قصة قصيرة .. (جليلة)

> «الأيام» أحمد السعيد:

> جليلة فتاة الحي الجميلة، التي شغلت كل الشباب، واحتلت زواية في حلمهم جميعاً.. ها هي اليوم قد نضجت وأتعبتها السنون بعد زواج فاشل أثمر أربعة أطفال تركهم أبوهم بعد أن طلقها، فهجرها أهلها، وأضحت اليوم وحيدة تواجة مصاعب الحياة مع أطفالها.

عند العصر خرجت كعادتها، ومرت في الشارع الذي كان ينتظر فيه محبوها وعشاقها.. جسمها الرشيق الذي احتفظت به وأخفته تحت عباءة وبرقع أسودين، مرت تتمايل به، وأعين المعجبين ترمقها، وتكاد تخترق جسمها.. و ما إن وصلت إلى ركن الشارع الذي يجتمع فيه الشباب المتعطلون عن العمل، حتى راحت أعينهم تلاحقها، وألسنتهم ترشقها بكلمات الإعجاب.

قال راشد:

- يا أخواني والله حرام..هذي الحرمة تخرج كل يوم، ولا ندري فين تروح ؟...أيش نحنا مش رجال.. والله ما فاتت لها..وأنا باجيب لكم خبره.

ثم مضى متعقباً خطواتها إلى أن دخلت إلى الحي التجاري في المدينة..أبطأ الخطى قليلاً، وظل يرقبها عن بعد..دخلت إلى أول محل تجاري .. راقبها من خلال الواجهة الزجاجية للمحل، وكانت تتحدث إلى صاحبه، وما أن فرغت حتى انتقلت إلى المحل المجاور .. وهكذا فعلت إلى أن انتهت من أكثر من محل ، ثم انتقلت إلى الشارع الآخر حيث انتصبت أعمدة إشارة المرور، ووقفت عند التقاطع . وهنا وقفت سيارة فارهة أطل سائقها بوجهه، وتحدث إليها، بينما راح راشد يرقبها عن بعد.

تحركت السيارة، فجاءت إليها امرأة وقفت تتحدث إليها بحدة، وبعد انتهاء المحادثة، تركت المرأة ، وانتقلت إلى شارع الذهب، وما أن دخلت إلى أول محل، حتى دلف راشد بعدها دون أن تشعر به.

وقفت بكل استحياء تقول لصاحب المحل:

- في معك لله.. أني حرمة مستورة، وعندي أربعة أطفال صغار، ومافيش معي حق اللبن.. أني ما أشتيش منك فلوس.. لكن أشتيك تشتري لي قصعة لبن.

وهنا فرّت دمعة من عيني راشد، وعاد إلى أصحابه خائباً.

عدن

نوفمبر 2006م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى