جرو مفقود يبرز سوء التفاهم بين الإسرائيليين والفلسطينيين

> القدس «الأيام» لوك بيكر :

> قبل بضعة أشهر فقد بعض الأصدقاء الكنديين في القدس جروهم,وهربت الجرو تشارلي التي لم تألف حياة المدينة بعد ناهيك عن سوء سلوكها ذات ليلة بعد أن روعها دوي الألعاب النارية في بداية شهر رمضان.

ويعيش الأصدقاء وهم صحفيون يعملون في المنطقة في حي أبو طور الذي يسكنه خليط من اليهود والعرب ويقع على مشارف القدس الشرقية العربية.

وتطل شرفتهم على منظر يمتد من الحي القديم مرورا بتلال الضفة الغربية وحتى البحر الميت.

ولأنهم كانوا غير متأكدين إن كانت تشارلي هربت شرقا أي توغلت في القدس الشرقية ونحو الضفة الغربية أم غربا نحو الشطر اليهودي من المدينة وباقي إسرائيل قرروا أن يفتشوا في كل الأماكن.

ووضعوا ملصقات على أعمدة الإضاءة وجالوا بسيارتهم وعلى أقدامهم في طرق متعرجة بالأحياء المجاورة ووضعوا إعلانا مع صورة لتشارلي في صحيفة فلسطينية كبيرة يسألون فيها إن كان أحد قد رأى الجرو.

ولعدة أيام ساد صمت تام..فلم ير أحد الجرو بشكل محدد ولم يقدم أحد معلومات مهمة أو حتى دلائل يعتد بها.

ثم جاءهم اتصال من الصحيفة. وقال المتصل إن الصحيفة وردتها بعض الردود على الإعلان لكن أصحاب تشارلي على الأرجح لن يسعدوا بها.

فقد اتصل مجموعة من الفلسطينيين المحتجزين في سجن بشمال إسرائيل وتركوا رسالة مسيئة قالوا فيها "لماذا تكترثون لأمر هذا الكلب الغبي..لما لا تتوقفون عن إضاعة وقتكم ومساعدتنا في الخروج من هناك.."

ولجأ آخرون إلى السخرية حيث اتصلوا بالصحيفة ثم أخذوا ينبحون ويصيحون ضاحكين "أنا تشارلي تعالوا وخذوني."

ولم تزدد المحنة والإحساس بوجود سوء تفاهم إلا سوءا. ففي الأيام التي أعقبت ذلك صادف أصحاب تشارلي جيرانا لهم في حي أبو طور لم يقدموا لهم سوى نصائح مقتضبة.

وفي مرحلة ما قال بعض الفلسطينيين الذين يعيشون في شارع مجاور إنه إذا هربت تشارلي غربا أي إلى الشطر اليهودي من المدينة فإنها حتما ستواجه مشاكل.

وقال أحدهم بصوت هامس حمل نبرة تآمرية "اليهود يعاملون كلابهم بفظاعة لو كنتم تعلمون..اليهود يسرقون كل شيء وإذا كانوا يسرقون الأراضي فسيسرقون كلبكم,ولم تكن ردود فعل الجيران اليهود أقل حدة.

وقالت امرأة يهودية "لو هربت (الكلبة) تجاه الضفة الغربية فلا يوجد أمل كبير. أنتم تعرفون ما يفعله العرب بالكلاب أليس كذلك.."

ورغم دهشتهم وصدمتهم من سوء التفاهم والاتهامات المتبادلة التي تبينت لهم خلال بحثهم استمر أصحاب تشارلي في البحث عن جروهم الأسود وهي من نوع لابرادور هجين. وذهب بعضهم في جولات بالقرى الفلسطينية التي تقع على تل خلف القدس ليروا ما الذي بإمكانهم العثور عليهم. وبدا أن كل شيء يمشي على أربع يشبه تشارلي.

وفي نهاية المطاف طلب أصحاب الجرو من أحد معارفهم أن يعرفهم على أشهر لص كلاب في الضفة الغربية. وسافروا إلى منطقة متواضعة على مشارف رام الله في أحد الأيام ليروا ماذا يخبيء الرجل في حظيرته.

وفي عشرات الأقفاص القذرة كانت هناك عشرات الكلاب البائسة التي غطتها البراغيث والتي لا تستطيع الوقوف منتصبة إلا بمشقة ناهيك عن النباح للفت الانتباه. لكن لم يكن هناك
أثر لتشارلي.

وبدا اللص مستمتعا بشكل غير مفهوم ببحث الأصدقاء المحموم عن الجرو.

وفي نهاية الأمر لم تعد تشارلي أبدا. وكل ما خرج به أصحابها هو الشعور المتبادل بالشك بين العرب واليهود الذين يعيشون جنبا إلى جنب في حيهم.

وبعد أن زاروا الحظيرة عدة مرات للبحث عن تشارلي اقتنى الأصدقاء كلبة جديدة أسموها روزي. ولا ينزع المقود من على روزي في أي وقت. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى