د. محمد عبدالملك المتوكل في ندوة حول اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية والتشريعات اليمنية:مشكلة كثير من دولنا العربية أنها تظهر تسابقاً لتوقيع الاتفاقيات ولكن في الواقع العملي تتحول حبرًا على ورق (1-2)

> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

>
الدكتورة جميلة الراعي تتحدث في الندوة
الدكتورة جميلة الراعي تتحدث في الندوة
عقد منتدى التنمية السياسية صباح أمس الاحد ندوة حول اتفاقيات حقوق الانسان الدولية والتشريعات اليمنية بتمويل من مؤسسة فريدريش ايبرت,وتم تقديم دراسة مقارنة حول الاعراف القانونية العالمية والقوانين اليمنية وحقوق الانسان في الشرعة الدولية والتي تم اعدادها من قبل الدكتور محمد عبدالملك المتوكل استاذ العلوم السياسية والحريات وحقوق الانسان قسم العلوم السياسية بكلية التجارة والاقتصاد جامعة صنعاء.

وقد تحدث الدكتور المتوكل حول ذلك قائلاً:

«الجمهورية اليمنية من الاقطار التي وقعت وصادقت على ما يقرب من جميع الاعلانات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان دون تحفظ يذكر وقد نص دستور الجمهورية في مادته السادسة بان الدولة تؤكد العمل بميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان، وبما ان دين الدولة هو الاسلام والشريعة الاسلامية مصدر جميع التشريعات كما تنص على ذلك المادتان 2،3 من الدستور فإن المصادقة على الاعلانات والاتفاقات الدولية من قبل الحكومة اليمنية والتأكيد في الدستور على العمل بها يعني ان هذه الاعلانات والاتفاقات لا تتعارض مع الشريعة الاسلامية مصدر جميع التشريعات وتبعا لذلك فإن جميع القوانين النافذة يجب ألا تتناقض او تتعارض مع الاعلانات والاتفاقات الدولية التي صادقت عليها الدولة وأكدت الالتزام بها في دستورها.. فهل هذا ما هو سار ومطبق في قوانين الجمهورية اليمنية.

مشكلة كثير من دولنا العربية انها تظهر كرما بل وتسابقا على توقيع مثل هذه الاتفاقيات والاعلانات لا اقتناعا بما تحويه وانما حرصا على ان تظهر دوليا بمظهر الدولة التي تحترم الشرعة الدولية وحقوق الانسان مادامت هي الموضة السائدة وهذه الدول مطمئنة انها من الناحية العملية لن تنفذ إلا ما تريد، ولمزيد من المبالغة في اظهار حسن النوايا فإنها كاليمن تؤكد في دستورها التزامها بذلك بل ولا مانع لديها من ان تصدر قوانين متطورة ورائعة ولكن كل ذلك في الواقع العملي يتحول الى حبر على ورق.. لان ما يجري في واقع الممارسة مختلف كل الاختلاف واذا ما تتبعنا هذه الازدواجية في التجربة اليمنية في الناحية التشريعية فسنجدها مجسدة بشكل خاص في قضايا ثلاث هي حرية العقيدة، المساواة، الحقوق السياسية والمدنية.

ففي جانب حرية العقيدة نجد ان اليمن من الموقعين على الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي ينص في المادة 18 على ان «لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه اومعتقده» وقد صادقت عليه اليمن وأكدت في دستورها على الالتزام به ولكن جاء قانون الجرائم والعقوبات الساري في الجمهورية اليمنية لينص في مادته 295 على ان «كل من ارتد عن دين الاسلام يعاقب بالاعدام بعد الاستتابة ثلاثا وإمهاله ثلاثين يوما».

وأشار ايضاً الدكتور المتوكل في جانب المساواة الى ان الدستور اليمني قد نص في المادة 41 على ان «المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة» كما نص في المادة 43 على حق المواطن في الانتخاب والترشيح.

حيث قال: «رغم ان هذه النصوص تؤكد على حق جميع المواطنين في المساواة في الحقوق والواجبات العامة وحقهم في الانتخاب والترشيح الا ان هناك مواد في الدستور نفسه تنتقص من حق المواطن غير المسلم فمثلا من يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية جاء في المادة 107 «ان يكون محافظا على الشعائر الاسلامية» واشترط الدستور في المادة 64 في من يرشح نفسه لعضوية مجلس النواب «ان يكون مؤديا للفرائض الدينية» والمقصود بالفروض الدينية هي فروض الدين الاسلامي وبذلك يحرم من الترشيح لعضوية مجلس النواب أي مواطن غير مسلم أو غير ملتزم بدين ولا يقف الأمر عند الترشيح لرئاسة الجمهورية وعضوية مجلس النواب بل يمتد الى حرمان المواطن غير المسلم او من لا دين له من ان يكون رئيسا للوزراء او نائبا له او وزيرا من الوزراء لان المادة 131 من الدستور تشترط ان تتوفر في هؤلاء الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس النواب وبذلك ينتهي حق المواطن غير المسلم او من لا دين له في ان يكون في منصب في هذه المناصب العليا. وهذا مخالف للاعلان العالمي لحقوق الانسان ويتعارض مع الحقوق المدنية والسياسية التي يؤكد عليها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكلها موقع ومصادق عليها من الجمهورية اليمينة والتي تنص على مبدأ المساواة في الكرامة والحقوق دونما أي تمييز في الجنس او اللون او العقيدة».

وفيما يخص المساواة بين الذكور والاناث في التشريعات اليمنية تحدث الدكتور محمد عبدالملك المتوكل قائلا:«بعد حرب الصراع على السلطة عام 1994م واختلال التوازن بين القوى السياسية والحزبية كان أحد ضحايا هذه الحرب دستور دولة الوحدة الذي أدخلت عليه تعديلات بعضها تعتبر تعديلات تراجعية ومنها تعديل المادة 27 التي اقتصرت بعد التعديل على تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات العامة دون اشارة الى رفض التمييز بسبب الجنس او العقيدة او غيرهما كما كانت عليه في دستور دولة الوحدة. وأوضح ان اختصار المادة كان عن قصد وسبق اصرار ويؤكد ذلك المواد المتعلقة بمن لا يلتزمون بالفروض الدينية او الشعائر الاسلامية وأكثر من ذلك ما جاء في المادة 31 من تقييد لحق النساء بما تكفله الشريعة وبحسب فهم المشرعين للشريعة حيث تنص على ان «النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهم من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون». وهكذا تم الفصل بين حقوق النساء وبين حقوق الرجال وتم التصرف في صياغة الحديث النبوي الذي نصه كما جاء في السنة:«النساء شقائق الرجال لهن ما لهم وعليهن ما عليهم».. واحالة قضية حقوق النساء الى الشريعة يعني احالته الى اجتهادات المشرعين وفهمهم للشريعة وقد انعكس هذا الاجتهاد على القوانين التمييزية المخالفة لمبدأ المساواة والعدل ومقاصد الشريعة كما يتناقض مع ما جاءت به الاعلانات والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان التي نص دستور الجمهورية في مادته 6 على الالتزام بها».

وفي جانب الحقوق السياسية والمدنية تحدث الدكتور المتوكل قائلأ:«ان الانظمة العسكرية التي قبلت باللعبة الديمقراطية هي نتاج ثقافة سلطوية كما هي نتاج مؤسستين بنشأتهما غير الديمقراطية: المؤسسة العسكرية والمؤسسة العشائرية او هما معاً ولهذا فإن مفهومها للعبة الديمقراطية انها الديمقراطية التي لا تغير مواقعها ولا تحد من سلطاتها ولا تؤثر على مصالحها وامتيازها ولا تتجاوز الخطوط الحمراء في نقدها، ولهذا فإن هذه الانظمة تتخذ من الاساليب والوسائل والاجراءات ما يجعل اللعبة الديمقرطية في هذه الحدود ومن أراد غير ذلك فعليه ان يتذكر ديمقراطية الصومال والعراق.

ان ألف باء الديمقراطية يتم اجراء انتخابات حرة نزيهة لا تأثير فيها على الارادة الحرة للناخب لا ترغيبا ولا ترهيبا وحتى يفرز الناس بإرادتهم الحرة المجالس التي تمثلهم في ادارة الحكم طبقا للدستور الذي ارتضوه وان تكون القوى المتنافسة متساوية ومتكافئة على الاقل بالنسبة للحق العام وكما نصت المادة الخامسة من الدستور.

ولكن ما يجري على ارض الواقع هو ان نجد أحزاب المعارضة نفسها لا تنافس حزبا وانما تتنافس مع الدولة بكل امكانياتها وسلطاتها وتجد ان الحزب الحاكم قد تماهى مع السلطة وكأنه أحد أجهزتها وتحت أمره كل امكانياتها وسلطاتها.

ومعروف ايضاً أي نوع من المجالس التشريعية يمكن ان تفرزها مثل هذه الانتخابات والتي بدروها تفرز اللجنة التي تدير الانتخابات وتشرف عليها، ورئيس الجمهورية رئيس حزب الاغلبية الكاسحة هو الذي يختار سبعة او تسعة من بين خمسة عشر اسماً رشحهم مجلس النواب او بالاصح الاغلبية الكاسحة وهكذا تتكرر اللعبة الديمقراطية وبمفهوم النخب الحاكمة اللجنة تكيف الانتخابات للمجلس، والمجلس بالاغلبية الكاسحة يختار اللجنة وهكذا دواليك.

جانب من الحضور
جانب من الحضور
والمشكلة الرئيسية ان القضاء الذي يمكن اللجوء اليه قضاء غير مستقل رغم النص الدستوري في المادة 149 التي تؤكد استقلال السلطة القضائية قضائيا وماليا واداريا ومجلس القضاء الاعلى هو السلطة العليا التي تعين القاضي وتعزله وتنقله وهو مكون من قيادات السلطة التنفيذية وحتى القضاة الذي يعينون فيه يعينهم رئيس السلطة التنفيذية ورئيس الحزب الحاكم ولهذا تجد المعارضة أن لا جدوى من رفع الدعوى بانتهاك الدستور الى قضاء مرهون بقرار من انتهكوا الدستور.

والقضية الاخرى الاحزاب نفسها وضعت تحت هيمنة لجنة الاحزاب التي تهيمن عليها السلطة التنفيذية التي يتولاها الحزب الحاكم ولهذا فاللجنة تتعامل مع الاحزاب طبقا لهوى السلطة وقد شهدت أحزاب المعارضة استقواء عليها بالسلطة وامكانياتها وقد عملت السلطة على شقها حينا وتجميدها حيناً آخر، وآخر مخترعات السلطة هو تشيجع حراس الأحزاب ومدهم بجنود من عندها للقيام بالاستيلاء على مقر الحزب، كما حدث مع اتحاد القوى الشعبية وتم عن طريق الاعلام ولجنة الاحزاب ايقاف صحيفته الشورى التي تجاوزت الخطوط الحمراء في النقد حول المختطفين من المال العام، وعن طريق لجنة الاحزاب لإصدار صحيفة بنفس الاسم والترويسة.

وتستخدم الوظيفة العامة سواء للترغيب للانضمام للحزب الحاكم او للترهيب بالفصل والحرمان للمعاند، وأحد مطالب المعارضة هو إلغاء هذه اللجنة المنحازة ويترك لمجلس الشورى المنتخب من المحافظات بالتساوي حق الاشراف على الاحزاب جميعها وعلى المؤسسات المطلوب حيادها كالاعلام والخدمة المدنية والحكم المحلي».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى