مع الأيــام .. من وحي منتدى «الأيام».. ندوة «التربية والتعليم» .. صناعة التفوق التعليمي

> عامر علي سلام:

>
عامر علي سلام
عامر علي سلام
قد يكون هناك شبه إجماع على أن تجربة التعليم الحديث في اليمن قد بدأت في حقبة الستينات من القرن الماضي، ومع نشأتها تنوعت في الهياكل والبنى والمرجعيات أو المنطلقات، لذا فإن نظام التعليم اليمني مر بمختلف التجارب التعليمية التي ظهرت قبل تحقيق الوحدة اليمنية (وذلك باختلاف وتقسيم منهجي أملته ظروف ونشأة وتطور تجربة كل شطر مع ظهور وانتشار المدرسة الحديثة سواء تعلق الأمر بخصوصيتها أو خلفياتها الأيديولوجية أو أطرها الاجتماعية والسياسية أو غير ذلك).

وبعيدا عن مناقشة السياسات التعليمية ومبدأ ديمقراطية التعليم وما رافقهما من توزيع الفرص التعليمية بين مختلف المناطق اليمنية في الحضر والريف وبين الذكور والإناث.. وأيضا بين الطلب الاجتماعي على التعليم ومقدرة مؤسساته الاستيعابية من جهة، وبين التعليم وتلبية بعض احتياجات البرامج التنموية من القوى البشرية المؤهلة فيما هو متاح من اختصاصات تعليمية من جهة أخرى قبل تحقيق الوحدة اليمنية (التي تعتبر نقطة توقف وإعادة نظر في العديد من القضايا ومن أهمها مسألة التعليم) حيث ظهرت الازدواجية في المؤسسات التعليمية وهياكلها الإشرافية وهيئاتها التعليمية في اليمن مما خلف آثاراً واضحة تمثلت في صعوبة دمج مختلف المؤسسات التعليمية بعد تحقيق الوحدة اليمنية!

فكان من الطبيعي أن يرث نظام التعليم بعد تحقيق الوحدة كل تناقضات الماضي التشطيري وسياساته التعليمية ومؤسساته التعليمية وهياكلها.

ولكننا الآن وبعد مضي أكثر من ستة عشر عاماً (1990ـ2007م) أظننا لا نختلف أبدا على أن تطوير التعليم عملية مستمرة، ولكننا نحتاج إلى تقييم وضعنا الحالي ووضع الدراسات المقترحة عن البدائل المستقبلية (مستقبل التعليم في اليمن).

وعلينا أن نفكر في تجميع إمكاناتنا التعليمية الهائلة لمواجهة مشاكلنا بأسلوب تبني نوعيات التعليم المختلفة مع الإحساس العام بالطابع العالمي لأزمة التعليم وملامحها العصرية الحديثة ـ الأكثر تقنية ـ بحيث نستطيع الانفتاح على الفكر التربوي والتعليمي كله كنتاج عام للبشرية مع التفرد بالثقافات الخاصة بنا (وذلك بدراسة التجارب العالمية لشعوب عربية وإسلامية استطاعت أن تحقق نموها وأن تخطو في صناعة التفوق التعليمي خطوات إلى الأمام مثل التجارب في مصر أو إندونيسيا أو ماليزيا.. وغيرها).. لذلك علينا إقامة مؤتمر التعليم الأول لصناعة التفوق العلمي.

والواقع أننا لا نبالغ إذا ذكرنا أن التعليم في بلادنا ـ في ظل هذه الظروف ـ يحتاج إلى مراجعة وإصلاح شبه مستمرين، وبالذات في تدريس العلوم ذات الأبعاد والآثار المستقبلية الكبيرة مع الإحساس بالمسئولية وتحمل عبء العملية التعليمية، حيث يتطلب التحديث المستمر (وأركز هنا على كلمة مستمر.. مستمر) للمناهج وطرق التدريس والإمكانات العملية من ناحية، وكذلك التركيز على البرامج التربوية التي تستهدف تخرج أجيال قادرة على التكيف والعطاء في هذا العالم المتغير والمستارع في تطوره وتفوقه العلمي.

لأنه بالمختصر المفيد: عندما تتم العملية التعليمية بكفاءة عالية، يمكن الكشف في ظلها عن قدرات الطلاب المختلفة وتوجيههم لأنسب نوعيات التخصص تبعا لقدراتهم، آخذين في الاعتبار احتياجات المجتمع الآنية والمستقبلية والخطط الموضوعة لتنميته.

ويجب أن نضع في اعتبارنا أن تطوير التعليم واستمرارية تحديثه هو هدف قومي ووطني عظيم، يجب أن نهيئ المناخ لإعطائه الدفعة المطلوبة والاهتمام الخاص بتدريس العلوم الحديثة والتقدم العلمي العالمي، وذلك بنشر الثقافة العلمية وتبسيط العلوم وتوضيح أهمية استنباطها والمشاركة في عطائها دون الاكتفاء باستيرادها.

ويجب أن ندرك جميعا (فقد حان الوقت لإدراك ذلك) أن حلم التنمية المستقلة والأمن القومي مرتبط بتقدمنا العلمي، وتفوقنا التعليمي.

علينا أن نصنع «التفوق» بتكوين كوادر علمية ووطنية قادرة على المواجهة، وبالذات مواجهة مشاكلنا بالحلول الملائمة.. فهل يمكن بناء هذه الكوادر البشرية المستقبلية المأمولة بغير التعليم؟

لذلك علينا أن نمد يد العون في سبيل إصلاح التعليم وتحديثه.. الإصلاح والتحديث المستمرين، لأنه في الأخير يجب ان نحسب لأقدامنا قبل أن نخطو أي خطوة.. وحتى لا نخطو في المكان نفسه ونظن أننا نخطو إلى الأمام!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى