المؤتمر العام الرابع سيشهد استمرارية أم تداول السلطة في المناصب القيادية لحزب الإصلاح؟

> «الأيام» د. محمد علي السقاف:

>
د. محمد علي السقاف
د. محمد علي السقاف
صفتان تميزان حزب التجمع عن المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، فقد تأسس في 13 سبتمبر 1990م في ظل النظام الديمقراطي الذي تلازم مع قيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990م في حين الحزب الاشتراكي اليمني 1978م والمؤتمر الشعبي العام (1982) نشآ في كنف سلطة نظامين شموليين، وحزب الإصلاح كان له السبق الأول من بين الأحزاب في تضمين نظامه الأساسي الذي أقر في المؤتمر العام التأسيسي في 20-24/9/1994م نصا يقيد ولاية قياداته العليا بثلاث دورات انتخابية، تبعه بعد ذلك الحزب الاشتراكي اليمني في عام 1998م ثم التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في 2005م اللذان حددا مدة الولاية بولايتين فقط بدلاً من ثلاث دورات انتخابية، في حين لم يأخذ المؤتمر الشعبي العام كحزب حاكم بنماذج الاصلاح والاشتراكي والناصري.

في مطلع فبراير القادم سيعقد المؤتمر العام الرابع لحزب الإصلاح الذي قد يشكل بقراراته نقطة تحول تاريخي لمساره الديمقراطي، إما أن يطبق تطبيقا صارما لنصوص نظامه الأساسي النافذ ويحدث تغييراً في قياداته التاريخية (الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر والشيخ عبدالمجيد الزنداني..إلخ) وإما يقرر المؤتمر تعديل نص المادة 73 من نظامه الاساسي لإتاحة الفرصة لقياداته التاريخية بالاستمرار في مواقعها القيادية لدورة أو دورات أخرى انتخابية اقتداء بشريكه «الاستراتيجي» السابق الذي تفنن في التعديلات الدستورية بتحويل نظام الدورتين الى نحو أربع دورات تقريباً!

سنتناول على التوالي النقاط التالية:

1- أزمة القيادة الحزبية في مصر، 2- نموذج الحزبين الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، 3- مواقف بعض قيادات إصلاحية قبل انعقاد المؤتمر العام الرابع، 4- البعد القانوني للمادة 73 من النظام الأساسي لحزب الاصلاح، 5- التداعيات المحتملة لاستمرارية القيادات التاريخية في مواقعها، وفي حالة حدوث تداول السلطة في المراكز القيادية.

1- أزمة القيادة الحزبية في مصر

منذ إقرار التعددية الحزبية في مصر عام 1976م لم تتغير أغلب قيادات الأحزاب باستثناء حزب التجمع المصري، فالرئيس المؤسس للحزب يظل يترأس حزبه حتى توافيه المنية كما حدث في الحزب الوطني والوفدي والأحرار والحزب الاتحادي ومصر الفتاة. وقد أدى هذا الى استمرار رؤساء بعض الأحزاب في مواقعهم لأكثر من ربع قرن كما هو الحال في الحزب الوطني الديمقراطي (الرئيس مبارك) وفي حزبي التجمع والعمل، وقد أدى طول فترة بقاء رؤساء هذه الأحزاب في مواقعها الى مظهر آخر من مظاهر أزمة القيادة في تلك الأحزاب متمثلاً في تقدم معظم هذه القيادات في السن مما أفضى الى ما يشبه تصلب الشرايين الذي يحول دون تدفق دماء جديدة، فمعظم رؤساء الأحزاب الرئيسية في مصر تجاوزت أعمارهم السبعين كما هو الحال في أحزاب: الوطني والناصري والاحرار والوفد والتجمع والأمل والعمل (الديمقراطية داخل الأحزاب في البلدان العربية - مركز دراسات الوحدة العربية، ص 308). وأفرز هذا الوضع في بعض الأحزاب المصرية حدوث انشقاقات حزبية داخلها نتيجة للصراع بين أجيال الوسط والشباب و(عواجيز) الحزب حسب تعبير مراسل «الحياة» في مصر.. فمرشد جماعة الاخوان المسلمين السيد مهدي عاكف تجاوز سن الثمانين عاما، انشق من عضوية الجماعة ابو العلا ماضي (48 عاماً) لتأسيس حزب (الوسط الجديد) الذي لم يحصل بعد على التصريح الرسمي لحزبه، كما عمل النائب المصري السابق حمدين صباحي (49 عاماً) لتأسيس حزب الكرامة العربية بعدما انشق عن الحزب الناصري الذي يقوده ضياء الدين داود (79 عاماً)، والنموذج الثالث لهذه الأمثلة ما قام به أيمن نور الذي خاض معركة داخل حزب (الوفد) ورئيسه السابق نعمان جمعة (79 عاماً) وقام بتأسيس حزب (الغد) واحتل المركز الثاني في نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة متفوقاً على رئيس حزبه حينها الدكتور نعمان جمعة.

ومن جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أن الصراع اللاحق بين رئيس حزب الوفد نعمان جمعة وأعضاء المكتب التنفيذي للهيئة العليا نتج عنه في منتصف العام الماضي عزل رئيس الحزب وانتخاب محمود أباظة بديلا كرئيس للوفد وعدد من نواب الرئيس. في إطار هذه الصورة القاتمة لأزمة القيادة الحزبية في مصر قدم حزب (التجمع) اليساري تجربة فريدة على مستويين، فمن جهة نصت لائحته الداخلية في المادة الثانية على حظر تولي مسؤولية موقع قيادي لأكثر من دورتين متتاليتين، وهي المادة التي استحدثت مع تغيير البرنامج السياسي للحزب عام 1993م، فرئيس حزب التجمع المصري خالد محي الدين (عضو مجلس الثورة المصرية) الذي تجاوز الثمانين من عمره رفض الاستجابة لتجميد العمل بالمادة الثانية وبما يتيح له الاستمرار في رئاسة الحزب التي يتولاها منذ تأسيس التجمع قبل 22 عاماً قائلاً لأنصاره «لا بد من تعميق مفهوم الممارسة الديمقراطية» وتساءل «كيف نطالب بتداول السلطة ونحن لا نمارسها داخل الحزب» وجاءت نتائج انعقاد المؤتمر الطارئ لحزب التجمع بتصويت أعضاء المؤتمر بفارق بسيط لمصلحة تطبيق اللائحة الداخلية في ديسمبر 2002م. وفي ديسمبر 2003م انعقد المؤتمر العام الخامس للحزب وانتخب فيه د. رفعت السعيد، الأمين العام للحزب في السابق كرئيس جديد خلفا لخالد محي الدين. وبالرغم من ذلك وفق صحيفة «الفدى العربي» بتاريخ 29/12/2006م جرى مؤخرا ما سمته الصحيفة «تمرد في حزبي التجمع والناصري للإطاحة بالسعيد وداود» فالكوادر الشابة في الحزبين تطالب بقيادات جديدة لاتهامهم قيادتي الحزبين بمسؤولية تردي الأوضاع داخل حزبي التجمع والناصري.

2- نموذجا الاشتراكي والناصري في اليمن

إذا كان الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام يلتقي مع الحزب الحاكم في مصر الوطني الديمقراطي من باب غياب أي نص في نظامي حزبيهما يقيد عدد الدورات الانتخابية للقيادة الحزبية من جهة وترؤس رئيسي البلدين للحزبين الحاكمين فترة تتجاوز الربع قرن، فإن من مفخرة الأحزاب الثلاثة في اللقاء المشترك: الإصلاح، والاشتراكي ،والناصري أن النظام الأساسي للإصلاح حدد فترة 3 دورات انتخابية، والاشتراكي والناصري دورتين انتخابيتين فقط يحق لقياداتهما الحزبية الترشح فيهما، مؤكدين بذلك مبدأ التداول في مواقع السلطة الحزبية. فحزب الإصلاح كما سنرى يواجه مؤتمره العام الرابع اختبارا حقيقيا في مدى حقيقة توجهه الديمقراطي بوضعه ذلك في نظامه الأساسي، في حين أن الحزبين الاشتراكي والناصري قد عملا فعلاً بتطبيق بل بتجاوز ماهو مقرر بالتعجيل في نفاذ العمل بالنص.

فعلى مستوى الحزب الاشتراكي اليمني أقر المؤتمر العام الرابع (الدورة الأولى)، في نوفمبر 1998، في المادة (21) من النظام الداخلي تقييد عدم جواز بقاء القيادات الحزبية التنفيذية في موقعها لأكثر من دورتين انتخابيتين متتاليتين، وفي المؤتمر العام الخامس في يوليو 2005 نص النظام الداخلي مع بعض الاختلافات المبدأ التقييدي نفسه تقريباً وأحسب أن الاختلاف الجوهري مع ما نص عليه النظام الداخلي للحزب الاشتراكي مقارنة بحزب الإصلاح وربما أيضاً مقارنة بالتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري أن التداول لا يقتصر فقط على قمة الأجهزة الداخلية من القيادات، بل شمل على مستوى الاشتراكي تغيير أعضاء المراكز القيادية على مستوى المركز وعلى مستوى المراكز القيادية في المحافظات. المهم في الأمر والجدير بالإشارة أن الأستاذ المناضل علي صالح عباد (مقبل) كان بإمكانه أن يرشح نفسه لمنصب الأمين العام في المؤتمر العام الخامس، ولم يفعل، كما أن الاستاذ عبدالملك المخلافي في المؤتمر الوطني العام العاشر (فبراير 2005) للتنظيم الناصري الذي أقر مبدأ الدورتين الانتخابيتين كان أيضاً بإمكانه ترشيح نفسه من جديد كأمين عام للتنظيم ولم يفعل ذلك (خلافاً للتنظيم الناصري في مصر) فتحية لهما ولإيمانهما بالتداول في السلطة وفي احترام التقيد بنصوص الأنظمة الداخلية لحزبيهما، مما أفسح المجال لانتخاب قيادات جديدة وبذلك أعطيا نموذجين مشرفين للمعارضة اليمنية في هذا الجانب.. والسؤال الآن هل الإصلاح بدوره سيقتدي بتجربتي الاشتراكي والناصري من أحزاب اللقاء المشترك أم لا؟ قبل الإجابة على هذا التساؤل بقراءة قانونية لنص المادة (73) من النظام الأساسي للإصلاح نستعرض رؤية بعض قيادات الإصلاح حول موضوع التغيير في القيادات.

3) مواقف بعض قيادات إصلاحية حول موضوع التغيير

تفاوتت ردود الأفعال حول احتمالات حدوث تغيير قادم عند انعقاد المؤتمر العام الرابع لحزب الإصلاح (في فبراير المقبل).

فالشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس الهيئة العليا (المكتب السياسي) في حديثه مع صحيفة «الشرق الأوسط» والذي أعادت نشر مقاطع منه صحيفة «الأيام» بتاريخ 24/12/2006م، جاءت إجاباته من جهة محددة ومن جهة أخرى غامضة؛ فالإجابة الواضحة على سؤال الصحيفة «هل ستدفعون نحو انتخاب قيادة جديدة؟» الإجابة «هذا ما نتجه إليه إن شاء الله» وحول سؤال فيما لو طلب من الشيخ عبدالله الترشح من جديد في قيادة الإصلاح ألا يتطلب ذلك تعديلاً في النظام الداخلي؟ الإجابة: هذا السؤال سابق لأوانه!!

ومن جهة أخرى استطلعت صحيفة «الناس» (القريبة من الإصلاح) رؤية بعض الشخصيات من حزب الإصلاح (العدد 326، بتاريخ 18/12/2006م):

فالدكتور محمد سعيد السعدي، رئيس دائرة التخطيط بالإصلاح يرى «أن تأثير الأشخاص محدود وليس تأثيراً كلياً، يعني ليس لدينا الزعيم الملهم أو الأوحد، أو المرجعية المقدسة». في حين جاءت إحدى إجابات د. نجيب غانم، رئيس الدائرة الإعلامية أكثر تحديداً نسبياً بنفيه «وجود ما يوصف بأزمة قيادة بديلة داخل حزبه»، وهو ما أكده أيضاً د. أحمد قطران، الأستاذ بجامعة صنعاء والقيادي في تجمع الإصلاح بأمانة العاصمة، والذي جاء رده أكثر صراحة ودقة حين قال «إن التغيير وفق الآلية المؤسسية المحددة في النظام الأساسي هو الأصوب لأنه ما لم يحدث التغيير الاختياري في حالة السعة فإن الربكة ستكون أشد عند التغيير القسري في حالة الضيق الذي يحدثه الموت بعد عمر طويل والذي لا يمكن لأحد أن ينجو منه».

4) البعد القانوي للمادة (73) من النظام الأساسي

قضت المادة (73) بما يلي «تحدد المدة القصوى لولاية رئيس الهيئة العليا ونائبه، والأمين العام، والأمين العام المساعد، ورئيس مجلس الشورى، ورئيس الهيئة القضائية، (ثلاث دورات انتخابية) ولا يجوز أن يرشحوا لأكثر من ذلك».

في حالة التطبيق الملزم لهذا النص سيعني ذلك انتهاء ولاية الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ونائبه ياسين عبدالعزيز القباطي ومحمد عبدالله اليدومي، الأمين العام وعبدالوهاب الآنسي، الأمين العام المساعد، والشيخ عبدالمجيد الزنداني، رئيس مجلس الشورى (وفق ترتيب نص المادة) أما بخصوص د. عبدالوهاب الديلمي، رئيس الهيئة القضائية، فقد ترك موقعه وحل محله سليمان الأهدل الذي ينهي الآن دورتـه الأولى وفق صحيفة «الناس» العدد المشار إليه.

والجدير بالإشارة إليه أن المادة (73) من النظام الأساسي تم في إطار المؤتمر العام التأسيسي للإصلاح المنعقد في 20-24/9/1994م في حين أن رئاسة الإصلاح وأغلبية قياداته هي نفسها تقريباً عند إعلان تأسيس حزب الإصلاح نفسه في 13/9/1990م.

القراءة القانونية لنص المادة (73) تؤكد مفرداتها إلزامية وضرورة التغيير في القيادات ببدء المادة بالقول تحدد «المدة القصوى» بثلاث دورات لتنتهي المادة بعبارة «لا يجوز أن يرشحوا لأكثر من ذلك». يعني ذلك أن واضعي هذا النص يؤكدون على الحاجة إلى التغيير للقيادات، فالقول إن المدة القصوى يعني عدم الممانعة إن لم أقل الترحيب فيما إذا كانت أقل من ثلاث دورات وتأكيدا على أن الثلاث دورات هي المدة القصوى أضافت نهاية المادة (73) بجانب تأكيدها عدم جواز الترشح على الثلاث دورات بإردافها لكلمة «لأكثر من ذلك» فالنص واضح وقاطع ولكن الفقرة الأخيرة من المادة (73) يمكن تفسيرها من زاويتين مختلفتين فيما يتعلق بحجم التغيير وأبعاده بين القيادات. فالنص القائل بأنه «لا يجوز أن يرشحوا لأكثر من ذلك» قد يعني أن مبدأ الترشح بحد ذاته لتلك القيادات لم يعد جائزاً بعد 3 دورات انتخابية في أي موقع كان، وقد يفهم النص بشكل آخر، أن عدم جواز الترشح المقصود به لنفس الموقع الذي ترشحت من أجله القيادات لثلاث دورات انتخابية، بمعنى آخر بقدر ما يصعب تصور أن الشيخ عبدالله الأحمر، والشيخ الزنداني سيتقبلان أو يفكران بترشيح نفسيهما لموقع الأمين العام للإصلاح من موقعهما كرئيس للهيئة العليا ورئيس مجلس الشورى، في حين يمكن تصور ترشح محمد اليدومي، أو عبدالوهاب الآنسي، أو أي عضو آخر في مناصب أعلى من المواقع التي احتلوها لمدة 3 دورات ولا يعتقد أن يقبلا تراجع مواقعهما القيادية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن نص المادة (21) من النظام الداخلي للحزب الاشتراكي الذي أقر في عام 1998 كان أكثر وضوحاً في هذه الجزئية حين حددت المادة عدم جواز البقاء في نفس «الموقع» في حين أنه في تعديل هذه المادة في عام 2005م استبدلت عبارة «الموقع» بعبارة عدم جواز أن يشغلوا هذه المناصب لأكثر من دورتين، إذاً المادة(73) واضحة وضوح الشمس بإقرار إلزامية التغيير. المسألة الآن تعدد في فهم أبعاد التغيير لكامل طاقم القيادات، أم تغيير مواقع بعض القيادات؟

فإذا كانت هناك حاجة إلى تعديل نص المادة (73) من النظام الأساسي فمن المفترض أن يهدف التعديل إلى توضيح الفقرة الأخيرة من المادة بجعلها عدم جواز الترشح لنفس مواقعهم، إضافة إلى ذلك تخفيض عدد الدورات الانتخابية من 3 دورات إلى دورتين أسوة بالحزبين الاشتراكي والناصري.

5) تداعيات الاستمرارية أو تغيير القيادات

استناداً إلى المادة (76) من النظام الأساسي قد يتم تعديل المادة (73) المذكورة لتثبيت القيادات التاريخية في مواقعها ويتطلب ذلك: (أ) أن يقدم طلب التعديل مع مبرراته من الأمانة العامة أو الهيئة العليا أو ثلث أعضاء مجلس الشورى لمناقشتها وتقديم تقرير بشأنها إلى المؤتمر العام. وتقضي الفقرة (ب) من المادة (76) بأن التعديل يكون نافذا بموافقة ثلثي أعضاء المؤتمر الحاضرين، وسيلاحظ هنا أن نص المادة (76) أعطت هيئات الإصلاح الثلاث (باستثناء الهيئة القضائية) المشمولة في المادة (73) بعدم جواز ترشيح نفسها لثلاث دورات انتخابية وهي الهيئة العليا، الأمانة العامة، ورئاسة مجلس الشورى،إمكان التعديل للنظام الأساسي لصالحها، وفي هذه الحالة سيتساءل المرء ما الفارق بينهما وبين السابقة سيئة الصيت ( تعديلات الدستور لعام 2001م) بأن طالب رئيس الجمهورية بتعديل ولاية أعضاء مجلس النواب من 4 إلى 6 سنوات أو مطالبة أعضاء المجلس بزيادة مدة ولاية الرئيس من 5 إلى 7 سنوات، إضافة إلى اعتبار تلك الزيادات بأثر رجعي وأن انتخابات الرئاسة لعام 1999 كانت الدورة الأولى وليست الثانية، فهل بعض قيادات الإصلاح التي أدانت تلك التعديلات ستقبل الآن اتباع النهج نفسه بتعديل النظام الأساسي لحزبهم لصالح القيادات القائمة. ولا غرابة أن الصحف التابعة للحزب الحاكم أو القريبة منه تشجع وقوع الإصلاح في هذا التناقض كما حاولت صحيفة «الشموع» القريبة من مصادر السلطة حين ظهرت بمانشيتات تحت عناوين «فيما سياسيون عدوها مجازفة خطيرة يجب معرفة تبعاتها.. الإطاحة بالشيخ الأحمر و الزنداني أجندة داخلية للإصلاح أم إملاءات أمريكية؟!» (العدد 362، بتاريخ 9/12/2006م) .

والمسألة في نظرنا هي غير ذلك وتتمثل في وجود نص صريح حول أهمية التغيير للقيادات العليا وفق المادة (73) المشار إليها. وأشارت مواد أخرى في النظام الأساسي (المادة 4/أ/5) تؤكد على «تعميق الشورى والممارسة الديمقراطية في المجتمع لضمان تداول السلطة سلمياً» فهل الممارسة الديمقراطية وتداول السلطة تقتصر المطالبة بها على مستوى المجتمع في حين لا يقبل بها داخل الحزب نفسه؟

في نطاق حقوق العضوية أعطت المادة (7/الفقرة 1) حق المشاركة في الانتخابات والترشح في مختلف هيئات وأجهزة (الإصلاح) فإذا عدلت المادة (73) ستفرغ هذه المادة من مضمونها، فيصبح حق الترشح نظرياً لأن مجرد التعديل يعنى الرغبة في استمرارية القيادات التاريخية في مواقعها، ومن حق الأعضاء الترشح لكن عملياً سيفهمون مغزى التعديل وأنهم سيكونون مرشحين ديكوريين لزوم المواجهة الديموقرطية.

وتقضي المادة( 8/الفقرة 3 ) بخصوص واجبات العضوية بأن يلتزم العضو في الإصلاح «بنظمه ولوائحه سلوكاً وعملاً» فإذا تمت شخصنة النصوص وفق مصالح وتطلعات القيادات العليا فهذا يعني أن الالتزام بنظم ولوائح الإصلاح سلوكاً وعملاً قصر على الأعضاء العاديين من الإصلاح ولا ينطبق على القيادات في حالة تعارض نصوصه مع مصالحهم وجب تعديلها لتلبية ذلك وعلى الأعضاء العاديين الالتزام بالتعديلات، وقد سبق للمؤتمر العام الأول الدورة الثانية بتاريخ 20-21/11/1996م أن أكد البيان الختامي له (صحيفة «الصحوة» بتاريخ 28/11/1996م) على «التزام التجمع اليمني للإصلاح بأنظمته الداخلية حرصاً منه على تجسيد البناء المؤسسي وتجذيراً للعمل الشوروي داخل تنظيم الإصلاح كأرضية ضرورية لتطبيقها في الحياة العامة» لذلك سيبدو هذا المطلب متناقضاً في حالة تعديل النظام الأساسي، والبيان الختامي للمؤتمر العام يؤكد على أهمية بناء دولة المؤسسات والنظام والقانون مؤكداً «أن الخطوة الأولى للبناء المؤسسي تكمن في الالتزام بالدستور والقوانين النافذة وتطبيقها بصرامة» لاحظوا هذه الفقرة الأخيرة، أليس هذا بدوره يجب تطبيقه داخل الحزب في التطبيق الصارم لنصوص التداول في السلطة وإحداث التغيير في القيادات. فالشيخان الجليلان عبدالله الأحمر وعبدالمجيد الزنداني قيد تقدم سنهما وحالتهما الصحية من حجم نشاطهما المعهود في السابق، إضافة إلى أن أحداث ما بعد (11)سبتمبر قيدت بدورها تحرك الشيخ الزنداني خوفاً من ملاحقته خارجياً.

والمسألة المهمة في نهاية الأمر أن يحقق الإصلاح أهدافه القيمية النبيلة والمعتدلة فلينظر إلى تجارب الإسلاميين في تركيا، فبعد حل حزب الرفاه الإسلامي بزعامة نجم الدين أربكان بقرار المحكمة الدستورية في 16/1/1998م أنشأ الإسلاميون حزب (الفضيلة) الوريث السياسي لحزب الرفاه، وبحل حزب الفضيلة بقرار المحكمة ذاتها في22/6/2001م بزغ حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان في عام 2001م، وكسب الانتخابات البرلمانية في نوفمبر 2002، ولا يزال حتى الآن في السلطة وإعطاؤه صورة مشرفة للإسلام المتسامح وقدرته على التكيف مع الحياة المعاصرة المعقدة.

ولا شك أن ما أشرنا إليه من أقوال شخصيات إصلاحية أن الإصلاح ليس لديه أزمة قيادة بديلة في حزبه للقيادة التاريخية التي استغل الحزب الحاكم أوضاعها الصحية والقيود المفروضة عليها خارجياً ليطلق تصريحات موالية وداعمه له بعيداً عن المواقف الرسمية لهيئات الحزب كما حدث في انتخابات الرئاسة الأخيرة، فإجراء عملية تغيير للقيادات سيريح القيادات نفسها من الضغوطات الممارسة عليها للتناقض مع مواقف الحزب، وسترى بدون شك بارتياح أنهم استطاعوا بناء نظام مؤسسي لحزب الإصلاح يجعله يطير بجناحيه من دونهما ولكن بفضلهما.

سيكون للمؤتمر العام الرابع لفتة طيبة لو قام بإطلاق اسم زعيم الحزب على الشيخ عبدالله وإشراكه مع الشيخ الزنداني في هيئة جديدة مستحدثة للاستفادة منهما بتجاربهما للجيل الشاب من القيادات الكفؤة التي نتمنى انتخابها قريباً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى