> دغدغت الحملات الإعلامية التي سبقت الانتخابات عواطف الناس واستبشروا خيراً بما قيل من وعود تمثلت في القضاء على الفساد وإلغاء المركزية المفرطة وإبعاد رجال الجيش والأمن عن الشأن المدني ووقف السطو على الأراضي في المحافظات الجنوبية وتحسين المستوى المعيشي وتخفيض الأسعار وغيرها من الوعود الأخرى، ولكن الناس لم ترَ من كل ذلك شيئاً ملموساً على أرض الواقع، حتى الآن لم تتم محاسبة أي فاسد ولم تلغَ المركزية ولم يتوقف السطو على الأراضي في المحافظات الجنوبية ولم تتزحزح المعسكرات من المدن ومازال بعض رجالها يتدخلون في الشأن المدني وفوق هذا وذاك فالكذبة الكبرى كانت في الأسعار فقد ارتفعت بصورة مهولة وهي عكس ما وُعِدَ الناس به.. وفي هذا الصدد فقد كنت قبل عام في (كافيتريا) إحدى الدوائر الرسمية وكان سعر (السندويتش) البيض باَلسَّلَطَهْ فيها بـ25ريالا، وقبيل أيام مررت على (الكافتيريا) نفسها فوجدت أن سعر السندويتش ذاته قد وصل إلى 50 ريالا أي أن سعره قد تضاعف وزاد بنسبة 100% في أقل من عام. وهذا الموضوع ذكرَّني برسالة تلقيتها من طبيب يعمل في منطقة ريفية أشار فيها إلى أن إجمالي راتبه الشهري مع كل العلاوات 36000 ريال يدفع منه 12000 ريال إيجار سكن وللماء بالبوزة على حد قوله 4000 ريال ويتبقى معه 20000 ريال للغذاء والملبس والكهرباء والتعليم والضروريات الأخرى، وهو يعيش حالة بؤس وفقر مع أسرته، بينما يرى آخرين من المتنفذين يعيشون حالة ترف مع أن مرتباتهم قد لا تصل إلى مستوى راتبه كطبيب. وكنت أنوي أن أنصحه بتناول (سندويتشات) بيض مع طماطم وكوب شاي لثلاث وجبات في اليوم على أن يتم تحضيرها في البيت حتى يفرجها ربنا عليه، ولكن مع الأسف الشديد فقد وجدت أن مبلغ 20000 ريال لا يغطي تكلفة (السندويتشات) المعدة في البيت.

فعلى افتراض أن السندويتش يتكون من قرص خبز (روتي) وبيضة وقليل طماطم، فعند تناول أسرة مكونة من خمسة أفراد ثلاث وجبات منه يومياً ولمدة شهر فإن تكاليفها ستكون كالآتي:

البيض= 3 حبات ×25ريالا ×5 أشخاص ×30 يوما = 11250ريالا

خبز (روتي) = 3 أقراص ×10ريالات ×5 أشخاص ×30 يوما = 4500 ريال

شاي= 3 أكواب ×5 ريالات ×5 أشخاص ×30 يوما= 2250 ريالا

كيلو طماطم

لثلاث وجبات= يومياً 150 ريالا ×30 يوما = 4500 ريال

إجمالي التكلفة للثلاث وجبات للأسرة ولمدة شهر = 22500 ريال

مع التأكيد أن هذه التكلفة تقتصر على (السندويتشات) فقط دون أي شيء آخر. وتبين من الجدول أن مشكلة طبيبنا لم تحل حتى بـــ(السندويتشات) ربنا يكون في عونه. وسؤالنا كيف سيكون الحال بالنسبة لفقرائنا ومتقاعدينا الذين متوسط معاشهم الشهري أقل من 17000 ريال؟ وماذا سيحل بهم إذا استمرت الأسعار في الصعود مع بقاء معاشاتهم على حالها؟ والجواب يحمله عنوان المقالة.

وتعليقنا ربما السلطة تريد إشغال الناس بالجري وراء لقمة العيش وكأن الإنسان يعيش ليأكل، لا أن يأكل ليعيش أما الوعود في الحملات الانتخابية وما وصل إليه الحال فتذكرني بما يحكى عن شخص (زناط) قيل له ما آخر ما عندك؟ فقال من شدة الكذب: طرحنا الجمل في جراب ** ومن شوكة العلب سوِّينا مئة وألفين باب

هذا الكلام مقبول كمزاح أما الوعود والبرامج الانتخابية فليست تمثيليات كوميدية تعرض في المسارح أو المحافل العامة وليست ضحكاً على الذقون، بل التزامات يجب احترامها والوفاء بها، وإلا سنكون كذابين أمام شعبنا والعالم وبدرجة امتياز.

ونحن نؤكد مجدداً أنه إذا ما استمرت الأسعار في صعود مع بقاء الأجور والمعاشات على حالها فإن الوضع ينذر بفقر مـدقع ومجـاعة شنيعة، وربنا لطيف بعباده.

ü كبير خبراء ورئيس قسم الاحصاءات الأقتصادية بالأسكوا - الأمم المتحدة (سابقاً)

[email protected]