المحاماة .. مهنة شاقة للرجال وصعوبات وإحباطات للنساء

> «الأيام» بشرى العامري:

> تعد مهنة المحاماة من المهن الشاقة التي ظلت حتى أوائل التسعينات من القرن الماضي حكرا على الرجل دون المرأة ، ولكن المرأة اليمنية بطبعها تعشق التحدي وتطرق باب المستحيل دون تردد أو خوف ومهما تعثرت تعاود الكرة حتى يكتب لها النجاح وتفتح المجال المحظور عليها ليصبح مفتوحا لكل بنات جنسها.

وفي هذا الصدد التقت «الأيام» بعدد من المحاميات لتنقل معاناتهن وطبيعة عملهن والصعوبات التي واجهتهن وكيف كانت نظرة المجتمع لهن.

صعوبات وإحباطات

أجمعت المحاميات على أن الصعوبة في ممارسة المرأة لهذه المهنة كانت أكثر في المحافظات الشمالية لطبيعة الأعراف والتقاليد ولانتشار الأمية في هذه المناطق، أما المناطق الجنوبية فإن المرأة كانت أكثر تحرراً من نظيرتها في المناطق الشمالية، فلم تجد تلك الصعوبة ولكن بعد الوحدة واجهت صعوبة في ممارسة مهنتها خصوصا في المناطق الشمالية، وحاول المجتمع تقليص دورهن في القضايا الشخصية والأحوال المدنية، ولكنهن لم يكتفين بذلك بل ازددن إصرارا، وبدأت المرأة في الشمال تنخرط الى جانبهن حتى أصبح شيئا شبه مألوف أن تجد امرأة تقف في ساحة المحكمة تترافع في أي قضية أكانت جنائية أو شخصية أو حتى تجارية وتخوض غمار المحاماة حتى النخاع لتكسب قضيتها لصالحها وتخرج منتصرة مثبتة وجودها.

< وعن سبب اختيارها لهذه المهنة تحدثت المحامية سهام مقبل الشاوش، محامية مترافعة أمام المحكمة العليا منذ 13 سنة قائلة: «لم تكن أمنيتي في يوم من الايام ان أصبح محامية ولكن ظروف المعيشة دفعتني للانخراط في هذا العمل فأصبحت محامية»

< وشاطرتها القول المحامية نجلاء الخزان - مترافعة أمام المحكمة الاستئنافية خريجة كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء وحاصلة على البطاقة الاستئنافية - ولكن بشكل آخر حيث قالت: «لم تكن أمنيتي يوما ما المحاماة، حيث كنت أريد أن التحق بكلية الآداب قسم انجليزي، ولكن عند الاختيارات في أثناء التسجيل للجامعة كتبت الاختيارين وفوجئت بقبولي في الشريعة والقانون».

< وخالفتهن الرأي المحامية هناء علي كامل، وهي خريجة كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء وحاصلة على البطاقة الابتدائية، حيث ذكرت أنها منذ نعومة أظفارها وهي تحلم بأن تصبح محامية وكانت كثيرا ما تحاول أن تتقمص شخصية المحامية أمام مرآتها في كثير من ألعابها، وكبرت وكبر معها حلمها حتى اقتنع كل من حولها أنها لا تصلح إلا ان تكون محامية.

< وعن الصعوبات التي واجهتهن في دراستهن أو ممارستهن العمل تحدثت المحامية نجلاء محمد، مديرة الدائرة القانونية باتحاد نساء اليمن قائلة: «لم أجد اي تشجيع من الأهل أو ممن هم حولي وكانت دراستي في نظرهم لأخذ الشهادة لا أكثر ولا أقل، وعند تخرجي لم يسمح لي بممارسة مهنة المحاماة ولم يكن لدي خيار آخر سوى أن أدرس عاما كاملا، ثم عندما وجدت الطريق بدأ بالتمهد قليلا أمامي انخرطت في العمل وحتى الآن لم أترافع أمام المحكمة، ولكني أحضر حاليا بعض الإجراءات وأكتب ما أراه وأستأنف بعض القضايا وتمديد الجلسات».

وأجمعت المحاميات على أنهن لم يجدن صعوبة في الدراسة لكونهن لم يكن أوائل من التحقن بكلية الشريعة وكلية الحقوق، وكان الأمر عاديا في الجامعة ولكن واجهتهن صعوبات عديدة عند ممارستهن العمل في ساحة المحاكم، فقد ذكرت المحامية هناء ذلك قائلة: «إن مكمن الصعوبة في ممارسة العمل نفسه كمحامية وأنا أعتقد أنه إذا كانت مهنة الصحافة هي مهنة المتاعب فإن مهنة المحاماة هي أم المتاعب.. فهي مهنة جديدة على المرأة، وهناك مشاكل عديدة تواجهنا في المحاكم ومن القضاة والموكلين، ولكني أحاول تجاوز كل هذا بصبر وتفاؤل وأحاول دائما في قضاياي أن أستند إلى مواد قانونية صريحة خصوصا إذا ما كان القاضي أو الخصم غير نزيه في حكمه ومرافعته، فالقضاء يوجد فيه النزيه والمحترم صاحب المبادئ ويوجد فيه غير النزيه وغير الشريف، وهذا عندما نواجهه بالادلة الواضحة والقوانين القاطعة لا يستطيع فعل شيء مهما قويت شوكته».

< ووافقتها في ذلك المحامية نجلاء الخزان بقولها« لم تكن أسرتي مقتنعة بعملي كمحامية ووالدي كان رافضا تماما لعملي ولكن ما أن حددت خطواتي وبدأت العمل وبدأت تظهر الايجابيات لعملي حتى اقتنعت أسرتي بكوني محامية وأصبح والدي يفتخر بي أكثر من إخوتي الذكور كوني ناجحة في عملي».

< وأضافت الى ذلك الحديث المحامية نهى علي حزام ، من محافظة عدن، تترافع امام محاكم الاستئناف وتمارس المحاماة منذ عام 1997م حيث قالت: «كنت خريجة حقوق ولم يكن لدينا أي مجال لممارسة الدراسة التي درسناها غير اللجوء للمحاكم، ومع الممارسة والعمل في المحاكم أحببت المحاماة واستمريت فيها. ومهنة المحاماة صعبة جدا جداً وتحتاج إلى أن تحبها، ومن كثرة صعوبتها ازداد حبي لها وتعلقي بها حتى ولو وجدت عملا آخر أحب أن أظل متواجدة في المحاكم.

ونحن المحاميات أيضا نجد صعوبة في بعض الأحيان من بعض المحامين حينما نقف كخصوم، فأحيانا يكون المحامي الخصم كرجل يتعاطف معه القاضي خصوصا إذا كانت هناك معرفة بينهما أو علاقة أو أن هذا المحامي يذهب الى القاضي ويخزن معه في بيته أو في مكتبه ويتفق معه بكل شيء لنفاجأ بأن كل شيء مرتب بينهما ويكون موقفنا حينها ضعيفاً.

وهناك أيضا الظروف المعيشية الصعبة للمحامين والمحاميات على حد سواء، التي أحيانا لا يستطيع مواجهتها، لأنه يعتمد في معيشته على الأتعاب التي يجنيها من الموكلين وأيضا يأتي فترة خصوصا إذا كانت القضية صعبة تحتاج إلى جهد أو إذا كان الطرف الثاني أو القاضي يستخدم كل نفوذه في هذه القضية وانتهت لصالح الخصم دون مبررات وبأسلوب ملتو تضيع كل الجهود المبذولة فإن هذا يؤدي الى الشعور بالإحباط والهزيمة لأن المحامي يعطي إحساسه وشعوره ووقته وجهده وماله في هذه القضية وحياته أيضاً ثم يخسر هذه القضية».

< وأكملت حديثها بنفس الوتيرة المحامية نجلاء الخزان قائلة: «أحيانا تمر علي لحظات أشعر فيها بالإحباط سواء أثناء التدريب أو أثناء العمل وهذه ليست لحظة أو مرة ولكنها أيام، والسبب في ذلك أنه أحيانا تواجهني أشياء تكون واضحة أمامي ثم افاجأ بأن كل شيء تغير وأحيانا اكون مقتنعة بشيء معين انه صحيح وأجد أن الخطأ هو الحاصل أمامي وعندما أصاب بالإحباط أصل أحيانا إلى حد إغلاق مكتبي. هناك أزمات تحدث أيضاً نتيجة مشاكل في العمل تحدث بسبب بعض القضايا، ولكني مازلت مقاومة حتى الآن».

< وتطرقت المحامية سهام إلى صعوبات أخرى تواجهها هي وزميلاتها وزملاؤها المحامون أيضاً حيث قالت: «مهنة المحاماة هي مهنة الصعوبات، حيث إن المحامي لكي يصبح محاميا جيدا يجب أن يوجد لنفسه رصيدا أو سمعة طيبة في هذه المهنة، وذلك يتطلب منه بذل جهد كبير والوقوف أمام الصعوبات التي تواجهه في بداية عمله ، حيث إن المحامي احيانا لا يجد من يقف معه ويدعمه في بداية طريقه وبالذات نقابة المحامين التي لا يوجد فيها أي أسس أو نظام في كيفية حماية المحامي، فمثلا عندما يكون المحامي لا يزال تحت التدريب أو التمرين لا يوجد أي شيء يحميه أو يحدد علاقته مع المكتب الذي يتدرب فيه ويضمن له حقه من حيث المردود الذي يفترض أن يجازي به نتيجة عمله في هذا المكتب، وهذا يؤدي الى وقوعه تحت جشع أغلب كبار المحامين الذين لا يعترفون بأي حق للمحامين تحت التدريب الذين لديهم ويجعلونهم يعملون مجانا، وأحيانا يستمر هذا العمل لمدة طويلة في تلخيص القضايا والذهاب إلى المحكمة للمعاملات واستكمال الإجراءات وأحيانا للقاء الموكلين والخصوم وقد يعد المحامي المتدرب القضية من بدايتها الى نهايتها ليكتفي صاحب المكتب بالترافع فقط أمام المحكمة وتقاضي الأتعاب التي قد تكون كبيرة ولا ينال منها المحامي المسكين شيئا. وبعض أصحاب المكاتب يعطون مبالغ زهيدة جدا كمواصلات ومبالغ رمزية تشجيعية من باب المساعدة فقط ويعتقدون أنهم بذلك أرضوا ضميرهم ولا يتركون ذلك المحامي إلا وقد سئم العمل على هذه الوتيرة وبدأ بالعمل لحسابه ليحاربوه بكافة الوسائل والطرق ويحاولوا إحباطه وثنيه عن العمل مرددين عبارة «ربيتك يا ثوري وتنطحني» وهناك ايضاً الإحباط نتيجة المماطلة في بعض القضايا وعدم البت فيها والحكم السريع الذي قد يصل احيانا الى سنين عديدة».

لأول مرة أمام المحكمة

< وعن الوقوف لأول مرة أمام القاضي للترافع تحدثت عن هذه التجربة المحامية نهى حزام قائلة: «ذهبت الى المحكمة في اليوم الأول وأنا متهيبة لما سيحدث لي لدرجة أني لم أعرف كيف أدخل باب المحكمة وأين سأجلس وماذا سأقول وكان خوفي حينها شديدا ولا يوصف ولكني كنت قبلها اسأل المحامين والمحاميات كيف أتعامل مع القاضي الذي سأقف أمامه كمحامية مترافعة وما هي الخطوات التي يجب أن أعرفها أو أتخذها لأنال انتباهه وتدريجيا ومع التعود زال هذا الخوف».

أما المحامية نجلاء الخزان فقد تذكرت أول يوم مبتسمة وهي تقول: «فكرت يومها مرارا أن أهرب وأختفي وكنت ألوم نفسي كثيرا لأني التحقت بهذه المهنة ولكني بعدها هدأت وأقلعت عن فكرة الهروب وأصبحت اتوق دوما إلى الوقوف أمام المحكمة والترافع».

قضايا متنوعة

وعن نوع القضايا التي عادة ما يترافعن فيها اختلفت كل واحدة منها في نوعية القضايا التي تحبذ العمل فيها وتجد المتعة فيها دون غيرها ولأسباب معينة، فالمحامية نجلاء الخزان قالت إنها تحبذ القضايا التجارية معللة ذلك بقولها:«سبب تعاملي مع القضايا التجارية لاني من خلالها أتعامل مع اناس عاديين لديهم وعي أفضل وأستطيع ان أتعامل معهم بشيء من الاحترام والليونة بعكس القضايا الجنائية والمدنية التي يختلف فيها الأشخاص ومزاجيتهم واعتقاداتهم ونظرتهم للمرأة، وبخاصة إذا كانت محامية.

وهناك أحيانا صعوبات أخرى في التعامل معهم ففي إحدى المرات جاءتني قضية وكان فيها أتعاب كبيرة وكانت مرسلة من شخص عزيز علي وعندما جلست مع صاحب القضية كان من إحدى القبائل وكان متعصبا وكبيرا في السن ويتحدث بلهجة غريبة لم أفهمها وحاولت مرارا معه ولكن بعد نصف ساعة أو أكثر لم أفهم من كلامه كلمة واحدة وتخليت عن هذه القضية فورا، وأحيانا يأتي موكلون بأشكال مختلفة لا أستطيع التعامل معهم أو حتى مجرد التفاهم، لذا ففي نظري أن المحاكم التجارية تكون أكثر تنظيما وأقل مشاكل وهناك نقطة أخرى ايضاً هي أن المحاكم التجارية نوعاً ما أكثر نزاهة من المحاكم الأخرى وخصوصا القضاة وهذا من تعاملي معهم وحسب ما أراه».

بينما تفضل المحامية نهى القضايا الشخصية وخصوصا القضايا النسائية وما يتعلق بالأحداث.

واختلفت معهن المحامية هناء كامل في حبها للقضايا الجنائية معللة ذلك بقولها: «أعمل كثيرا في هذا النوع من القضايا فهي تشدني كثيرا وأجد أنها مشوقة ومثيرة وغير مملة كما هو الحال في القضايا التجارية».

قضايا مؤثرة

وعن أكثر القضايا تأثيرا في حياتهن والتي صنعت بصمة واضحة في مسيرة عملهن وتركت آثارا لا تمحى على حد قولهن، تحدثت عن إحداها المحامية هناء كامل قائلة: « طلب مني ذات مرة أن أقدم المساعدة لشخص معين في قضية هتك عرض لولد وبنت، وكانت ملابسات القضية أن الشرطة او العسس قد قبضوا عليهم وهم مارون في الشارع في وقت متأخر من الليل، وهذا كمبدأ ليس هتك عرض فهتك العرض واضح في القانون وهو أن يكونا في مكان مغلق يمارسان الفعل الفاضح، ولكن الشرطة التي قبضت عليهما نظرت إليهما كمتهمين مدانين وكان شيئا جيداً أني استطعت إخراجهما خلال يوم واحد وسط تجهم رجال الشرطة».

أما القضايا التي تؤثر كثيرا في المحامية نهى فهمي بحسب قولها: «القضايا التي تترافع فيها عن زوجات ظلمهن أزواجهن واضطهدوهن وتكون الزوجة تريد أن تنهي حياتها الزوجية للضرر الذي يلحق بها من زوجها مما يجعلها لا تطيق الحياة معه، وللاسف لا تجد كمحامية شيئا ملموسا تستطيع به طلب الطلاق فتضطر في النهاية للخلع لإصرار الزوج على عدم الطلاق وذلك لتسقط حقوق تلك الزوجة المسكينة والتي تكون في أحيان كثيرة محتاجة جدا لكل حقوقها ويهينها زوجها لأجل ذلك».

أما المحامية نجلاء محمد فقد تحدثت عن قضيتها المؤثرة قائلة: «بحكم عملي في اتحاد نساء اليمن أحيانا اقوم بنزول ميداني للسجون وقد تأثرت في إحدى القضايا عند اطلاعي على ملفها واستغربت من حكم القاضي الذي شعرت معه أن فيه إجحافا كبيرا للمتهمة وهذه القضية في فترة من الفترات أثارت الرأي العام وانتهت بحكم لم استطع أن أفهم وجهة نظر القاضي فيه وفعلا أثرت فيّ كثيرا خصوصا عندما التقيت بتلك المتهمة».

قضايا خاسرة وناجحة

وعن قضايا ترافعن فيها وتوقعن الخسارة وانقلبت الموازين لصالحهن تحدثت المحامية نجلاء الخزان قائلة: «هناك قضية واجهتني لم أكن أتوقع فيها الخسارة ولكني توقعت أن تطول في أروقة المحاكم وكنت قلقة بشأنها وكانت المفاجأة أن صدر الحكم فيها لصالحي في أربع جلسات فقط وخلال شهر واحد مع أنها من نوع القضايا التي يطول الحكم فيها لأكثر من سنة، وكان الموقف أيضا في القضية ليس لصالح موكلي وكان محامي الخصم أيضاً لا يستهان به ولكن في ليلة المرافعة الأخيرة قرأت القوانين كاملة وخاصة القانون المدني وقرأت مادة كانت مخفية خلف الصفحة في الأخير، وكانت هذه المادة لصالح موكلي بشكل واضح وصريح قلبت المعايير كاملة في المحكمة وعلى إثرها كان الحكم لصالح موكلي».

وذكرت المحامية نهى أيضاً قضية أخرى تفاجأت بنجاحها السريع قائلة: «كانت قضية في الاحوال الشخصية وكانت الزوجة مصرة فيها على الطلاق ولم يكن لدي أسباب ممكن أن يقتنع بها القاضي ويحكم بالطلاق، وكان الزوج متعنتا قبل رفع الدعوى وكان شديد الغضب وتوقعت أن القضية قد تطول وتعرض وقد يجد فيها محامي الخصم مخارج كثيرة وساضطر أخيرا فيها إلى الخلع، ولكن في أول جلسة كان الزوج متفهما كثيرا ووافق بسرعة على الطلاق دون تنازل من موكلتي عن شيء من حقوقها».

وعن حدوث العكس في قضايا أخرى كن قد توقعن تحقيق النجاح فيها وتفاجأن بالخسارة، وعن أسباب ذلك تحدثت المحامية سهام الشاوش قائلة: «هناك قضية مهمة في نظري كنت فيها محامية عن جمعية حماية المستهلك حيث قامت برفع قضية على الهيئة العامة للكهرباء تتعلق برفع فاتورة الكهرباء وعدم موافقتها مع دخل المستهلك وعدم صيانة محطات الكهرباء وتضرر المستهلك بالانقطاع المستمر للكهرباء الذي يسبب ضررا للمواطن وللاجهزة الكهربائية التي يستخدمها وكذلك عدم القراءة الصحيحة للعداد، وقد كسبت هذه القضية أمام المحكمة الابتدائية ولكني خسرتها أمام محكمة الاستئناف وقد شعرت فعلا خلال هذه القضية أن الحكم كان فيها غير عادل بالرغم من أنها كانت قضية عادلة».

أما المحامية نجلاء الخزان فقد ذكرت قضية أخرى مماثلة قائلة: «ليست كل قضية تعرض علي أقبلها وهناك قضية ترافعت فيها وكنت متأكدة أنها ناجحة وتفاجأت بالخسارة، وكانت هذه هي القضية الوحيدة التي خسرتها منذ أن فتحت مكتبي وصدر فيها حكم ضد موكلي، وكنت متوقعة الحكم فيها لصالحه بنسبة 90% ومازالت القضية امام محكمة الاستئناف وأتمنى أن يكون الحكم فيها عادلا ولصالح موكلي، وسبب خسارتي فيها أن موكلي لم يكن حريصا على أن يقدم الادلة كاملة في الوقت المطلوب منه وأيضاً كانت الاجراءات تسير بطريقة غير صحيحة مع أن القضية كانت واضحة ولم تعط المحكمة الوقت الكافي لموكلي لتنفيذ بعض متطلباتها والتي كانت تحتاج الى وقت أكبر».

أما المحامية هناء كامل فقد واجهتها قضية من نوع آخر تحدثت عنها قائلة: «لم يحدث لي حتى الآن أن ترافعت في قضية وخسرتها، ولكن هناك قضايا ترافعت فيها وشارفت على النهاية لصالح موكلي أو موكلتي ويكون الحكم فيها بالطلاق ثم افاجأ بالزوجين يتراجعان ويصطلحان ويعودان لبعضهما، وهذا يفضي إلى أن قضايا الأحوال الشخصية تجعل المحامي مهما كان بارعا يتبع رغبات الزوج والزوجة وليس إرادته كمحام، فتكون الزوجة أحيانا تريد الطلاق أو الخلع وتكره زوجها ولا تريده ولكن ما ان أجتمع بهما في جلسة واحدة حتى أجدهما يريدان الصلح ويعودان لبعض أو يتفقان فيما بينهما على قضية الطلاق دون محاكم.

أوجه القصور في القانون

وعن أوجه القصور في القانون اليمني من وجهة نظرهن تحدثت المحامية نجلاء محمد عن وجود قصور في قانون الأحوال الشخصية وخصوصا في قانون الجنسية وبعض المواد التابعة له وبخاصة فيما يخص المرأة.

واتفقت معها المحامية نهى حزام في وجود قصور أكبر في قانون الاحوال الشخصية وخاصة فيما يخص الزوجة عندما يتم طلاقها أو خلعها من زوجها بعد عشرة طويلة تخرج خلالها صفر اليدين وتضيع أبسط حقوقها التي منها حق السكن والنفقة وما إلى ذلك، وهناك أشياء جيدة في قانون الأحوال الشخصية ذكرت منها قائلة: «ألاحظ فيه ميزة بوجود حق الطفل في النفقة والحضانة وجعله حقا له وليس لغيره ولكن للاسف هذا لا يطبق».

وتمنت المحامية نجلاء الخزان تعديل هذه القوانين معللة ذلك بقولها: «أتمنى فعلاً ان تعدل قوانين الأحوال الشخصية خاصة فيما يتعلق بالمرأة والحضانة لأنها قوانين مجحفة بحق المرأة وخصوصا قضايا الحضانة بعد الطلاق، والشرع كان واضحا بتخيير الطفل عند سن معين بين الأم والاب وإلى الآن أرى قضايا تمثل أمام القاضي ويكون الطفل فيها لم يتجاوز الأربع أو الخمس سنوات ويطلب القاضي من الأم التنازل عن الحضانة في مقابل الطلاق أو الفسخ لها ..

هذه مشكلة كبيرة في عدم تطبيق القانون وأتمنى أيضاً أن يمدوا في عمر الطفل بحيث يصبح تسع سنوات والفتاة اثني عشر عاما ليتم تخييرهما وهذا لا يعمل به أبدا في أي محكمة وأتحدى أي قاض أو أي شخص يقول إنه يحكم أو يعمل أو عمل بهذا النص وهو نص شرعي مستمد من ديننا الإسلامي».

واردفت المحامية نهى حزام قائلة: «هناك قوانين ممتازة وجيدة وأفضل من قوانين أخرى لدول أخرى ولكن المشكلة تكمن في نزاهة القضاء فهناك مجاملات ومحسوبيات كثيرة جدا في القضاء وهنا يأتي دور المحامي الذي يعطي القضية حقها ويجبر القاضي وعضو النيابة والمحامي الخصم على أن يطبق القواعد القانونية بحذافيرها ويحاول تقييده قانونيا بحيث لا يجد ثغرة لأي قاعدة قانونية مهما كانت المحسوبية».

وتمنت أيضا المحامية هناء كامل أن يكون هناك اهتمام كبير بقضايا الأحداث وتطبيق القانون الخاص بهم، لأن القانون جيد ولكن للاسف لا يتم تطبيقه، وأكدت المحامية سهام الشاوش أن تنفيذ القضاء للقوانين هو ثمرة الأحكام ولكن للاسف في بعض الاحيان لا يتم تنفيذ هذه الاحكام التي تصبح حبرا على ورق.

وأخيراً

نصحت المحاميات كل من أراد طرق مهنة المحاماة من الذكور والإناث على حد سواء بضرورة الصبر والشجاعة وكثرة الاطلاع والاختلاط بالناس على كافة المستويات، وخصصن المحاميات بضرورة أن يمتلكن القوة والجرأة واللباقة في التعامل مع الآخرين، فالفتاة المستحية لا تستطيع الاستمرار في هذه المهنة، فالقوة والجرأة ضرورية لتستطيع مواجهة المحكمة خاصة ونحن في مجتمع فيه اناس لديهم نوع من لحقد أو الحسد قد يقف بجانبها ويساعدها ولكنه يحاربها من خلفها بشتى الوسائل والطرق.

ونوهن بوجود وعي بدأ يظهر في المجتمع لتقبل المرأة المحامية وأحيانا يكون اكثر من نظيرها المحامي بسبب تصرفات بعض المحامين اللا أخلاقية، فاحيانا يطلب المحامي من موكله حق مواصلات وأن يأتي لأخذه إلى المكان الفلاني وإلى المحكمة ويطلب منه (تخزينة) لأكثر من يوم او شراء نوع غال من القات وإحضاره الى منزله أو مكتبه حتى تنتهي القضية، وهذا يكون خارج حساب الأتعاب، فيفضل صاحب القضية اللجوء إلى محامية لأنهن لايطلبن أي طلبات خارج أتعابهن المحددة سلفاً، وعلى المحاميات توظيف ذلك جيدا لصالحهن ليثبتن وجودهن أكثر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى