> «الأيام» علي محمود الضالعي/ كلية التربية - عدن

بعض الناس صحبوا الأيام وعايشوا الزمن، أخذوا من الحياة دروساً ومن الدنيا عبر وعظات، فهموا الحياة وأدركوا معناها لتنكشف لهم حقيقتها المرة التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة ولذلك ابتسموا.

نعم ابتسموا لأنهم عرفوا مكامن السعادة ومصدر السرور والفرحة وعن قناعة ملكوا الدنيا، وغلبوا الدهر، وقاوموا عتاوة الأيام بابتسامة لا تفارق شفاههم.

كم أسعد وكم ينتابني الفرح وأنا في حضرة هؤلاء القلة من الناس لا لشيء ولكن لأنني أجلس بين قوم قلوبهم على ألسنتهم ونواياهم تناظرني بها أعينهم لترتسم الابتسامة على شفاههم مشرقة شروق الشمس في رابعة النهار.

يتكلمون فينساب كلامهم جداول ليسترسل بين جوانح الروح وزوايا الوجدان ويطرق أبواب القلوب ويسكنها دون استئذان.

هؤلاء الناس يعيشون معنا يكدون ويكدحون مثلنا ولكنهم جبلوا على شمائل خلاقة وصفات فريدة فهم يعانون فيزرعون البسمة من صميم معاناتهم ينصدمون فتزيدهم صدمات الدهر قوة وثباتا، يطاردهم اليأس ويحاول أن يصل اليهم فيقابلونه بابتسامة تضيء الكون وتملأ الدنيا ضياء لتتلاشى أمامها وتذوب كل معاني الحزن والإحباط، تجدهم يوزعون ابتساماتهم أينما حلوا أو ارتحلو يضفون على الحياة صفاء من صفاء قلوبهم ويكتبون على جدران الزمن دروساً لليائسين والمكتئبين ليقولوا لهم رجاءً ابتسموا فالدنيا لا تساوي شيئاً.