الحزب الاشتراكي وقضية (آثار الحرب)

> د. عبده يحيى الدباني:

>
د. عبده يحيى الدباني
د. عبده يحيى الدباني
لست مسدوسياً بالضرورة - نسبة الى المناضل الاشتراكي محمد حيدرة مسدوس- عندما أتحدث عن الوحدة اليمينة وحتى عند الحديث عن قضية المحافظات الجنوبية والشرقية المتمثلة في نتائج الحرب السلبية مع أن كثيرا من طروحات الرجل صحيحة لولا أنه وقف عندها وقفة متشددة غير ديناميكية، ولم يُثْرِ القضية وينوع في طرحها ويطبعها بطابع وطني مقبول، رغم وحدويته، فكان كالذي يكون قاسيا فيكسر على عكس رفاقه في الطرف الآخر في حزبه كان بعضهم لينا فسهل عصره، ولست ممن يعلّم مسدوسا ورفاقه السياسة فإنما هو رأي كاتب لا يفقه كثيرا في السياسة.

لم أكن عضوا في الاشتراكي ولكنني أُكبِر في هذا الحزب روحه الوطنية والحداثوية والمدنية والنضالية مثلما أكبِر في المؤتمر الشعبي مرونته وانفتاحيته وفي تجمع الاصلاح توجهه الاسلامي ونشاطه وتنظيمه، بيد أنه يقلقنا هذا الخلاف الجاري في قيادة الحزب الاشتراكي لا سيما في القضايا المصيرية الاستراتيجية التي تتطلب رص الصفوف أو أن يكون الخلاف أو الصراع شطريا أو مناطقيا. ويبقى أن نقول إن على الحزب الاشتراكي اليمني أن يتبنى -اكثر من غيره بكل ثقله في نضاله الحاضر والمستقبل- قضية ما خلفته حرب 1994م من آثار سلبية وتصدعات في الواقع السياسي والاجتماعي والنفسي والوطني والحضاري وألا ينقسم هذا الحزب على نفسه إزاء هذه القضية.

فليس له منها مفر وقد ارتبط بها وارتبطت به وهي على أية حال قضية وحدوية وطنية عادلة وإن الانفصال عينه هو في إهمالها أو التنازل عنها أو التسويف فيها، ثم مادامت هذه القضية وحدوية بامتياز فلماذا نجد الاشتراكيين مختلفين فيها؟

فهل هو الاختلاف في الوسيلة أو الآلية؟ أم هو من حيث المبدأ والهدف؟ ولكن السؤال الأنكى هو لماذا يظهر على السطح أن الخلاف حول هذه القضية ذو بعد شطري؟ مع التسليم أنها قضية وطنية، فهذا أمر يثير الخوف والعجب معاً! ثم من الذي يطبب المرض بعقاقير انفصالية، هل هم المنحدرون من الجنوب أو المنحدرون من الشمال إذا كان الصراع الاشتراكي شطريا فعلا؟

فالانفصالية -على أية حال- فكر وسلوك وليس لها وطن محدد فهي قد تأتي شمالية كما تأتي جنوبية مثلها مثل الرياح العقيمة، ويمارسها بعض المنتصرين كما يمارسها بعض المنهزمين وهي موجودة في السلطة كما هي موجودة في المعارضة وتتحدث بلغة وطنية كما تتحدث بلغة قبلية، فكم من أحداث ومواقف وسلوك ظاهرها الوحدة وباطنها الانفصال بل كثيراً ما حورب الانفصال بالانفصال نفسه، وليس بالروح الوحدوية كما قد تبدو بعض المواقف والآراء الوطنية وكأنها ذات طابع انفصالي نظرا لتأزمها أو لسوء تأويلها وفهمها سواء بقصد أم بدون قصد. فالتطرف والتشدد والمزايدة باسم الوحدة سيقود بالضرورة إلى سلوك انفصالي مثلما يلتقي أقصى اليسار بأقصى اليمين في الحركات الثورية والسياسية كما علمنا الاشتراكيون أنفسهم.

إننا نؤمن الايمان كله أن عز اليمن هو في وحدته ونطمح إلى وحدة عربية اسلامية تخرج العرب والمسلمين جميعا من وهاد الذل الى ساحات العز والنصر، ولن نكون -بإذن الله- إلا مع الوحدة والجماعة ولكننا نسيء الى الوحدة إساءة بالغة ونضربها في عمقها حين نمارس باسمها النهب والسلب وسياسة الفيد والإقصاء والاستئثار.

وحين يخدّرنا النصر ويسكرنا فإنه يتحول الى طغيان ومن ثم إلى هزيمة، فدور قادة الجيش (مثلا) في حسم المعركة وإحراز النصر لا يخول لهم ان يؤمموا ويتملكوا أرض المعسكرات وما فيها وما حولها ويتقاسموا السهول والجبال ويسطوا على الاماكن والمنشآت العامة ولا يحق لهم -مطلقا- أن يقصوا القيادات والكوادر الوطنية حتى يستأثروا بكل شيء.

فطالما طغى المنتصرون في الأرض لأنهم مخدّرون بمشاعر النصر الزائفة قال تعالى: {كلا إنّ الإنسانَ ليطغى.

أن رآه استغنى} وقد كان رئيسنا القائد علي عبدالله صالح حكيما وحليما حينما أعلن العفو العام واوقف موجة الانتقام، ولكن لا ينبغي ان يقف الأمر عند هذا الحد فللحرب آثارها الكثيرة.

وكثيرا ما ذكرت وشخصت وحددت وانتفخت ملفاتها مثل أجسام المسؤولين من المتنفذين والفاسدين وهي ما تزال تنتظر الإرادة السياسية بعد النضال السلمي الوطني الحضاري المسؤول الذي لا تلين له قناة ترهيبا أو ترغيبا أو إحباطا تحت راية الوحدة المباركة وتوأمها (الديمقراطية) .

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى