سلّمه واسالم سلّمه واسلم

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
في كل الدورات الابتزازية لرفع الاسعار التي كنا نشهدها في الماضي، كنا متعودين أنه الزيادة تتم بالبصر.. بصر بصر.. مش دكمه قوية تدرون بالرأس.. تليها دكمه وبعدها دكمه وراء دكمه مدجوفة على راصي.. هنا يفقد الزبون توازنه وحسه وعقله ولبه وماعاد يقدرش يقاوم فيستسلم - وما معه إلا أنه يستسلم ويدفع الثمن المطلوب - وسلمه واسالم.. سلمه واسلم.. صحيح أن الغلاء شمل كل شيء لكن ما أدريش ليش أكلمكم وأنا بالي على الخضرة، يعني الخضار والفواكه بشكل عام.. لأنه الزيادة حق الخضار والفواكه هي اللي تجي لنا هكذا دجيف الدجيف.. وتطلع تطلع تطلع ولاعاد ترضيش تنزل.. من قبل كان في حركة طلوع ونزول وتراوح وهكذا.. كانوا الناس لا زاد سعر الزميطاء اللي هي الطماطه أو الطماطم.. أو حتى الطماط بدون هاء في النهاية.. كانوا الناس لا زاد السعر يقولوا.. هيا بانصبر.. مكانها باتنزل ويصبروا يصبروا ليكن النزول ما يتحقق.. مكانه السعر باقي فوق.. ليش هكذا؟ أيش اللي جرى؟

يقول لك يعني أنه كبار المتملكين في انتاج الخضار والفواكه وكافة شيء يزرع.. هذونا المافيات الزراعية شعارهم التجاري الفعال هو إما أن نبيع بضاعتنا بالسعر اللي نحدده نحنا (يعني هم) حلال وإلا حرام.. وإما أن نخليها تخيص ونجدل بها الكدافة ولا ننقص من سعرها أردي واحد.. أما نظام سوق العرض والطلب فلا أحد عاد يحلم به.. دلحين ما في إلا دجف.. وكل واحد يخرج فلوسه ويعد.. أرادي أرادي بيسه أرادي.. البيسه هي اللي تصطرف إلى أرادي هذا كان في زمان أولاني أيام الروبيات الهندية لما كان الواحد يدخل السوق ويستقيم قدام المفرش حق الخضرة ويخرج من كمره نص روبية ويشنتح الخضرة كله بالنص روبية حقه اللي كانت تملى له ثلاثة أكياس كينج سايز فلتر على تخت الفنان حسن جمعة وبعده سبت.

الآن اتوضحت لنا الرؤية بالكامل.. ما عاد فيش شك روبيتك شنتحت الخضرة ولا نص روبيتك.. ما في إلا جزر.. أنواط تتخارط عند مفرش الخضرة اللي يشتي له آلاف مؤلفة من الريالات المكلفة.. وهذا كله كوم والأسلوب الجديد في تثبيت الأسعار في العلالي كوم.. فاستبدال قانون العرض والطلب الأزلي في السوق بقانون الفرض والدجف يدل أن المسألة لم تعد متروكة للمواسم والمصادفات وتيك لي با اتيك لك.. أبداً.. ليس الأمر متروكاً للمصادفات وإنما يدار زي شغل العصابات الإجرامية.. شل بهذا السعر وإلا انتحر.. سنت واحد ما با ننقص لك.. والخضرة با تبتاع وإلا حتى با نخلي أبوها تخيص ونجدل بها الكدافة ولا ننقص في سعرها ريال واحد وأنت أحسن لك سلمه واسالم سلمه واسلم.. وقصة سالم هذي معروفة وأظنكم قد سمعتوها من قبل وتقول القصة أن الأخ سالم دمح (بفتح الدال والميم وسكون الحاء) سالم دمح يا أخواني صاحب نجيب دبعي.. هو هذاك تقول القصة أنه شل زي عادته خضرة للبيت منشان الاسبوع كله ومن عند نفس المخضري بالحافة على أساس أنه الحساب يدور.. ودار الاسبوع الأول والثاني والثالث وسالم يشل خضرة وما يحاسبش وأجت نهاية الشهر.. جزع سالم وقت العشاء يوم المشاهرة منشان يحاسب مسعود المخضري.. مساء الخير يا مسعود قال له مساء النور قال سالم اجينا اليوم منشان نسلم لك حساب الشهر في معك برديخ مليح وحالي؟ قال مسعود: أهلاً وسهلاً.. في كل شيء طلباتك موجود.. قال سالم أول مرة خلينا نصفي حساب الشهر الأول كم لك عندي؟ فك مسعود الخانة وخرج دفتر جلس يقلب صفحاته لما وقف عند صفحة سالم دمح.. قال المخضري باحترام: حسابك يا أبه سالم ستة ألف وثمانمائة ريال فقط.. صعق سالم من هول الصدمة وتراجع إلى الوراء يترنح وكأنه مباكس (ملاكم) من الوزن الخفيف.. ثم تثاقل على وزنه.. وجلس فوق الفوت بات وهو مسكين يرشح من هول الصدمة ويردد:«أيش تقول.. خضرة بستة ألف!» قال المخضري مسعود مصححاً:«ستة ألف وثمانمائة ريال» ردد مسكين سالم وهو مثل التائه:«ايوا وثمانمائة ريال.. ستة ألف وثمانمائة ريال.. هذا بس إلا خضرة».

شك حسن فرور الذي كان جالساً على الرصيف الثاني من هذا الموقف لما شاف صاحبه سالم دمح جالس على الفوتبات فأجا ومعه قارورة ماء صحة.. مالك يا سالم خير إن شاء الله.. غمض.. غمض عيونك با أرش لك مي صحة فوق وجهك منشان تصحي.. وجلس ابن الفرور يرشرش لما بلبل وجه المسكين سالم وصدره.. تكلم سالم مع حسن فرور فقال: تصدق بالله يا حسن ومالك عليا يمين طلع حساب الخضرة حقي ستة ألف وثمانمائة ريال.. قال حسن فرور محاولاً التخفيف على سالم: يا رجال بايفرج الله وباتسلمه.. أهم شيء صحتك.. ثم ودعه وهو يردد عليه نصيحته الغالية: سلِّمه.. سلِّمه واسلم سلمِّه واسلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى