المحطة الأخــيــرة .. نقل الرأي في الكلام .. مشكلة

> عمر محمد بن حليس:

>
عمر محمد بن حليس
عمر محمد بن حليس
عندما قال فولتير مقولته الشهيرة «قد أختلف معك في الرأي لكنني مستعد أن أدفع لك رأسي ثمنا لكي تقول رأيك» فأظنه من وجهة نظري كان قد أسس القاعدة في البناء الديمقراطي بشكل تعدد الرأي والاستماع للآخر وليس شرطا الاقتناع بما يقوله هذا الآخر إنما المهم هو منحه حقه في القول والتعبير عن رأيه ونقل أفكاره.

إنه ومع مرور كل يوم من أعمارنا في هذه الحياة القصيرة نتعلم المزيد من المفاهيم ونخرج بكثير من العبر والاستخلاصات وأساس كل ذلك هو في تقديري الاختلاط، التعايش، الاستماع والتحدث الذي تتعدد أشكاله وتتنوع مصادره وتختلف وتتفق الأفكار فيه ولولا هذه المفاهيم لما وصل الناس إلى قناعات متفق عليها وأفكار ووجهات نظر مجمع عليها، لأنه في الجدل تتولد الحقائق فكم هو جميل أن تتوسع قواعد هذه الحوارات وتلك النقاشات التي من خلالها يجتمع الناس، ولا يهم أن يختلفوا أو يتفقوا لأن المهم هو أنهم يلتقون وتلك هي المظاهر الصحية في اعتقادي والتي من المفترض تعميمها والاستفادة منها وصقل أفكارها.. فمعها وحدها نصل إلى الهدف أو الأهداف المنشودة بشرط أن تكون غاية جميع الأطراف في ذلك هي البحث عن الحقيقة وإظهارها والوصول إلى نتيجة وإشهارها، وليس عيبا إذا ما استدعت الضرورة التنازل في بعض الأمور التي لا تعتبر ثوابت ولا تمس بالكرامة والشرف والوطنية.

ولعمري إن إعطاء الآخر حقه في القول والتعبير والاستماع إليه بكل أدب وبمنتهى الإقدام سيجعل هذا الآخر يغير من وجهات نظره المسبقة وقناعاته المبيتة بل ويجعل منه أكثر مرونة وبساطة أثناء النقاش.

ومن دون ذلك فإننا نسوق أنفسنا أو يسوقنا الآخرون إلى متاهة أو مشكلة نقل الرأي في الكلام، وتلك هي الحقيقة التي يلجأ إليها بعض الناس لمجرد قراءتهم لمقال في صحيفة أو استماعهم لرأي معين.

فسرعان ما تجد هؤلاء (بعض الناس) يهزون رؤوسهم ويلوون أعناقهم ويعضون على شفاههم السفلى ويرددون «أيوه أيوه لقد فهمت ماذا يقصد أو يقول فلان».

بينما هم في الحقيقة لم يفهموا من القول عمق مفرداته ولا من الكتابة حتى أبجدياتها للأسف، لكنهم يصرون على أنهم قد فهموا السر وما تخفيه الصدور أو ما لم يُقل بين السطور!

لأنهم ببساطة يرون أنه لا رأي إلا رأيهم ولا قول إلا قولهم.

على كل حال أخي القارئ الكريم لهذه الصحيفة القريبة جدا إلى قلبي وقلبك «الأيام»، إن كل ما تقدم من قول يسير لم يكن مطلقا مجرد كلام تنظيري لأنني على قناعة أنك تملك أكثر مما قلته أنا في هذا الحيز.. لكنني فقط ارتأيت أن أضع ما فاض به قلبي واستطاع قلمي أن يخطه ليكون بمثابة الرد الواضح والصريح على أحد (الأصحاب) الذي قال لي أثناء جلسة قصيرة جمعتني به في أحد الأيام الفائتات بعد نشر مقالة لي في هذه الصحيفة الغراء «الأيام»: لقد فهمت مقصدك وما تريد أن تقوله.

ففهمت وقلبي يعتصر ألما، ونفسي تغوص في حسراتها أن صاحبي لم يسبر غور المعاني ولم يفهم بعد الكلمات من مقالي.. فتداخلت عليه المرادفات وامتزجت عنده الأحرف فأصبح بكل أسف ممن ينقلون رأيهم في الكلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى