مع الأيــام .. سلطة.. ومعارضة

> عبدالقوي الأشول:

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
الثابت في حياة أي مجتمع بشري سوي أن يكون الإعلام سلطة رقابية شاملة وأن تخدم أجهزة الإعلام توجهات التنمية من خلال طرحها ونقدها المسئول وتعاطيها المحكوم بضوابط المهنة المرتبطة بقدسية الكلمة ما يجعل السلطة الإعلامية في هذه المجتمعات قادرة على عكس صورة حقيقية وواقعية للحراك الاجتماعي والسياسي بكل مسئولية .

إلا أن واقع الحال في مجتمعاتنا العربية، التي كثيراً ما تستشهد بعدد الوسائل الإعلامية كدليل على حرية الصحافة والفكر، يبدو مخالفاً لكل ذلك .. حتى أن أجهزة الإعلام الرسمية لا تقدم خدمة إعلامية ذات فائدة حتى لأجهزة السلطة التي تتحمل أعباء ونفقات هذه الوسائل.

وعندما يكون الحديث عن دور مسئول يعول عليه مستقبلاً لأجهزة الإعلام الرسمية والمعارضة، فإن ذلك لا يأتي قفزاً أو تخطياً لواقع الحال الراهن بين أجهزة إعلام رسمية هي أقدر على أن تكون مدافعة عن الأنظمة السياسية الحاكمه ظالمة أو مظلومة.. وهي حالة توافقية يصعب تجاوزها إلى حال مختلف، لأن ذلك يعني التخلي عن حالة الولاء المطلق والدفاع المستميت عن أنظمة لم يقترن عهدها بإخفاقات أو أخطاء أو تجاوزات.. أي سلطة منزهة عن الخطأ وتقع تحت دائرة الاستهداف المعادي لمن يشذ عن هذه القاعدة، ولعل سجلات الإعلام حافلة بتلك الصور البطولية التي تنبري للدفاع عن ما يتصل بأداء أجهزة السلطة.. حتى ولو كان مثل هذا الدفاع فاضحاً للغاية.

في حين أن أجهزة المعارضة بما تمتلك من وسائل إعلامية باهتة وغير مدعومة بل إنها بالكاد تصدر بعض أعدادها نظراً لانعدام الإمكانات كما لا يخرج ما تنشره عن إطار آراء ووجهات نظر ربما هي تبدو مخالفة تماماً لوجهة النظر الرسمية.

ومع ذلك.. لا يتوانى الإعلام الرسمي عن تسخير إمكاناته لمهاجمتها وكتابها واعتبار هذه المطبوعات شراً يتربص بالوطن، ناهيك عن حالات الاجتهاد في تأويل ما ينشر بما يثري لديها مزيداً من التشهير والتجريح لما يعد من وجهة نظرهم وأحكامهم المسبقة عدواً داهماً يتربص بإنجازات الثورة والوحدة، وهو حال لم تسلم منه الصحف المستقلة مثل «الأيام» تحديداً.ومع ذلك نسمع عن اتجاهات مخالفة.. هي في معناها المفترض توجهات إعلامية مسئولة متصلة بالمجتمع تعكس جوانب العمل التنموي وهو دور مناط بالسلطة والمعارضة، بمعنى أن تتخلى السلطة عن اعتبار أجهزة الإعلام الرسمية عاكسة لرغباتها.. في حين ينبغي أن تتخلى المعارضة عن نظرتها السوداوية للأمور وتكون منطلقة من روح المسئولية الوطنية أولاً.. بحيث تنأى عن محاولة النيل من طرف السلطة.. بنشر ما لا علاقة له بحقائق ودخائل الأمور على الواقع.

مثل هذه النظرة.. تبدو خيالية في مجتمعنا.. ومخالفة للمألوف السائد.. وهو ما يجعل التفكير بجدية أمراً على هذا النحو من الأهمية متصلاً بتغيير مهمة الإعلام الرسمي، وخلق حالة توافق ولو نسبية بين السلطة والمعارضة بالنضال باتجاهات وخطوط رئيسة تكون محددة سلفاً، ناهيك عن إزالة ما تكون في النفوس على مدار عقود مضت حتى تكون لدينا حالة قبول مسبقة لمثل هذا التحول الذي أظننا بعيدين عنه.

فهل حالة المواءمة بين النعجة والذئب ممكنة؟..

ربما.. رغم أن الأمر من وجهة نظر واقعية يبدو غير ممكن، فغريزة أبناء آوى تطغى على محاولات الاستئناس ولا توجد نماذج أو شواهد توحي بعكس ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى