يحتمل أن تمتلك قوة نووية يوما ما فإن أحد الخيارات المطروحة أمام هذه الحكومات هو الانضمام لتحالف ترعاه واشنطن مع قوى تجمعها بها مصالح مشتركة مثل تركيا وحتى إسرائيل.

وقال علاني إن هذا الخيار "قد يبرز إذا أصبح فشل واشنطن في العراق أمرا واقعا."

لكن أي تحالف يضم إسرائيل قد يسبب مشكلات للدول العربية المتحالفة مع واشنطن التي تشعر شعوبها بالغضب بسبب محنة الفلسطينيين والدعم الامريكي لإسرائيل.

لكن قد تحدث انفراجة إذا انتهجت واشنطن سياسة محايدة لتحقيق تقدم في صنع السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

(شارك في التغطية سهيل كرم في الرياض) رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى