كثر الحكوك يسيل الدم!

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
في وقت متأخر من الليل في ليلة من ليالي هذا الاسبوع كانت مجموعة من رجال المرور تقطع الطريق المقابل لمدرسة البادري في كريتر بسيارة من سياراتها ذات العلامات المميزة.. استوقفني ضابط من المجموعة وهو يرشح (يعرق) من كل عرق في عز شتاء عدن الحنون.. وسألني بدون أي مقدمات أو مؤخرات وهو يشير إلى زملائه المروريين الذين كانوا يخططون الطريق بالرنج الابيض في مكان مخصص لمرور المشاة أمام بوابة المدرسة بالضبط بدلاً من الخطوط السابقة التي لم تكن في مواجهة بوابة المدرسة بالزبط زي الخطوط الأخيرة هذه التي يعملون عليها.. وبسبب ذلك كان وقت خروج ودخول الطلبة إلى المدرسة يتسبب في ارباك حركة المرور وتعطيل السير واحياناً تحدث بعض الحوادث المرورية.. سألني- كما قلنا- الأخ ضابط المرور - والله ما عاد اناش داري هل كان ضابط أو صف ضابط أو عسكري لكن هذا مش مهم المهم أنه كان يتحلى بالأخلاق العالية والأدب والإخلاص لعمله- قلنا انه الأخ سألني:«كيف تشوف بالله عليك؟ هل هذا الشغل هو من اختصاصنا» ومد يده لكي أشوف بقع الرنج في يديه وأشار إلى زملائه لنفس الغرض، بصراحة أنا بقيت محتار ومش فاهم وكذا زي الأهبل وجلست أتذكر.. وحسب علمي أنه رنججة وتخطيط الطرقات والشوارع كان من اختصاص الأشغال العامة والطرقات لكن هذا كان من أول وكم مرة تتغير الأسامي وتتحول الوزارات واختصاصاتها.. وما عاد دريتش أيش أقول لأخينا المروري المحترم لأنه من كثر التغييرات بلكي يكون تشخيط ورنججة الطرقات قد أصبح من مسؤوليات رجال المرور.. وكان لازم أرد له جواب على هذا الاساس فقلت له انه حسب علمي كان كذا وكذا لكن اذا في أي تغييرات تجعل من هذا الشغل من مهام شرطة المرور فأنا ما ليش علم بها البتة وحتى لا يفهموا من كلامي أي اعتراض أو تحريض على رفض ما يقومون به فضلت اللغة الديبلوماسية اللي تمشي ساحل ساحل.. قلت لأخي في العروبة والمرور:«اذا أنتم مش مقتنعين بالقيام بهذا العمل فما عليكم إلا الرجوع إلى قائدكم مدير المرور وهو حسب علمي شخص مرن ومتفهم». قاطعني الأخ ضباط المرور الذي كان يرنجج الطريق بقوله:«المدير حقنا تمام ويفهم وقد طرحنا عليه الموضوع عن ابتعاد خطوط المشاة على الطريق عن خط سير الطلبة وكذلك المخاطر التي يشكلها وارباك حركة المرور للسير وللسيارات وقام بالاتصال بالجهات المعنية أيام وراء أيام وأسابيع وشهور وهم عفلك أذن من طين والثانية من عجين.. ولما شفنا المسألة طالت واتطاولت افتهم لنا فعلاً انه ما با يحك لك جلدك مثل ظفرك.. فرأينا بالاتفاق مع الأخ مدير المرور أن نقوم نحن بالمبادرة ونتحول إلى مرنججين وننجز العمل بدل ما نجلس واكنين على الزمبلة حق المختصين اللي زي ما قلنا أنه ما لقيناش منهم إلا أذن من طين والثانية من عجين.. وزي ما تشوف قدامك الحمد لله باقي لنا قليل وبانخلص ولا با نراعي لزعيط ولا لمعيط».

نظرت إلى الطريق الذي تكلم عنه الأخ فرأيت فعلاً أن الخطوط الجديدة توشك على الانتهاء لتأخذ مكانها الصحيح على الطريق.. واحترمت روح المبادرة عند هؤلاء الشباب المخلصين من رجال المرور وأعجبت بعلاقة التفاهم بينهم وبين قائدهم وتمنيت أن تسود مثل هذه الروح وتتعزر في مختلف مرافق العمل من أجل تقديم أفضل الخدمات في المحافظة تحت قيادة الأستاذ أحمد محمد الكحلاني محافظ عدن والأخوة عبدالكريم شايف نائب المحافظ وأمين عام المجلس المحلي وكافة أعضاء المجالس وكذا مدراء فروع الوزارات.. والعبرة هي امتلاك روح المبادرة والمحافظة على أي خطوة على طريق تطوير محافظة عدن.

نحن انطلقنا من خطوط رنج لتحديد طريق المشاة وعبرة تنفيذه بروح المبادرة لكي نسير بأمان على الطريق الصحيح وما نجلس نراعي على السوم قدام الارض لما يجينا الصراب.. لأنه مثلما قال ضابط المرور ماحك جلدك مثل ظفرك.. لكن كل جهة عليها مسئولية تتنصل من تنفيذها بالأعذار وإذا قمنا بجولة في شوارع المدينة سنجد انه أكثر علامات تخريب الطرقات والأرصفة هي تلك التي تقوم بها جهات رسمية مثل هيئة الكهرباء وإدارة المياه وغيرها.. وهناك أصحاب مشاريع بناء من تجار القطاع الخاص لا يقصرون في الحفر والنكش والنبش في الطريق وعلى الرصيف.. وبعدما ينتهي غرضهم من الحفر والتخريب لا يستحون على أعمارهم ويعيدون رصف ما خربوه.. وتأتي في المقدمة إدارة أو وزارة أو هيئة الكهرباء.. وبعدها المياه.. ومن بعدهم أو حتى بالاشتراك معهم من هب ودب من أصحاب الهدم والبناء والحرث في أرصفة المرمر أو اسفلت الطريق.. لازم يلتزم كل من فعل أي شيء من هذا القبيل.. وكل من قطع شجرة في المدينة في أي طريق أو ممر أو زقاق بإصلاح ما أفسد وتعويض المدينة ما خسرته من جمال نتيجة فعلته.. وما نقدرش نقوم بمبادرات كل مرة لإصلاح ما يفسده الآخرون لأنه مش كل شيء يستحق أن ينطبق عليه مثل «ماحك جلدك مثل ظفرك» خاصة وأنه «كثر الحكوك يسيل الدم!».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى