حال التعليم في بلادنا.. مدرسة (النبهاني) نموذجا

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
لقد تفاجأنا بصدور كتاب من المحافظة تم توضيح المشاريع المنجزة فيه ومن ضمنها ترميم مدرسة النبهاني وبمبلغ (ستين ألف دولار) !! ... وبإمكانكم الاطلاع عليه، وهذا بصراحة شئ مؤسف لأنه يخالف عين الواقع..وأنا أخلي مسئوليتي أمام الله تعالى من أي انهيار يحصل للمدرسة، وأناشد المسئولين في الجهات ذات العلاقة وفي مقدمتهم الأخ يحيى علي العمري محافظ البيضاء النظر بعين الاعتبار إلى هذه المدرسة التي أصبحت في وضعية حرجة تنذر بوقوع كارثة مرتقبة!!».. مدير مدرسة (النبهاني) بالبيضاء/ الأستاذ خالد علي الفداء .

هذا التصريح لمدير مدرسة النبهاني بمحافظة البيضاء، نقلته حرفيا - كما ورد - في الصفحة السابعة من جريدة «الأيام» الصادرة يوم الاثنين الماضي ، وهو يحمل بين سطوره (القليلة) أصل الحكاية وفصلها وجميع أسرارها فيما يخص (درجة الوقاحة) التي وصل إليها عدو اليمن الأول (الفساد) ... وهذه السطور القليلة التي يمكن أن تقيم برلمانا منتخبا كاملا على قدميه في دولة ذات ديمقراطية (حية) ولا تقعده تمر علينا مرور الكرام... إذ يكفي فقط أن نقرأ بتمعن ودقة المعلومة الخطيرة التي يقول فيها أخونا مدير المدرسة إن (كتابا) خاصا بـ( المنجزات العظيمة) !! للمحافظة كان قد صدر، ومن ضمن ما تفاخر بإنجازه هذا الكتاب على مستوى محافظة البيضاء، عملية (ترميم ) مدرسة النبهاني بمبلغ (ستين ألف دولار) !!...حتى إذا ما قرأ مدير المدرسة هذا الكتاب (الكاذب) ووصل بعينيه إلى هذه المعلومة الخطيرة، وضع يده على قلبه وتساءل بحسرة وألم: عن أي ترميم للمدرسة يتحدثون؟ وحتى إذا ما (أخرج) طلاب المدرسة للاصطفاف التقليدي كطوابير مصفقة، في حمى انتخابات ما.. أمسك أحدهم بهذا (الكتاب الكاذب) ملوحا به ... كرمز من منجزات السلطة في محافظة البيضاء، وكدليل دامغ جهة استمراءنا للكذب والتزوير والتضليل بلا خجل ومن دون أدنى خوف أو حياء !!

قبل أسبوع واحد تقريبا .. كانت «الأيام» قد أفردت أكثر من أربع صفحات كاملة من الكلام (الكثير - الكثير) عن التعليم في اليمن وأحواله وتطلعاته ومستقبله المشرق !! نقلا عن ندوة جرت في منتداها، وفي عدد الاثنين الماضي رقم ( 4996) وفي الصفحة الأولى نشرت صورة تعكس (الكيفية) التي يتلقى بها كم هائل من الطلاب تعليمهم في مدرسة (النبهاني) صاحبة العمل العظيم ( ترميم بمبلغ 60 ألف دولار)!! وهم يتلقون علومهم في باحة المدرسة في العراء - تحت الشمس الحارقة - وبعيدا عن الصفوف (المهترئة) التي جرى ترميمها (كذبا) في الكتاب .. ولم تتسع لهم!! هذه الصورة المنقولة من وجهة نظري ، هي أهم وأفضل وأقرب لحقيقة التعليم في بلادنا من ألف محاضرة ومحاضرة (تسويقية) يمكن أن يلقيها علينا مسئول ما في بلادنا على نخب لا تعلم ما يعانيه التلميذ اليمني من (تعسف) و (سرقة) لحقه الشرعي في الحصول على التعليم ، ولو في حده الأدنى .

وفي ظني ايضا.. أن هذا النموذج الذي كشف حقيقته لنا مراسل «الأيام» الزميل صالح برمان في استطلاعه الممتاز - موضع الحديث - يمنح مؤشرا مجانيا وبدرجة متوسطة لما يمكن أن يكون عليه وضع التعليم ووضع الطالب والمدرس بشكل عام في الجمهورية اليمنية، وإذا ما كانت الحقيقة غاية في السوء كما يشير التقرير وتؤكد الحقائق ... فإن السؤال الكبير الذي سيطرح نفسه حتما أمامنا وأمام المسئولين عن التعليم في هذه البلاد هو : ترى أي نوعية من مخرجات التعليم يمكن أن تتراكم لدينا عقب عقدين من الزمن على سبيل المثال؟ وهل ستتمكن مخرجات التعليم اليمنية هذه من الوقوف بثقة أمام نظيراتها في دول الخليج العربي؟ وكيف يمكن بعد ذلك أن يكون حالنا مع هذه الدول ذات المستوى التعليمي المرتفع في الوقت الذي ندعي فيه أننا نؤهل أنفسنا للانضمام إليهم .

ليعذرني لأستاذ العزيز مدير مدرسة النبهاني... أنا أردت فقط أن أنبهه إلى خطأ ورد في رسالته التي اختتم بها تصريحه، والمتعلق بالمناشدة التي وجهها إلى السلطة المحلية في المحافظة وعلى رأسها بطبيعة الحال محافظ المحافظة الذي طالبه بالتدخل لإنقاذ مدرسته من الانهيار!!! ... وذلك لسبب غاية في البساطة يتعلق بمعرفتنا جميعا، أن ذلك الكتاب (الكاذب - المضلل) الذي حوى تلك المعلومة الخطيرة إنما هو صادر عن تلك الجهات التي يطلب منها النجدة !! فإن كانت تلك الجهات لا تعلم عن تلك السرقة فنحن نقف أمام كارثة حقيقية ...وإن كانت تعلم فالكارثة أكبر وأعم !!

ويبقى المهم في الأمر .. أن يتململ ممثلو الشعب في هذه المحافظة قليلا فوق كراسيهم البرلمانية، للوقوف أمام هذه الكارثة الحقيقية، التي يتعرض لها حاليا أكثر من 1300 طالب وطالبة في محافظة البيضاء ، قبل أن يتم البحث الدقيق عن (النفق المظلم) الذي تسرب عبره مبلغ الستين ألف دولار المخصص للترميم ، دون أن يعلم -إلا سارقوها -أين استقرت وأين صرفت!! وإذا ما فعلوا واجبهم الوطني هذا وانتهوا منه نكون قد حققنا خطوة يسيرة في محاربة الفساد على جبهة واحدة فقط.. علما بأن هذا المبلغ الكبير يمكن أن تبنى به مدرسة جديدة بكل تجهيزاتها!!

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى