وتـلك الأيــام .. يا صباحاه يا عرب!!

> أحمد القمع:

>
أحمد القمع
أحمد القمع
من المعلوم أن المنطقة العربية كانت وما تزال منطقة تلاقح الحضارات وعرضة للتحولات السياسية الكبرى على الساحة العالمية ولم تكن في عزلة عما يجري على الساحة من مجريات وتقلبات.. ولهذا شهدت في عنفوان الثورة المركزية الأوربية عملية التقسيم إلى دويلات وطنية توزعت فيها الجماعات العرقية الواحدة في أراضي دولها المستقلة ذات السيادة. وسقطت فيما بعد في ظل الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي في فخ الثنائية وحمى الصراع والتنافس المحموم بينهما، وأصبحت كذلك تعاني من الثورة اللامركزية الجارية الآن في معظم أنحاء العالم.

وما يثير الاهتمام والاستغراب والقلق أن الثقافة السياسية السائدة في المنطقة العربية تعيد إنتاج التاريخ الطويل ذاته من عوامل الاستنكار والرفض والمقاومة للقواعد والمحددات التي تحكم نظام الاقتصاد العالمي ومنظومة العلاقات الدولية تحت مبرر الدفاع عن الهوية والوحدة العربية القومية والإسلامية في مواجهة الآخر الغازي الذي يستهدف تدمير تراث المنطقة وهدم كيانها الحضاري الموحد في الوقت الذي لم تسهم فيه هذه السياسات بالبناء المؤسسي للدولة وتذويب الهياكل القبلية والعشائرية والطائفية والأثنية عن طريق الاندماج الاجتماعي وتعميق حس الانتماء والولاء وشعور الوحدة داخل حدود الكيانات الوطنية الموسومة بالقطرية والتجزئة التي تشهد الآن للأسف الشديد حالات الاحتقان والانقسامات والعنف بين أبناء الوطن الواحد نتيجة للإحساسات والشعور بغياب الهوية الوطنية والبحث عن الذات والهوية داخل المكونات والهياكل السالف ذكرها.

إن ما يحكيه المشهد السياسي في كل الأوطان العربية عن المحاولات البائسة المعلنة وغير المعلنة لترميم ما عجزت سياسات النظم المتعاقبة عن إحداثه في بنية الواقع الاجتماعي والمعبر عنها فوقياً بالحاجة الماسة لحكومة وحدة وطنية يراعى عند تشكيلها تمثيل عناصر الهياكل المحتفظة بهوياتها وخصوصياتها يكشف مأساوية المفارقة من تعدد طرائق تفكيرنا لـ(الوحدة المتخيلة) وطنياً وقومياً وإسلامياً ووسائل دفاعنا عن وحدة كياننا الحضاري في عالم متغير يتجه صوب التكامل والاندماج والتوحد بموجب ما أملته ثورة المعلومات والتكنولوجيا.

يا لها من مفارقة مثيرة للقلق على مستقبلنا في المنطقة في مجرى عملية التحولات الجارية.. وياللاستغراب والعجب تمسك النظم الحاكمة بالمفاهيم الوحدوية المتوارثة التي لم ولن تفضي سوى إلى إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة بعد أن يكون الاحتقان الطائفي والعرقي قد بلغ ذروته ما لم تتم التسوية بترتيبات الحكم الفيدرالي أو الدولية المحلية كما تملي ذلك الثورة اللامركزية التي كان من المؤمل الاستفادة منها كعرب لما يخدم صالحنا في الوحدة والاتحاد بتحويل الدويلات إلى أقاليم أو ولايات لها حكوماتها المحلية وتحتكم جميعها إلى الحكومة المركزية.. ويا صباحاه يا عرب!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى